صادر أموال 18 شركة استثمار عقاري.. السيسي هيخرب مصر من أجل فنكوش العاصمة الإدارية

- ‎فيتقارير

خلال الأيام القليلة الماضية، صادرت سلطات الانقلاب، أموال ما يقرب من 18 شركة استثمار عقاري ضمن القائمة الأخيرة التي أعلنتها لجنة التحفظ على أموال الإخوان.

أغلب تلك الشركات تعمل بمدن القاهرة_الجديدة والرحاب والشروق والتجمع_الخامس، وذلك بهدف إفساح المجال لترويج المشروعات العقارية الراكدة بـالعاصمة الإدارية الجديدة، وفق تأكيدات خبراء بأن “قرارات التحفظ ومصادرة شركات العقارات  جاءت لإنقاذ الوضع بالعاصمة الإدارية، التي تشهد عزوفا في حجز الوحدات السكنية التي أعلنت عنها الحكومة أكثر من مرة…

وبحسب مراقبين لسوق العقارات فإن معظم الشركات التي تمت مصادرة أموالها، تحتل مكانة متميزة في المدن الجديدة التي تقع في النطاق الجغرافي للعاصمة الإدارية مثل القاهرة الجديدة بتجمعاتها ؛الأول والخامس، والشروق والرحاب.

وتشهد العاصمة الإدارية الجديدة، حالة ركود ملموسة، وأزمات متعددة سواء على مستوي الوحدات السكنية أو المشروعات التجارية، والتي كان آخرها انسحاب شركة CFLD الصينية التي كان من المفترض أن تتولى إنشاء مدينة تجارية صينية داخل العاصمة، وفقا لإعلان “أحمد زكي عابدين” رئيس الشركة المسؤولة عن إدارة العاصمة الإدارية قبل يومين، وقبلها انسحاب شركة “نوفاذ ستانزا” التي قامت بالفعل برد الأراضي التي حصلت عليها لعدم وجود جدوى اقتصادية من المشروع.

وقال  أحمد زكي عابدين رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة ، أمس ، إن المفاوضات التي تجريها الحكومة وشركة “سي إف إل دي” (تشاينا فورتشن) الصينية بشأن إنشاء مدينة صينية تجارية وثقافية وسكنية على مساحة 14 ألف فدان بالعاصمة الإدارية الجديدة، توقفت بسبب خلافات حول نسب المشاركة، ورغبة الجانب الصيني في الحصول على امتيازات أكثر مما تنص عليه اتفاقيات الشراكة.

وكشفت مصادر أن الجانب الصيني رغب في الحصول على نسبة من المشروع تتخطى 40% من إجمالي الإنشاءات.

وأشار عابدين إلى أن شركة العاصمة الإدارية قدمت أكثر من مقترح حول نسب الشراكة للجانب الصيني، والذي طلب مهلة لإجراء مشاورات على النسب التي اقترحتها الشركة، وهو ما أدى إلى توقف المفاوضات.

إنجازات الفهلوة      

وتأتي العاصمة الإدارية كمحاولة من جانب السيسي للزعم بأنه يقدم إنجازا في ظل  سياقات اقتصادية متدهورة، واجتماعية مفككةن وأمنية مضطربة، مستخدما سياسة الأرض مقابل العملة، ليس من المهم إن تم هذا في إطار اتفاقٍ لترسيم أو استثمار أو «صفقة قرن»، ولا ضير في ذلك إن اختلفت جنسية المشتري، فلتكن ما تكون. في ضوء مبادئ «الفهلوة» والربح السريع تشكلت المبادئ الحاكمة للاقتصاد التوسعي خلال السنوات الماضية. وفي إطار التدهور الاقتصادي ذهب النظام بإصرار إلى تنفيذ عدد أكبر من المشروعات القومية المتزامنة غير الإنتاجية، والتى لا تملك سوى الأرض  المحدودة مهما بلغت مساحتها وريعها، وفق خبراء…

حيث إن بناء العاصمة الإدارية على مساحة تتجاوز الـ 170 ألف فدان يتطلب استثمارات تتجاوز الأرقام المعلن عنها رسميًا في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المدخلات الأولية لعمليات البناء لاسيما بعد تعويم الجنيه. لذا كان التمويل من البداية جوهر الخلاف بين وزارة الإسكان والشريك الإماراتي «محمد العبار» الذي سبق أن وقع مذكرة تفاهم لتنفيذ العاصمة الإدارية على هامش مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، نتج عن هذا الخلاف إلغاء الاتفاق ومن ثم البحث عن بدائل تمويلية للمشروع.

الشريك الإماراتي رغب في تمويل المشروع عن طريق البنوك المصرية، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الحكومة التي اشترطت بدورها أن يكون التمويل خارجيا لتنفيذ المشروع. انسحاب الشريك الإماراتي دفع  الحكومة إلى المضي في تبني استراتيجية تمويلية توسعية وطويلة الأجل. تركزت تلك الاستراتيجية على أركان أساسية عدة؛ هي التمكين القانوني والمؤسسي، وتوفير حوافز الاستثمار وسياسة دعائية تسويقية. أما الركن الأساسي الذي دارت حوله بقية الأركان فهو تنظيم وتسويق بيع الأراضي بالعاصمة الذي يمثل ريعه المورد الأساسي لتمويل المشروع.

وخلال عامين من عمر المشروع تكشفت مصادر تمويله، تتمثل في ريع استثمارات القوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية وشركة العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى أموال الاستثمارات العقارية والتجارية المحلية والأجنبية.

القوات المسلحة

مثل الجيش الوريث الشرعي للشريك الإماراتي في أعقاب انسحابه في التخطيط وإدارة تنفيذ وتمويل مشروع العاصمة، ولقيامه بدوره كان لابد من تمكينه قانونيًا، ليس كمنفذ للمشروع ولكن كمالك للأرض المُقام عليها المشروع. ولأن المنطقة المحددة للعاصمة الجديدة هي منطقة ثكنات عسكرية وجب إخلاؤها لتنفيذ المشروع، فأصدر السيسي في ديسمبر  2015 قرارًا جمهوريًا  تحت عنوان «تنظيم قواعد التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة»، ونص على أن : يتولى جهاز القوات المسلحة تجهيز مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التي يتم إخلاؤها، والقيام بجميع الخدمات والأنشطة التي من شأنها تنمية موارد جهاز القوات المسلحة، وله في سبيل ذلك تأسيس الشركات بكل صورها، سواء بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي.

لم ينته الأمر عند هذا القرار، ولكن  أصدر السيسي  في فبراير القرار رقم 57 لسنة 2016 باعتبار أراضي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني من مناطق المجتمعات العمرانية. كما نص القرار على تأسيس شركة مساهمة مصرية تجمع في عضويتها كلًا من هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، وهي تتولى عملية تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد.

وأهم ما جاء في القرار هو جعل قيمة الأراضي المشار إليها بالقرار من حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في رأسمالها، الأمر الذي يعني أن عوائد البيع أو الاستثمارات بالعاصمة الإدارية ستعود إلى خزانة القوات المسلحة وليس إلى الخزانة العامة للدولة. يتسق ما جاء به القرار الرئاسي مع ما سبقه من قرارات رئاسية سابقة، مثل القرارات الجمهورية رقم 531 لسنة 1981  ورقم 223 لسنة 1982، وأخيرًا القرار رقم 233 لسنة 1990، الممهدة لتحويل النشاط الاقتصادي للجيش إلى اقتصاد مدني ريعي بالأراضي الصحراوية.

تتنوع الوظائف والأدوار التي تقوم بها أجهزة القوات المسلحة وعلى رأسها الهيئة الهندسية وهيئة الشئون المالية من حيث التملك والتخطيط والإشراف على التنفيذ. ولغياب الأدوات الرقابية والمحاسبية على ميزانية القوات المسلحة وأنشطتها الاقتصادية والتجارية يصعب تحديد حجم القيمة الاستثمارية للقوات المسلحة بالمشروع، لكنها تعمل على تعظيم عوائدها من المشروع عبر إعادة تدوير أرباحها الاستثمارية بوسائل متعددة.

امتلاك الأرض وفقًا للقرار رقم 57 لحق به استحواذ القوات المسلحة على 51% من شركة العاصمة التي أنشئت بغرض تنظيم وإدارة عملية بيع الأراضي. في الوقت نفسه تعتمد القوات المسلحة في تنفيذ المشروع على عشرات الشركات المتخصصة من ذوي العلاقات الشبكية مع أجهزتها، بالإضافة إلى العديد من الشركات العقارية المحلية والأجنبية العاملة في مصر، مما يضمن  توفير أكبر قدر ممكن من التمويل المبدئي لتنفيذ المشروع  في ظل عمليات الدفع اللاحق أو عبر المستخلصات الجارية.

معضلة الباب السادس

بالإضافة إلى التمويل الضخم الذي تضخه القوات المسلحة بالعاصمة، تتقاسم وزارة الإسكان عبر هيئة المجتمعات العمرانية حصة التمويل ومن ثم العوائد. فمع اللحظات الأولى في تنفيذ المشروع عملت حكومة السيسي على توفير 5 مليارات جنيه من موازنة الهيئة في العام الأول لترفيق حوالي ثلاثة آلاف فدان في الأسبقية الأولى من المشروع، وهو ما صدر بشأنه أمر إسناد من مجلس الوزراء لعدد من شركات المقاولات المصرية.

وفي أعقاب الجدل الدائر حول ماهية مصادر تمويل المشروع في عام المشروع الأول، سارعت الحكومة إلى تفنيد الادعاءات بأن تمويل المشروع سيكون من الباب السادس للموازنة والمخصص لمشروعات المياه والصرف والخدمات الصحية والتعليمية، ويخضع لموازنة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

وبالرغم من أن الهيئة تتبع وزارة الإسكان وفقًا للقانون رقم (59) لسنة 1979 المُنشأ لها كهيئة اقتصادية عامة، إلا أن عوائد الهيئة لا تدخل إلى الخزانة العامة ولا تخضع للرقابة، وإنما توضع في صناديق وحسابات خاصة يديرها وزير الإسكان مباشرةً.

وهكذا تصبح العاصمة الإدارية بابا لإفقار الشعب وفي حال تحصيل الفوائد تذهب لخزانة العسكر…