شيوخ البلاط.. أيهما أكثر رقصًا الداعية السعودي الريس أم الصول برهامي؟

- ‎فيتقارير

منذ اللحظة الأولى التي تطايرت فيها شرارة الربيع العربي في تونس عام 2011، لعب شيوخ البلاط أو السلاطين دور الحامي لعرش الديكتاتور، كل في مكانه وبلده، وحتى بعد انحسار موجة الربيع الأولى وتقدم موجة الثورة المضادة صعد عدد غير قليل من هؤلاء الشيوخ إلى خشبة المشهد السياسي بعيدا عن منابرهم المعتادة، وظهر أن أكثرهم ولد وترعرع وتلقى تعليمه الفقهي في دهاليز وأقبية مخابرات وأجهزة الأمن، وقاموا بلا أدنى ذرة من خجل أو حياء بلعب دور راقصات “الاستربتيز” اللاتي يتجردن من ملابسهن قطعة تلو الأخرى.

ويتنافس اثنان من هؤلاء الشيوخ على لقب “راقصة النظام الأولى”، وهما الداعية السعودي عبد العزيز الريس، وشيخ البيادة في مصر ياسر برهامي، وبعد موجة الجدل التي أثارها بفعل فتواه التي حرم فيها الخروج على الحاكم حتى لو ظهر وهو يزني ويسكر عبر شاشات التلفاز، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا جديدا لـ”الريس” يفتي فيه بعدم جواز الإنكار على ولاة الأمر بإقامتهم للحفلات الغنائية.

وبحسب الفيديو الذي رصدته “الحرية والعدالة”، وهو من نفس الدرس الذي تداوله الناشطون سابقا وأجاز خلاله لولاة الأمر الزنا وشرب الخمر أمام الرعية وفي التلفاز، دون أن يحق للرعية إنكار ذلك أو الاعتراض عليه، قدّم الداعية السعودي المنتمي إلى تيار المداخلة، ما يعتبره جملة من الإرشادات والوعظ للأمة الإسلامية في كيفية التعامل مع الحفلات الغنائية التي تتم برعاية الحاكم.

ووفقا للفيديو، فإنه لا يجوز للرعية الإنكار على ولي الأمر، والقول إن ما قام به من حفلات غنائية “حرام”، وزعم “أن إصلاح المنكر لا يكون بمنكر آخر”، وقال: “لا نقول إن الحفلات حرام، وإن الحفلات سنعاقب بسببها علينا أن نركز على الشعوب، ونحذر من الحفلات فقط”، وتابع المدخلي المعروف عنه محاباته للحكام وإنكار من ينتقد ولاة الأمور: “علينا أن نجمع القلوب على ولي الأمر، هذه عقيدة أهل السنة، أما اليوم فهنالك شبهات وضلالات على عقيدتنا”.

برهامي أم إيرما لادوس؟

في أحد أفلام الأبيض والأسود، ظهرت الفنانة شادية في أوبريت تستعرض فيه حياة نجمة الإغراء و”الاستربتيز” الشهيرة إيرما لادوس، تقول كلمات الأوبريت التي تتطابق مع مواقف برهامي:” أنا اسمي إيرما لادوس. ياما العشاق خدوا منى خدوا منى دروس. عندي أحلام مليانة كلام مش أى كلام. ده كلام بفلوس وى وى”!.

وبرهامي الذي ينافس “الريس” على لقب “راقصة النظام الأولى”، هو ابن ثورة “أشرطة الكاسيت” في الثمانينيات، التي لا تزل تطبع وتوزع له حتى اليوم، وهي نفس الوسيلة التي شاعت وانتشرت في جامعة الإسكندرية في السبعينيات ومنها انتقلت إلى كل أنحاء الإسكندرية.

ورغم أن قائمة “المحرمات” لديه أكبر وأشمل بكثير من قائمة “المحللات”، إلا أنه يستغل ثورة التكنولوجيا والاتصالات حاليا بالظهور على موقع “يوتيوب”، متجاهلا الميكروفونات والكاميرات حتى لا يسهل اصطياده، وهو القائل لأتباعه أعضاء حزب “النور” الأمنجي: “سيأتي يوم تقولون الله يرحم أيام السيسي”!

وصفه مؤسس الدعوة السلفية في مصر والكويت الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، بـ”محلل الانقلاب”، عقب إعلان حزب النور السلفي موافقته على الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في مصر الرئيس محمد مرسي، وكذلك عقب التعديلات الدستورية التي خرجت عن لجنة الخمسين، وحشده لتمريرها والتصويت عليها بـ”نعم”.

ويقارن عبد الخالق بين نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، وبين بلعام بن باعوراء (حبر من أحبار اليهود)، قائلا: “هل كان بلعام أشد إفسادا في قومه بني إسرائيل، أم ياسر برهامي العالم السلفي في الأمة المصرية وأمة الإسلام؟ فبلعام أفتى قومه عندما غُزُوا وانتصر عليهم أعداؤهم أن يسرحوا بناتهم في جيش أعدائهم وبذلك يهزمونهم، وأما ياسر برهامي فيتباهى بحشد الشعب المصري للتظاهر في 30/6، وإذا جُمع في هذا الحشد عدد أكبر من الذين صوتوا لمرسى فإنه تسقط ولاية مرسى، ويتقدم الجيش لتولى السلطة”.

ليسانس أمن الدولة!

ياسر حسين محمود برهامي، المولود عام 1958، يشغل حاليا منصب نائب رئيس الدعوة السلفية، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1982 ثم ماجستير طب الأطفال عام 1992 من جامعة الإسكندرية، كما حصل على ليسانس الشريعة الإسلامية عام 1999 من جامعة الأزهر.

أنشأ برهامي الحركة السلفية أثناء دراسته في كلية الطب مع محمد إسماعيل المقدم وأحمد فريد، وأثناء وجودهم في الكلية نشرت الرسائل الإسلامية وانتشرت محاضراتهم وخطبهم في الإسكندرية، تخصص في الاعتقاد ودراسة كتب محمد عبد الوهاب خاصة كتاب “التوحيد”، وكذلك كتب ابن تيمية.

شارك في تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية، وقام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة إلى حين إيقافه عام 1994، أيضا قام بالمشاركة في كتابة مقالات مجلة صوت الدعوة إلى حين إيقافها عام 1994، وشارك في لجنة كتابة دستور مصر 2012. وحضر اجتماعا سريا أثناء الانتخابات الرئاسية مع أحمد شفيق.

اشتهر بمواقفه المعادية لجماعة “الإخوان المسلمين” وللرئيس محمد مرسي واعتبر أنهم لا يمثلون الإسلام في شيء، من هنا جاء تأييده للانقلاب العسكري عام 2013 الذي قاده السفيه عبد الفتاح السيسي ضد مرسي، وأيد اتهام “الإخوان” بـ”الإرهاب” ووصف خطاب قيادتها بالتكفيري، كما دعم دستور 2014 وحشد للتصويت بـ”نعم” على دستور العسكر، وقال إن من حق السفيه السيسي الترشح للرئاسة ووصفه بأنه “رجل متدين وذكي ولديه القدرة والكفاءة على إدارة الدولة خلال الفترة المقبلة”.

استماتة برهامي في تأييد العسكر في مصر دون قيود أو ضوابط دفعت بأحد قادة الدعوة السلفية إلى القول “إن برهامي قام بخيانة الأمة المصرية كلها التي تعبت وثارت وجاهدت من أجل أن تقيم نظامًا ديمقراطيًا حرًا، كما تآمر على المصريين ووضع خارطة الطريق مع العسكر لإرجاع الأمة المصرية إلى الحكم الفردي الاستبدادي”.

وقع في تناقض كبير، حين قال إن “شرعية السيسي، مستمدة من الصناديق، ولا يجوز شرعا الخروج عليه وإسقاطه إلا بالصناديق”، وأضاف “لا يجوز شرعا إسقاط الرئيس إلا بالانتخابات، ولا يجوز الخروج عليه شرعا، والسيسي قادر على إعادة الأمن والاستقرار داخل البلاد، بعكس الرئيس محمد مرسي”.

وقع في فخ التحريف

وبينما أباح الخروج على الرئيس مرسي المنتخب من الشعب المصري مباشرة عبر صناديق الاقتراع التي أكد الجميع نزاهتها، وبرر تناقضه بقوله: “وضع المشير مختلف تماما عن مرسي لأن الأخير لم يكن رئيس كل المصريين، وتسبب في انقسام الدولة”.

تبريره تحول إلى تساؤل: هل السيسي رئيس لكل المصريين؟ فقد كان حجم الممانعة التي أبداها الشعب المصري في المشاركة في مسرحية الانتخابات كبيرا، وأفقدت السفيه السيسي الثقل الشعبي الذي زعم ذات يوم أنه فوضه لعزل الرئيس مرسي وتعديل الدستور والترشح للانتخابات الرئاسية.

وفشلت جهود حزب النور السلفي لدعوة القواعد السلفية للنزول والمشاركة في الانتخابات، وقالت مصادر بالحزب إن “السلفيين قاطعوا الانتخابات، وكشفوا عن أن قدرة برهامي على التأثير فيهم وإقناعهم بالنزول معدومة”، لافتة إلى أن “برهامي يحاول إنقاذ موقفه أمام الدولة بعد مقاطعة السلفيين من قبل الاستفتاء على الدستور”.

وأكد المتحدث باسم الجبهة السلفية الدكتور خالد سعيد، أن قواعد السلفية بالمحافظات بمن فيهم أعضاء “النور” أصروا على المقاطعة ورفضوا تعليمات قيادات الحزب والدعوة، مشيرا إلى أن “النور” انتهى في نظر جميع أبناء التيار الإسلامي، وليس له الحق في التحدث باسم السلفيين، على حد قوله.

فيما يرى رئيس حزب “الأصالة” السلفي إيهاب شيحة أن “تأثير برهامي على القاعدة السلفية محدود للغاية، ولا يستطيع تحريك أكثر من 100 شخص داخل “النور” و”الدعوة”، كما أنه يحاول تحقيق مكاسب شخصية، على حساب السلفيين الذين رفضوا دعوتهم للتصويت”.