“سفّروا ولادكم يتعلموا بره”.. إلى من تذهب نصائح السيسي؟

- ‎فيتقارير

“قالي خليكي طموحة مع ولادك، سفريهم برا وعلميهم!”، بنبرة بالغة التأثر وبصوت متهدج بالعواطف ذكرت وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب الدكتورة هالة زايد، المتهمة بالفساد والتربح وتلقي رشاوى في مستشفى سرطان الأطفال، أن السفيه السيسي نصحها أن ترسل أولادها للتعلم في الخارج، فهل هذه هي الشريحة التي عناها السفيه عندما تحدث عن خطة للعسكر بتعليم نسبة قليلة من الشعب دون الباقي؟ وما مصير الفقراء الذين لا يستطيعون السفر ولو لخارج القاهرة؟.

ما قالته وزيرة الفساد الصحي ليس جديدا ولا سرًا يذاع لأول مرة، وإنما هو تطبيق للواقع الخطير، وترجمة لما يأتي في خطابات السفيه السيسي، فجنرال الخراب أفصح خلال خطابه في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ عن خططه لتحطيم مصر، وبعيدًا عن السخرية نجد أنفسنا أمام عدة رسائل هي الأخطر والأوضح منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي، وإن كانت أحاديث السفيه السيسي السابقة أشارت بشكل واضح إلى خطته التدميرية، كما أشارت أفعاله.

وبدلا من تهدئة الشعب الغاضب الثائر، الذي يتوعد أن يطيح به في ثورة جياع مقبلة، إلا أن إعلام الانقلاب وصحفه تؤكد أن البلد مقبلة على كارثة، وأن الانفجار آت لا محالة, إلا أن السفيه السيسي ألقى بكل ذلك وراء ظهره وأرسل عدة رسائل قوية، على لسان “هالة زايد”.

للعصابة فقط

التعليم سيكون للقادرين فقط، بل ولأبناء عصابة الانقلاب من جيش وشرطة وقضاء ورجال أعمال، ويزعم السفيه السيسي أنه لا يستطيع أن ينفق أبدًا على موازنة التعليم بهذه الطريقة، وأن موارد مصر كلها “قليلة” لا تكفي الإنفاق على تعليم الشعب كله, وأنه بعد مراقبته لعدة تجارب وبلاد تركت التعليم بالمجان، من بعد ذلك سيكون التعليم بالنفقات للقادر على ذلك.

والتجربة الأخرى والتي يتوقع خبراء أن يعتمدها السفيه السيسي، هي أن بعض البلدان تُعلم طبقة تعليمًا راقيًا، والبقية لا يهم أن تتعلم- هكذا قال نصا- وأن هذه الطبقة المتعلمة التي ستقود البلاد، وتأخذ بيد الطبقة الفقيرة الجاهلة وتتولى زمام أمرها، ومن هنا وضح أن السفيه السيسي لن يلغي مجانية التعليم فقط، بل سيجعله بتكاليف باهظة، وسيقتصر على الطبقة الحاكمة والباقي سيكون من الخدم.

لا مقام لكم!

تريد أن تتعلم عليك أن تسأل نفسك (منين وبكام)، هذا ما قاله السفيه السيسي، فليس كل مواطن سيذهب أولاده للمدرسة ثم يتعلمون تعليمًا عاليًا, ثم يثورون على القوات المسلحة يطالبونها بالرجوع لثكناتها، لن يكون هناك تعليم عالٍ لأبناء الفقراء والجهلة والباعة والإسلاميين، لن يكون هناك نخبة ولا ساسة ولا رموز (توجع قلبنا)، سيقتصر التعليم على عصابة الانقلاب فقط، وقبل أن تطالب بحقك في التعليم اسأل نفسك “منين وبكام”.

و”شعار منين وبكام” لن يقتصر فقط على التعليم في الفترة القادمة، بل سيقتصر على الحياة تحت ظل الانقلاب بوجه عام، هل تريد أن تعيش؟ اسأل نفسك أولا منين وبكام؟ ولا تطالب العسكر بشيء، فمصر التي يريدون أن تستقر في ذهنك هي فقيرة لن تستطيع تلبية احتياجاتك.

السنوات العجاف

السنوات العجاف بدأت بالفعل، ولذلك يخبر السفيه السيسي الشعب أنه ظل لمدة 10 سنوات ليس في ثلاجته سوى الماء، ونسي أن يخبرنا أي عشر سنوات من حياته، والرسالة واضحة جدا كما كانت رسالته واضحة عندما قال (أنا لو ينفع أتباع كنت بعت نفسي)، ومن وقتها وهو يبيع في مصر بالقطعة.

ويخبرنا السفيه السيسي أنه عاش 10 سنوات بلا طعام، فقط على عمليات البناء الضوئي كالنباتات، (ولم يتكلم) ثم يكرر (ولم أتكلم)، والسبب هو عزة نفسه واعتماده على نفسه كما يزعم, في حين تكذبه تسريبات أرز الخليج وهو يتسول من حكام الخليج الأموال، إلا أن السفيه السيسي أراد توصيل رسالة غاية في الخطورة أيضا، وهى أن السنوات القادمة من يجد الماء فليحمد ربه، وليس أكثر من الماء، ومن أراد أكثر فليسأل نفسه (منين وبكام).

تقسيم مصر

(لن أترك مكاني ولا يستطيع أحد أن يخلعني منه)، جاءت هذه الرسالة لكل من يقول إن سقوط السيسي اقترب، وبغض النظر عن أن المخلوع مبارك وغيره لم يكن يتوقع أن يطاح به في لحظات، وأن الله إذا أراد أمرًا هيـأ له أسبابه، إلا أن حديث السفيه السيسي الواثق رسالة قوية للبعض, (لا تتوقعوا أبدا أنني سأتخلى عن حكم مصر).

يقول السفيه: “القوات المسلحة هي المسئولة عن مصر وأمن مصر وحماية مصر”، وهو يقصد نفسه، كما أنها هي المسئولة عن توفير احتياجاتكم المعيشية، وإنشاء المصانع، والتجارة، الزراعة، وأيضا ستضرب وبقوة هي والشرطة من يحاول أن يتذمر أو يرفض أو يقف ضد مخطط السفيه السيسي.

وهذا ما يؤكد أن مصر انقسمت إلى شعبين، الأول القوات المسلحة بكل من حولها من رجال الانقلاب والنخب أو من وصفهم السفيه السيسي بـ”الطبقة الراقية”، الثاني بقية الشعب الذي قال عنه نصا “مش مهم”، لأن الطبقة الراقية هي التي ستقوده، ولم يتكلم السفيه بهذه الصراحة المطلقة قبل ذلك في نيته لتقسيم مصر لسادة وعبيد، إلا أنها خرجت من طور مجرد النية إلى حيز الفعل.

أعلن السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وبصراحة عن شكل مصر خلال الأعوام القادمة، فهل سننتظر أن يطبق فينا السيسي “حكمه” أم سنخرج لنعلن له أننا لن نكون عبيدا في أوطاننا؟