صراع الكنيسة.. البابا يهدد الخارجين على الطاعة وانتقادات لصمت العلمانيين

- ‎فيتقارير

في خطوة جديدة تؤكد عزم البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية فرض سطوته على مفاصل الكنيسة وجميع الأديرة، هددت اللجنة المجمعية للرهبنة وشؤون الأديرة القبطية الأرثوذكسية، وعلى رأسها البابا والرئيس الأعلى للرهبنة القبطية، جميع الأماكن غير المعترف بها كأديرة لتصحيح أوضاعها خلال شهر، وذلك بالخضوع لإشراف البطريركية روحيًا ورهبانيًا وإداريًا وماليًا فى هدوء وسلام، للبدء فى تعميرها بطريقة صحيحة بحسب قوانين الرهبنة المعمول بها فى الأديرة العامرة، ثم بعد ذلك الاعتراف بها رسمًيا.

وطالبت اللجنة، فى بيان، بضرورة اتخاذ بعض الخطوات لتصحيح الأوضاع، ومنها تسجيل الأرض باسم بطريركية الأقباط الأرثوذكس، والخضوع لمن يرسله البابا للإشراف الروحى والمالى والإدارى على المكان غير المعترف به، وكذلك الرجوع إلى شروط لائحة الرهبنة فى تعمير دير جديد.

وحذرت الكنيسة من لا يقبل الدعوة باعتباره يعلن العصيان عليها، وأن له نية أخرى لا علاقة لها بالرهبنة، بل بأغراض شخصية منحرفة عن الطريق السليم وسيحكم على نفسه بالتجريد من الرهبنة والكهنوت.

دولة داخل الدولة

هذه القرارات تؤكد ما ذكرناه من قبل من أن الكنيسة تمارس سلطاتها باعتبارها “دولة داخل الدولة”، فمن المعلوم أنه لا رقابة من أي جهة على النواحي الإدارية والمالية للكنيسة وهي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، بخلاف ما تضع عليه يدها من أراض شاسعة تم السطو على كثير منها خلال العقود القليلة الماضية.

بالكنيسة بحسب كمال زاخر، الكاتب والمفكر القبطى، تمتلك 27 ديرا للرهبان معترفا بها من المجمع المقدس داخل مصر أبرزها (أديرة وادى النطرون، وأديرة البحر الأحمر، والأنبا صموئيل المعترف)، وقائمة بـ١١ ديرًا للرهبان خارج مصر، منها (أديرة بالنمسا وإيطاليا وأستراليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية والسودان)، وضمت القائمة ١٣ ديرًا للراهبات داخل وخارج مصر، و١٢ مزرعة.

التغطية على الصراع اللاهوتي

وفي إطار الصراع اللاهوتي بين تياري القمص متى المسكين الذي ينتمي له البابا تواضروس وما يسمى بالتيار التقليدي الذي يضم رفقاء وتلامذة البابا شنودة الثالث وعلى رأسهم الأنبا بيشوي، شددت جموع كهنة إيبراشيتى نيويورك ونيو جيرسى على الخضوع التام للبابا تواضروس الثانى وتأييدهم الكامل للقرارات المجمعية فيما يخص ضبط الحياة الرهبانية، مؤكدين فى بيان أن جميع الكهنة، بلا استثناء، يخضعون لبابا الإسكندرية ويؤيدونه.

وفي محاولة لصرف النظر عن الخلافات اللاهوتية بين التيارين، زعم الأنبا سرابيون، مطران لوس أنجلوس، أن حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مقار، لا علاقة له بالخلافات العقائدية، كما روّج البعض، إنما هو حادث جنائى، كما قال البابا تواضروس الثاني.

وتابع، فى حديث تليفزيونى عبر قناة لوجوس، الناطقة باسم الكنيسة فى جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، أن الادّعاء بأن الراهبين المشاركين فى الجريمة من أتباع فكر البابا شنودة غير صحيح وليس منطقيًا، مشيرًا إلى أن الدير وضع فيه الأب متى المسكين نظامًا للرهبنة وليس فكرًا عقائديًا مختلفًا. لكن مطران لوس أنجلوس يتجاهل الحقائق التي تؤكد أن الراهبين تم ضمهما للدير مع عشرات آخرين من جانب البابا شنودة بعد رحيل القمص متى المسكين.

صمت العلمانيين

من جانبه انتقد الباحث الإسلامي عصام تليمة، صمت العلمانيين المصريين عن ممارسات الكنيسة الأرثوذوكسية، وفي مقاله «الكنيسة المصرية وصمت العلمانيين عن ممارساتها» يعلق تليمة على قرار الكنيسة منذ أسبوعين بتجريد الراهبين يعقوب المقاري وعودته إلى اسمه العلماني شنودة وهبة عطا الله جورجيوس، والراهب / أشعياء المقاري، ورجوعه إلى اسمه العلماني/ وائل سعد تواضروس ميخائيل وذلك بسبب مخالفات بلغ عنها رئيس الدير والربيته تعارض قوانين الرهبنة. ونناشد جموع الأقباط بعدم التعامل مع هذين الشخصين على الإطلاق. واختتمت القرار بعبارة (وابن الطاعة تحل عليه البركة).

يقول تليمة: “لنا أن نتخيل لو أن هذا القرار والمرسوم صادر عن جماعة الإخوان المسلمين مثلا بفصل عضوين لمخالفة لوائح ونظم الجماعة، أو عن مشيخة الأزهر عن شيخين من مشايخها خالفا قواعد التدريس فيها، أو النظم الإدارية والعلمية، ما رد فعل كتاب لا يتركون شاردة ولا واردة عن الجماعات الإسلامية، ولا المؤسسة الدينية دون كيل الاتهامات لها في معظم ما يصدر عنها».

ويضيف «في آخر القرار جملة تختبر كل من يتشدقون بحرية الفكر وإعمال العقل، من مدعي العلمانية والاستنارة في مصر، تقول العبارة: (وابن الطاعة تحل عليه البركة)، أليست هذه عبارة (السمع والطاعة) عند جماعة الإخوان، والتي أطلقوا على من يؤمنون بها أنهم: خرفان. وجماعة المرشد والسمع والطاعة له، ما الفرق بين العبارتين؟ الفرق أنها مستنكرة من الإخوان، سواء اتفقنا في طريقة تطبيقها أم لم نتفق، ولكنها مقدسة ومعتبرة عندما تصدر من الكنيسة، ويلوذ العلمانيون بالصمت عند استعمالها من (دولة الكنيسة).

ويلفت تليمة إلى موقف آخر ، عندما قال الشيخ محمد حسين يعقوب: (غزوة الصناديق)، كتب إبراهيم عيسى وضياء رشوان، عن هذه العبارة، ورموا بها التيار الإسلامي كله، رغم الفروق الكبيرة بين فصائل الإسلاميين، ولكن عندما قال البابا تواضروس عن دستور الانقلاب سنة 2014م: قول نعم تجلب النعم. خرسوا جميعا، ولم ينكر عليه أحد!.

وينتهي تليمة إلى أن الدين الوحيد الذي يتجرأ عليه كل من هب ودب في مصر والعالم العربي، بالحديث عن ثوابته، ومهاجمة علمائه، هو الإسلام، فيصرح إعلامي لا علاقة له بالعلم الشرعي، ولا بالفتوى، وهو محمد الباز، بتغيير نصيب المرأة في الميراث لتتساوى بالرجل، رغم أننا لم نقرأ له ولا لغيره أي حديث عن الطلاق في الكنيسة ومنعها له دينيا، ولو كان هو وغيره من علمانيي ويساري مصر يمتلكون الجرأة في الحديث، لفعلوها، ولكن الجرأة والحديث عن الثوابت الدينية الإسلامية، والمؤسسات الدينية الإسلامية، أما الكنيسة وأفكارها، فالاقتراب منها نوع من التهلكة التي يبتعدون عنها!!