شاهد| السعودية.. إجراءات تقشفية جديدة لإنقاذ الاقتصاد المنهك

- ‎فيعربي ودولي

من اقتصاد الوفرة والرفاهية إلى سياسات التقشف بما تعكسه من تعثر اقتصادي، انتهجت السلطات السعودية خيارات بدت في نظر منتقديها من أهم الأسباب التي قادت إلى نتائج لا تخطِئها العين هذه الأيام.

تراجع ملحوظ في سعر صرف الريال السعودي، وهبوط في قيمة الاكتتاب لأسهم شركة أرامكو، والأخطر تقديرات للميزانية بُنيت على توقعات معينة للنفط لم تُطح بها فقط تداعيات تفشي فيروس كورونا، وإنما بوجود توجه سعودي لزيادة إنتاج النفط في سياق حرب مع روسيا بشأن أسعار الذهب الأسود.

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، فإن هذه السياسات تنعكس على مستقبل البشرية والعقود الكبرى، والأخطر على جيب ومعيشة المواطن السعودي.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر قولها، إن الحكومة السعودية طلبت من إداراتها إجراء خفض يتراوح بين 20% و30% في موازنتها للعام الجاري.

وذكرت المصادر أن وزارة المالية وجهت الإدارات الحكومية بتقديم المقترحات قبل انهيار اتفاق خفض الإنتاج بين أوبك وحلفائها يوم الجمعة الماضي .

وأضاف أن وزارة الخارجية طبقت بالفعل خفضا في موازنتها، شمل المشروعات التي يمكن تأجيلها والعقود والتي ترسى بعد.

في الأثناء قالت شركة بترول أبو ظبي الوطنية، إنها ستزيد إمداداتها من النفط بنحو مليون برميل يوميا إلى أكثر من 4 ملايين برميل يوميا في الشهر المقبل، ويتزامن إعلان الشركة الإماراتية مع تصريحات شركة أرامكو السعودية التي قالت فيها إن الشركة ستزيد طاقتها الإنتاجية القصوى إلى 13 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي.

من جانبه قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر دوفاك: إن زيادة السعودية إنتاجها من النفط ليس الخيار الأفضل في ظل الوضع الحالي للسوق.

وقد أغلق سهم أرامكو منخفضا بنحو 5% نتيجة قرار رفع الإنتاج إلى الطاقة القصوى، وهبط سعر سهم أرامكو دون 30 ريالا، ويواصل السهم هبوطه دون مستوى الطرح العام منذ الأسبوع الماضي، وقد انخفض سعر السهم 20% مقارنة بأعلى مستوى بلغه منذ بدء تداوله في ديسمبر الماضي.

سياسات تقشفية

سياسات تقشفية جديدة تعلن عنها السعودية إنقاذا لاقتصادها المرهق، خوطبت الإدارات الحكومية السعودية لتقديم اقتراحات لتقليص ميزانياتها بما يتراوح بين 20% إلى 30%، في إطار خطة تقشف تبتغي مواجهة الهبوط الحاد في أسعار النفط .

أضرار بالغة مست سوق إنتاج النفط بتأثير انتشار وباء كورونا، الذي انطلق من الصين أكبر مستهلك للنفط في العلام. الطلب الحكومي السعودي سبق الانهيار الحاد في أسعار النفط يوم الجمعة الماضي، عقب احتدام الخلاف السعودي الروسي في اجتماعات أوبك بلس.

عدم التوصل إلى اتفاق بين أوبك وروسيا دفع السعودية للإعلان منفردة عن رفع قياسي في معدلات الإنتاج اليومية إلى 13 مليون برميل، ما يؤدي بداهة إلى مزيد من انهيار الأسعار بلغ يوم الاثنين حدود 30 دولارًا للبرميل، فهل تخدم السعودية مصالحها على هذا النحو؟

هذا المستوى من سعر البرميل يقل بكثير عن أشد السيناريوهات تشاؤما في برنامج التوازن المالي برؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي قبل أعوام.

ويقول صندوق النقد الدولي، إن السعودية تحتاج إلى سعر 80 دولارا للبرميل لضبط ميزانية العام الجاري 2020، والتي يقدر العجز فيها بـ50 مليار دولار، وهو عجز يتواصل للعام السادس على التوالي.

أرامكو الخاسر الأكبر

كيف تسعى للتقشف من جهة بينما تقلص بيدك مواردك من جهة أخرى؟ هل تهدف سياسة إغراق السوق التي تنتهجها السعودية إلى ضمان تدفق عال للسيولة يعوض انخفاض الأسعار؟ أم أنها ترمي إلى أن يكون انعكاس الأزمة عليها وعلى أعدائها؟ أم ربما لحجب تداعيات التأثرات الحادة في المشاريع الكبرى بذريعة انخفاض الأسعار الذي لا حيلة لدفعه؟.

مفارقة لافتة هنا، فأحد أبرز المتضررين من تخفيض الأسعار هي شركة أرامكو، التي تراجعت أسهمها لقرابة 50% بفعل خطط زيادة الإنتاج.

الشركة التي اعتبر طرحها للاكتتاب ركيزة أساسية لرؤية 2030، خسرت يومي الأحد والاثنين الماضيين، أكثر من 320 مليار دولار من قيمتها التي باتت تتراوح حول 1.4 تريليون دولار، بعيدا عن مستوى تريليوني دولار الذي أصر عليه ولي العهد قبل إدراج الشركة في السوق في ديسمبر الماضي.

المستبد الشاب

لن يسعد بهذا المواطنون والمستثمرون الذين صدقوا وعود الرخاء، فاكتتبوا في أرامكو حذرًا من الندم على فوات الفرصة كما بشرهم وزير الطاقة السعودي في مقطع شهير متداول، سوء التقدير بات يتهم به ولي العهد السعودي من قبل وسائل إعلام دولية؛ فالفايننشال تايمز البريطانية وصفته بالمستبد الشاب الذي شن انقلابا جديدا في القصر.

لا تتجلى مظاهر الشك في رجاحة الرأي وفق تعبير الصحيفة في السياسات الاقتصادية التي تنعكس سلبا حتى على سعر صرف العملة، ولكن رجاحة الرأى يفتقدها كثيرون على صعيد المواقف السياسية لولي العهد السعودي، حرب اليمن العبثية وفق تعبير الأمم المتحدة أسوأ مثال.

وقالت مجلة فوربس الأمريكية خريف 2014، إن التكلفة الشهرية للحرب في اليمن تصل إلى 120 مليار دولار، لا مجال للسؤال بعد كل هذا عن سر التراجع في عافية الاقتصاد السعودي بعد أن كانت المملكة مضرب مثلٍ في الرخاء والثراء عقودا طويلة، فإذا بدينها العام يبلغ 181 مليار دولار حتى نهاية 2019 بما يساوي تقريبا ربع الناتج المحلي.