عسكر الجزائر يفرضون سطوتهم وتحالف علماني مع الدولة العميقة لإقصاء الإسلاميين

- ‎فيعربي ودولي

سياسة عض الأصابع باتت الأبرز في المشهد الجزائري يقوم عليها طرفان: الأول شارع يؤمن بالسلمية في انتزاع حقوقه، يكتفون بالمقاطعة لمؤتمرات العسكر لكنهم يحافظون على الحشود كل جمعة رغم حواجز وعراقيل وكمائن (حواجز أمنية- أجندات لمنظمات إرهابية) يصنعها العسكر لهم، أما الثاني فهو عسكر مدعومين من فرنسا والإمارات؛ يفرضون قراراتهم ورجالاتهم باعتارهم من عزلوا بوتفليقة وسجنوا شقيقه.

يظهر عسكر الجزائر أنهم الطرف المعاند لقرارت الشارع فلا تنازل عن رئاسة رئيس البرلمان عبدالقادر صالح ولا عزل لرئيس الوزراء نور الدين بدوي ولا عودة عن موعد انتخابات الرئاسة في 4 يوليو.

وفي هذا الإطار، تدفع المعارضة والشارع للتسليم بالأمر الواقع فيصدر الرئيس المؤقت صالح، قرارات وتتصدر أخبار قراراته الإعلام الجزائري، وتتماشى قرارات عبدالقادر صالح مع أدنى مطالب حراك الشارع، كقرار أصدره اليوم الرئيس المؤقت باجراء سلسلة تغييرات شملت تعيين ولاة جدد في محافظات عدة بينها الجزائر العاصمة.

جلسة مشاورات

كما دعا عبدالقادر صالح إلى جلسة مشاورات وحوار، قطاعتها غالبية الأحزاب السياسية في الجزائر، في حين لبت كثير من تلك الحركات دعوة حركة مجتمع السلم لحوار اليوم الأحد بالمقر المركزي للحركة.

وشارك سياسيين وعلماء وأكاديميين في ندور “حمس” وعنوانها “راهن الأزمة السياسية في الجزائر وآفاق الحل”.

 

 

غير أن ممثل الرئيس المؤقت المعين بالمادة 102 التي دعا إلى تطبيقها قبل أسابيع قايد الصالح رئيس الأركان، غاب هو نفسه عن افتتاح جلسة المشاورات وارسل الأمين العام للرئاسة حبة العقبي، الذي تجاهل غياب السياسيين الفاعلين، وخبراء القانون الدستوري، وكل أحزاب المعارضة وغالبية أحزاب التحالف الرئاسي سابقا، حيث قاطع الجلسة حزبان من الموالاة وهما “تجمع أمل الجزائر” (إسلامي يقوده وزير النقل الأسبق عمر غول) و”الحركة الشعبية الجزائرية” (علماني يقوده وزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس).

وعوضا عن التجاهل أعلن أنه الانتخابات في موعدها مشيرا إلى أن الموعد أمر فرضه الدستور، فشارك في جلسته أحزاب، ساندت ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وهي التحالف الوطني الجمهوري وحركة الإصلاح الوطني وممثل عن حزب جبهة التحرير الوطني وجبهة المستقبل التي غادر ممثلها مباشرة بعد طلب المنظمين بمغادرة الصحافة لتجري الأشغال في جلسة مغلقة.

ستار محاربة الفساد

ومن بين القرارات التي يهدف العسكر من خلالها خلق رأي عام بأنهم يلبون مطالب الثوار فتحت حكومة بدوي اليوم ملفات الفساد التي تورط بها رموز سياسية ورجال المال وإعلاميين، وحسب تسريبات غير رسمية، اعتقلت السلطات اسعد ربراب الملياردير المقرب من بوتفليقة، وله استثمارات بفرنسا و أنقذ عدة شركات فرنسية من الافلاس.

وكشفت مواقع عن قائمة تضم 52 شخص من ضمنهم مسؤولين بارزين في الدولة مدنيين و عسكريين و رجال أعمال و إعلاميين هم معنيون بالتوقيف من طرف مصالح الأمن و عرضهم على القضاء خلال أيام وتضم القائمة المسربة، وزيران أول و5 وزراء من بينهم وزيرين حاليين، و7 جنرالات من بينهم جنرال مازال في الخدمة، وأمرت محكمة عسكرية إيداع باي سعيد (القائد السابق للناحية العسكرية الثانية) بالحبس المؤقت و بالقبض على المدعو شنتوف حبيب (القائد السابق للناحية العسكرية الأولى) بتهم “تبديد أسلحة وذخيرة حربية ومخالفة التعليمات العامة العسكرية”.

وتشمل القائمة 13 رجل اعمال من بينهم 9 اعضاء في منتدى علي حداد، و3 مدراء لمؤسسات اعلامية، و4 مدراء لوكالات نشر واشهار، و3 من مسؤولي المواقع الالكترونية.

وأفادت مصادر أنه من المحتمل جدًا أن يوجه القضاء الجزائري استدعاء للوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال للمثول أمام محكمة سيدي أمحمد للاستماع إليه في قضية 3 من رجال الأعمال الإخوة “كونيناف”.

وحتى كتابة هذه السطور ما تزال التحقيقات جارية حتى اللحظة مع رجل الأعمال ربراب، مالك مجمع “سبفيتال” من طرف قضاة التحقيق بذات المحكمة، وذلك بعدما أودعته السلطات سجن الحراش.

“حمس” المستهدفة

وخلال اليوم الماضيين كشف حركة مجتمع السلم “حمس” إسلاميين، عن تعرض رئيسها أبوجرة سلطاني لاعتداء لفظي وجسدي في فرنسا، وظهور دعوات لحملها الاقلاع عن المشهد برمته في الجزائر وإلا التصقت بهم اتهامات الولاء للنظام السابق!

وقال الحركة في بيانها إن بعض الأطراف سواء بحسن نية أو بسوء نية تطالب حركة حمس بالخروج من المجالس المنتخبة لاثبات ولائها للحراك الشعبي و ينسون أن حمس خرجت من الحكومة سنة 2012 ولاءا للشعب قبل ظهور الحراك ب 7 سنوات و مع ذلك لا يزال البعض يقولون لمناضلي حمس أنكم كنتم معهم فكيف إذا خرج منتخبوها اليوم من المجالس المنتخبة أذن الدعوة استفزاز ليس الا و لا ينبغي الالتفات اليها.

وقالت الحركة إن الحركة قامت من خلال عضويتها البرلمانية بالدفاع عن الفئات المستضعفة من الشعب (رفض قوانين المالية الجائرة و رفض استغلال الغاز الصخري و رفض طبع النقود و اقتراح قوانين مثل قانون الضريبة على الثروة).

وعن تعرض رئيسها الأسبق أبوجرة سلطاني لاعتداء في باريس؛ اعتبرت أن الطرد أو الاعتداء نفذه أشخاص أو مواطنون من حركة “الماك” علمانيون.

واقع الجزائر

وفي الوقت الذي يرى مللون ومنهم حمزة بولحية على قناة الحوار الفضائية أن ما يحدث الآن ثورة حقيقية والنظام الجزائري يدرك تماماً ما يريده الشعب وهو تسليم السلطة “حقيقة” للجزائريين.

يرى آخرون محسوبون على حركة رشاد الجزائرية (تؤمن بالسلمية وتعمل من خلال ادبياتها) أن قيادة الجيش الجزائري هم 3 أصناف من الضباط: صنف يود القضاء على الانتفاضة بالقمع، وثان يريد التمسك بالسلطة عبر المناورات السياسية، وثالث يريد الانخراط في عملية انتقال ديمقراطي حقيقي. علينا بإضعاف الأول بالسلمية ومفاوضة الثاني مع الثبات على تمدين الدولة، وتمكين الثالث بالدعم الشعبي/ وذلك بحسب عباس اروا القيادي في الحركة.

غير أن آخرين يرون أن باحثون بمركز “الشأن العربي” يرون قيادة الجيش الجزائري فريقان: الأول يمثل أبناء فرنسا، وهو غريب عن الشعب، و يتحين الفرصة لاستئصال الانتفاضة وبالتالي البقاء في السلطة من وراء ستار، أما الثاني فهو متعاطف مع الشعب، ويشعر بأنه جزء منه، وقد يواجِه الفريقَ الأولَ بالسلاح إذا اقتضى الأمر.

فريق من المحللين ثالث يرون أن التحليل سطحي واقتراح ساذج. القيادة العسكرية من الصف الأول التي تملك القرار ولاؤها للغرب الذي يمك أسرارها ويتحكم في أموالها وسينزع حمايته عنها إن لم تنفذ أوامره ولن يكون لها سوى القتل لأنّ أيديها ملطخة بالدماء و الخيانة. لهذا ستقاتل حتى آخر رمق أما بقية الجيش فالاسترزاق عقيدته.

ومن خارج المشهد رأى أ.د. حاكم المطيري أن التحذير من جنرالات فرنسا الجزائر دفاعا عن جنرالات الجيش! خطاب خطير يأتي في سياق صراع المؤسسة العسكرية وأجنحة الحكم في ظل الصراع الدولي على المنطقة خاصة التنافس الأمريكي الفرنسي الأوربي على استعادة احتلال أفريقيا!