سيد الفطار وسيد القطار

- ‎فيمقالات

في سبتمبر 2016، تم عرض أحد الأفلام الهابطة للعسكر، حيث قام قائد الانقلاب وزير دفاعه آنذاك صبحى صدقى، قبل أن يتم التخلص منه، بتناول الإفطار مع أسرة بسيطة، في منطقة غيط العنب بالإسكندرية.
وظهرت مائدة الأسرة البسيطة،  مليئة بالزيتون والجبنة الرومى، وجبنة فيتا، وجبنة اسطنبولى، وحلاوة طحنية، وخيار وجرجير، وبيض مسلوق، وفلافل، وفول مدمس ومياه معدنية صافى. وحسب صورالإفطار، التى روجتها الشئون المعنوية للعسكر، فإن تكلفة إفطار الأسرة البسيطة، تزيد على 120 جنيهًا.
ولكن فيلم العسكر الهابط لم يقنع أحدًا، لأنه لايوجد غلابة في مصر، يأكلون جبنة رومي ويشربون مياه معدنية، ونوعين بيض مقلي ومسلوق، وفول وفلافل، وخيار وجرجير وحلاوة طحينية !!
وقد اشتملت مكونات وجبة الإفطار "البسيطة"، على حد وصف الإعلام المصري، على حزمتين من الجرجير، ونصف كيلو جبن أبيض، وربع كيلو جبن رومي، وبيض مقلي بالطماطم "شكشوكة"، وبيض مسلوق، وزيتون مخلي، وخبز بلدي، وطعمية بالسمسم، وثلاثة أطباق من الفول البلدي المدمس، وطماطم، وخيار، وباذنجان مقلي، وحلاة طحينية، وزجاجتين من مياه صافى المملوكة للعسكر.
وقالت بطلة فيلم الإفطار الملكى، " أم إبراهيم" أثناء افتتاح مشروع غيط العنب بالإسكندرية "طلع قائد الانقلاب للسلام علينا، واستقبلته بفرحة وزغاريد، وسلم علينا بيده، فحلفت عليه يفطر معنا فوافق وبراءة الأطفال في عينيه!!
وقالت أم إبراهيم "أنا حطيت له الإفطار، وتناقشنا معه حول الوقفات التي يقف فيها معنا هو وجيشه". وإنها فوجئت بقدومه إلى منزلها، وجلوسه مع أسرتها لتناول الإفطار.
وقالت " أم إبراهيم" "أنا مش بعرف أقرأ أو أكتب؛ لأني مروحتش المدرسة، بس نجحنت في حياتى الحمد لله، وطلبت منه الغلابة يكونوا هدفه؛ عشان محدش يلعب بيهم، قال لي: كلنا بنشتغل عشان كده".
ويبدو أنه عمل بنصيحة أم إبرهيم، فجعل الغلابة هدفه، فهدم بيوتهم وأخرجهم للشوارع، بقانون التصالح.

ويكاد المريب أن يقول خذونى، فقد قال مخبر أمن الدولة بوق الانقلاب " أحمد موسى"، إن هناك مصادر أكدت أن المائدة التي جلس عليها السيسي، ووزير الدفاع، خلال إفطارهم لم يرتب لها مسبقا، وإن هذه الأسرة البسيطة دعت السيسي، فاستجاب لهم. وإنه لم يكن هناك إجراءات أمنية مشددة خلال إفطاره مع الأسرة.
كما أن صحيفة "المصري اليوم" الانقلابية نقلت عن مصادر، أن اللقاء كان غير مرتب له، وجاء عفويا بعد طلب ثلاث من الأسر ذلك، واستجابة السيسي لهم. وأن الإفطار أعدته صاحبة الشقة بنفسها.
واضح تمامًا!!

هذا فيلم سيدة الفطار، أما فيلم سيدة القطار، فهو فيلم الموسم، بلا منازع، فقد جاء بعد أربع سنوات من فيلم سيدة الفطار، كأحدث أفلام الشئون المعنوية للعسكر، لإلهاء الشعب عن واقعه المؤلم، بسبب تردى الأوضاع المعيشية، الغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة والفقر، بسبب سياسات العسكر الفاشلة.
فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مقطع فيديو يظهر كمسري القطار وهو يهدد مجندًا لأنه لم يدفع 22 جنيها، ثمن تذكرة القطار.
وظل الكمسري يطالب المجند بدفع ثمن التذكرة، أو بسلمه للشرطة العسكرية، فقامت السيدة "صفية إبراهيم أبو العزم" بدفع قيمة التذكرة 22 جنيها.
وقد صور فيلم "سيدة القطار والمجند"، " شادي محمود بلاد"، الذى يشغل منصب أمين مساعد أمانة التنظيم بحزب "مستقبل وطن" مركز طنطا، الذراع السياسي لقائد الانقلاب.
وقد علقت القيادة العامة للعسكر على مشادة بين مجند ورئيس قطار، معلنة "تقديرها الإجراءات المتخذة من وزارة النقل بفتح التحقيق مع رئيس القطار والمحصل المتهمين بإهانة المجند، بسبب عدم امتلاكه ثمن تذكرة الركوب"، مدعية أن "الواقعة لا تنم إلا عن سلوك فردي خاطئ لأحد العاملين في الوزارة".
كما توجهت بـ"خالص الشكر والتقدير للسيدة المصرية التي شهدت الواقعة في القطار، وتمسكت بدفع ثمن تذكرة الركوب"، مؤكدة أن ما فعلته هو "تعبير عن أصالة المرأة المصرية، التي تحمل في قلبها الكثير من العطاء، والإنسانية، والأمومة".

والسؤال لبطلة فيلم سيدة القطار كيف كان سيكون الموقف،  لو أنها حاولت تخليص نفس الشخص من بين يدى ضابط أو مخبر أو أمين شرطة؟!!
وكالعادة، مع كل جريمة، يقال أنها أخطاء الفردية. لكن الأخطاء الفردية من الشرطة والجيش والسكة الحديد، مع بعضها تكون سلوكا جماعيا.
والسؤال أين كانت قيادة القوات المسلحة، وأين كانت سيدة القطار، وأين كان المصور، حينما قفز مواطن من القطار لأنه لا يملك ثمن التذكرة، وهدده المحصل بتسليمه للشرطة، فدهسته عجلات القطار؟
لكنْ يبدو أن هناك توجه بإعفاء العسكر والداخلية، ضباط ومجندين من دفع قيمة، من خلال فيلم سيدة القطار، حتي لايأتي بطريقة مباشرة فتكون مثارانتقاد!!
وأين كانت حنية الجنرال "كامل الوزير" الذي أصدر قرار بإعفاء القوات المسلحة والشرطة من دفع تذاكر القطارات، حينما رفض توسل سيدة بأن يمنحها اشتراك لمرافقة ابنها المصاب بالتواحد للطبيب لأنها لا تمتلك ثمن التذكرة معاه، وقال لها بكل بجاحة ووقاحة معكيش متركبيش!!

وتوالت الهدايا لسيدة القطار، فأرسل لها قائد الانقلاب هدية "آى فون" لكن في شنطة حزب مستقبل وطن. وكرمها وزير دفاع الانقلاب بإهدائها درع العسكر. كما تم تعيينها عضوا بفرع المجلس القومى للمرأة بمحافظة الغربية، وقام الجنرال "حاتم زين العابدين" رئيس مدينة المحلة الكبرى، بتكريمها أيضًا.