“رواتب الوزراء” تفضح فلسفة الانقلاب بالضحك على الفقراء

- ‎فيتقارير

أثارت قرارات سلطات الانقلاب بزيادة معاشات الوزراء ورئيس مجلس النواب، ردود أفعال غاضبة في الشارع المصري، خاصة الغلابة، الذين يرفض النظام زيادة رواتبهم ومعاشاتهم المتدنية رغم حالة تفاقم أحوالهم المعيشية .

وأعرب البدري فرغلي رئيس اتحاد أصحاب المعاشات أن قرار مجلس برلمان العسكر بزيادة معاشات الوزراء والمحافظين سيكون له مردود عكسي شديد للمواطنين في قاع المجتمع المصري الذين تطالبهم الحكومة بمزيد من التقشف، خاصة بعد رفضها تنفيذ حكم القضاء المصري الذي حكم لأصحاب المعاشات بـ 80% من العلاوات المتأخرة وهي بذلك تكيل بمكيالين .

وأضاف البدري في تصريحات صحفية، أن الحكومة أخطأت في طلب تلك الزيادة في وقت تعاني فيه من ارتفاع حجم التضخم في ميزانيتها، وقيامها برفع الأسعار على السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن البسيط، هذا بخلاف الزيادة المتوقعة خلال الفترة القادمة، والتي تتبع تنفيذ شرط البنك الدولي بإلغاء الدعم الكلي عن المحروقات، وفي ظل مطالبة موظفي الدولة لها بزيادة مرتباتهم .

وأوضح البدري أن من أصدر هذا القرار عليه أن يتحمل مسئوليته، لأنه قرار غير دستوري أو قانوني، فكيف يحصل الوزير أو المحافظ على معاش يتراوح بين 30 إلى 40 ألف جنيه عن مدة خدمة لم تتجاوز العام في بعض الأحيان وهو موظف عام، متجاهلا ما يتقاضاه الوزير أو المحافظ من أموال الصناديق الخاصة ومجالس إدارتها أثناء فترة منصبه.

حكومة حرامية

فيما تساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل، عن السبب الذي لا يضاعف من أجله سلطات الانقلاب رواتبهم ومعاشاتهم وهم مجموعة من القراصنة، خطفوا سلطة ووطناً، وراحوا يتقاسمون الغنائم، مثل أمراء الحروب؟ مشيرا إلى حكاية رواها القيادي العمالي، والنائب اليساري، البدري فرغلي، في حوار متلفز عن قصة قانون تم طبخه سريعاً، بعد حادثة السطو على السلطة المنتخبة في الثلاثين من يونيو 2013، بناء على طلب من أسماهم “الوزراء المتمردين”، للحصول على معاشٍ يعادل، في حده الأدنى، 80% من راتب الوزير، حتى وإن كانت مدة خدمته شهراً واحداً.

وكشف البدري الذي كان مع الرجل الذي أعد لهم القانون أن هذا الإجراء، المخالف لكل الدساتير والقوانين والأعراف والتقاليد، تم إعداده على عجل، لإغراء الوزراء بالانخراط في أول حكومة انقلابية، ولكي يقبلوا العمل “في مواجهة العاصفة”، موضحا أننا أمام دليلٍ فاضح يسقط أية جدارة أخلاقية أو سياسية أو اجتماعية لذلك الذي جرى في ذلك الصيف قبل خمس سنوات، ويضعنا مباشرة أمام مجموعة من القراصنة، خطفوا سلطة ووطناً، وراحوا يتقاسمون الغنائم، مثل أمراء الحروب.

وقال قنديل خلال مقاله بصحيفة “العربي الجديد” اليوم الجمعة، إن هذا السلوك ينحدر في لا أخلاقيته إلى ما دون الانقلابات العسكرية، أو حتى الثورات المضادة، لتكتشف أنك بصدد عملية سطوٍ مسلحٍ وسرقةٍ بالإكراه، جرى تنفيذها لصالح ملوك وأمراء في الخارج، وقام بها مماليك، لقاء أموالٍ تدفقت عليهم بكثافة، مثل حبات الأرز، كما وصفها زعيمهم في تسريبات تسجيلاتٍ شهيرةٍ بينه وبين كاتم أسراره، وهما يتداولان في شأن استدرار مزيدٍ من ممولي العملية.

وأضاف أن قرار زيادة رواتب الوزراء والمحافظين، ومضاعفة معاشاتهم، ليس سوى استمرار لتلك الرغبة المسعورة في ارتحاق أموال الدولة حتى آخر قطرة، في مقابل مزيدٍ من سحق عظام غالبية الشعب بالضرائب والغرامات، والكفالات التي باتت تشكل دخلاً، ربما لا يقل عن دخل تفريعة قناة السويس الجديدة، بالنظر إلى تضخّم قوائم المعتقلين والمحبوسين ظلما، على نحوٍ بات عصياً على الحصر والإحصاء.

وأكد أننا أمام نوع جديد من الأنظمة، لا نظير له من الأنظمة التي عرفتها كتب التاريخ السياسي، قديمها وجديدها، منذ أرسطو والفارابي وفلاسفة العقد الاجتماعي، حيث لا يكتفي هذا النظام بالهيمنة على جميع موارد الدولة الطبيعية، والمنح والمساعدات فقط، بل يمارس سطواً وقرصنة على أموال معارضيه وممتلكاتهم، ويسنّ تشريعات المصادرة والاستيلاء، حتى أنه في آخر إحصائية رسمية معلنة في صحف النظام مايو 2016، بلغ حجم الأموال التي استولت عليها الدولة، من خلال ما تسمى “لجنة حصر أموال الإخوان” 35 مليار جنيه، إذ نشرت صحف عبد الفتاح السيسي خبراً منسوباً لمصادر اللجنة يقول “.. وذكرت المصادر أن اللجنة حصرت الأموال التى قامت بالتحفظ عليها من قيادات الجماعة الإرهابية، والتي تبلغ نحو 35 مليار جنيه، فضلا عن بعض الأصول والعقارات، ومن بينها مقار الجماعة وحزب الحرية والعدالة والمدارس”.

وأشار إلى أن الصحف ذاتها كانت تحتفل بنبأ ضبط نصف مليار دولار في منزل رجل الأعمال الإخواني، حسن مالك، وكل يوم تقرأ عن ملايين من الدولارات تتحفّظ (تستولي) عليها سلطات السيسي من شركات صرافة، تدّعي أنها إخوانية.

وأكد أن واقع الحال ينطق بأنه في هذه “الدولة اللصة” التي يقودها سربٌ من القراصنة تحولت السجون والمعتقلات إلى مصدرٍ هائلٍ للدخل القومي، يغطي كلفة الإجراءات القمعية في السجون والمعتقلات، وقاعات المحاكم وغرف التحقيق، من تعذيبٍ وإهاناتٍ، ويفيض بما يكفي لزيادة رواتب أجهزة القمع والتنكيل ومكافآتها، وأيضاً إقامة حفلات ومهرجانات، بما تتطلبه من سجاد أحمر ومطربين وراقصات وزمارين وطبالين، يستمتعون بسياحةٍ انقلابية وثيرة، على نفقة المساجين والمعذبين في السجون، لتتجاوز المسألة المعارضين والمخالفين للنظام، إلى مرحلة افتراس المواطن البسيط، لتغذية العاملين على خدمة مسيرة انقلاب الضباع الجائعة وتثمينهم، على نحوٍ يتفوق على ما تسرده كتب التاريخ عن أعتى عصور الإقطاع السياسي.