خبراء يتوقعون فشل مفاوضات سد النهضة.. تعرف إلى الأسباب

- ‎فيتقارير

التقى سامح شكري وزير الخارجية في حكومة الانقلاب، “روبرت أبراين” مستشار الأمن القومي الأمريكي، وذلك خلال وجود شكري بواشنطن للمشاركة في مفاوضات سد النهضة.

وقالت خارجية الانقلاب، إن اللقاء استعرض تطورات المفاوضات الخاصة بسد النهضة، وسعي الإدارة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث .

وبحسب خارجية الانقلاب، يأتي ذلك على ضوء نتائج مفاوضات اللجان الفنية القانونية التي عقدت في واشنطن على مدار الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك الاقتراحات المختلفة المطروحة من جانب إثيوبيا والسودان، ونقاط الاتفاق والخلاف في المواقف بين الدول الثلاث.

وتستضيف العاصمة الأمريكية واشنطن جولة مفاوضات أخيرة بين مصر وإثيوبيا والسودان؛ للتوصل إلى صيغة نهائية للاتفاق حول سد النهضة.

الدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسية، رأى أن الحديث عن مؤشرات النجاح في المفاوضات يرتبط بمعيار شديد الأهمية، وهو من طبيعة الأهداف الأساسية التي يسعى إليها كل طرف من الأطراف الثلاثة، وما هي الأهداف التي يسعى إليها الراعي الأمريكي لهذه المفاوضات، وبناء على تحديد طبيعة الأهداف يمكن تحديد طبيعة النتائج.

وأضاف عبد الشافي، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، أنه بالحديث عن طبيعة الأهداف نجد أن الطرف الإثيوبي، خلال جولات التفاوض، نجح بشكل كبير في تمرير أن الإشكال لم يكن السد أو الموقف من السد، ولكن كان الرهان الأكبر الاتجاه إلى القضايا الخلافية فيما يتعلق بالمشاكل الفنية، وبالتالي حديث دور اللجان الفنية في ذلك الأمر، والأمر الآخر هو الفترة التي يمكن من خلالها ملء خزان سد النهضة، وكيف يمكن أن نتجاوز عن الإشكاليات التي لو تم الترتيب لملء السد خلال سنوات محددة قصيرة بما يضر مصر.

وأوضح عبد الشافي أن الإشكالية الآن ليست الوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة ولكن الأهم هم مضمون هذا الاتفاق، وأن قضية سد النهضة لم تعد قضية تمس أطرافها المباشرة مصر والسودان وإثيوبيا ولكنها تمس بدرجة أساسية مجموعة من الأطراف والفواعل غير المباشرين في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ويجب مراعاة طبيعة سياسات الدولتين تجاه هذا الملف لأن هذه السياسات عوامل حاسمة في إدارة الملف.

وأشار عبد الشافي إلى دور وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي في رعاية المفاوضات، وهو نوع من الحديث عن وجود فرص استثمارية واقتصادية يتم الحديث عنها كوسائل من وسائل الترضية تديرها الخزانة الأمريكية والبنك الدولي مع الأطراف المتفاوضة في هذه المرحلة، وبالتالي تجاوزت كل هذه الأطراف القضية الأساسية وهي قضية سد النهضة ونقص المياه الذي تعاني منه مصر.

ولفت إلى أن تقرير صحيفة “ناشيونال إنترست” وما نقلته عن وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، بأن المؤسستين ستتجهان إلى مطالبة المؤسسات المصرية بوضع سياسات للحد من الإهدار المائي، هو دليل على تجاوز فكرة السد وما يترتب عليه من تبعات، والاتجاه إلى البحث عن بدائل أخرى فيما يتعلق بقضية المياه وملفها الخطير في مصر، مضيفا أن نظام الانقلاب منذ 2013 حتى الآن قاد مصر إلى كارثة حقيقية تهدد أمنها القومي، بالاتفاق الذي وقعه عام 2015، وبممارساته شديدة السلبية والهشاشة سواء في المفاوضات السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الفنية التي تمت خلال السنوات الست الماضية، وهو ما جعل الحديث عن السد جزءا من الماضي، بعد أن أصبح أمرًا واقعًا الآن، وما يجب التفكير فيه هو كيف يمكن التعامل قانونيا مع هذا الملف وليس فقط ملف سد النهضة، ولكن مجموعة السدود الجديدة التي تعتزم إثيوبيا إنشاءها خلال السنوات المقبلة.

وأوضح عبد الشافي أن الأمر الآخر شديد الأهمية هو أنه نجح أيضا في عدم إقرار أي توافق مع مصر فيما يتعلق بالحفاظ على حصة معينة من المياه؛ لأن مصر كانت تحصل على 55 مليار متر مكعب سنويا، وكانت تستفيد من حوالي 10 مليارات متر مكعب سنويا من حصة السودان، وكان النصيب الفعلي لمصر 65 مليار متر مكعب وعندما دخلت مصر المفاوضات كانت تتحدث عن 40 مليار سنويا، ثم وصل الحديث إلى 30 مليار متر مكعب سنويا، وهذه الأرقام في النهاية تعد نوعًا من التخلي من جانب مصر عن كل الاتفاقيات السابقة التي تنظم الاتفاقيات الخاصة بحوض النيل سواء عام 1925 وفي 1959، وهذا نجاح للمفاوض الإثيوبي.

بدوره رأى محمد العروسي، المحلل السياسي الإثيوبي، أن الأزمة ما زالت قائمة، وهناك مسار خلافي لم يتم الاتفاق عليه، ويتم حاليا محاولات لتقريب وجهات النظر، ولم يتم التوصل حتى هذه اللحظة، ولا يمكن القول إن الأزمة قد انتهت في ظل وجود ضغوط على الجانب الإثيوبي للتخلي عن مواقفه بشأن سد النهضة.

وأضاف العروسي، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تريد تحقيق مكاسب سياسية، من خلال تعاطيها مع ملف سد النهضة وإثيوبيا، وأوضحت موقفها وقالت إنها لن تتنازل عن أي حق لها لكنها تبدي مرونة مع الطرف المصري لأجل تقارب وجهات النظر، مضيفا أن الجانب المصري حتى هذه اللحظة يحاول فرض آرائه على الجانب الإثيوبي، وإيهام العالم من خلال بعض التصريحات المصاحبة للمفاوضات أنه تم الاتفاق على كل شيء ثم بعد فترة يتم الإعلان عن فشل المفاوضات.

وتوقع العروسي فشل المفاوضات في وقت قريب؛ لأن كل المعطيات تقول ذلك، وستفشل هذه الخطابات الإعلامية الرنانة التي تحاول تشويه الموقف الإثيوبي ولن تجد قبولا.

محمد العطيفي، رئيس تحرير صحيفة الشرق تريبيون الإلكترونية، رأى أن هناك حالة من التفاؤل في صفوف الطرفين المصري والإثيوبي، مضيفا أن الطرفين اتفقا على عدد من الثوابت خلال الجولات السابقة، وهناك رؤية إثيوبية بعد تضرر مصر من سد النهضة وهذا أساس المفاوضات، ومن المتوقع وضع الصيغة النهائية للاتفاق الذي يرضي الطرفين.

وأضاف العطيفي أنه لا يرى أي تفاوت بين الموقفين المصري والسوداني؛ لأن المصلحة واحدة وتهم الجميع، مضيفا أن المفاوضات تتم بانسيابية، متوقعًا التوصل إلى نتائج ترضي الأطراف الثلاثة في ملف سد النهضة.

وأوضح أنه عندما طلبت مصر الحصول على حصة 40 مليار متر مكعب في فترة ملء السد كانت تتعلق بمتوسط وصول المياه إلى مصر في فترات الجفاف، ومصر لديها ثوابت تم الاتفاق مع الجانب الإثيوبي عليها، وهي ألا تتضرر مصر.

وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرًا مصورًا بعنوان “السد الجديد”، يهدد سيطرة مصر على النيل التي دامت لآلاف السنين .

ويرصد التقرير ما يسميها حالة التنازع الحالية بين مصر وإثيوبيا بسبب سد عملاق يجري بناؤه وهو سد النهضة، موضحة أن الوقت ينفد بين الجانبين، لكن الآمال معلقة على المفاوضات، ويتساءل التقرير: هل يمكن إيجاد حل لتجنب صراع أوسع.