علماء: تصريحات ماكرون بشأن الإرهاب الإسلامي تؤكد تأثره بالفكر الصليبي

- ‎فيسوشيال

قال الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إن الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم، وإن على فرنسا لاتصدي لما وصفها بالانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية.

وطرح ماكرون مشروع قانون ضد الانفصال الشعوري يهدف إلى مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية وهو ما يعتبر بحسب محللين استهدافا واضحا للجالية المسلمة في فرنسا على وجه الخصوص، وادعى ماكرون أن فرنسا لا تستهدف الإسلام أو  المسلمين وإنما التشدد والتزمت الذين خلف العنف والضياع على حد وصفه، وأن هاك تأثيرات خارجية في فرنسا لجماعات مثل الوهابية والسلفية والإخوان المسلمين.

وأعلن الرئيس الفرنسي تعديل قانون 1905 بشأن فصل الكنيسة عن الدولة والذي يمثل عماد العلمانية الفرنسية وفرض رقابة أكثر صرامة على الجمعيات الإسلامية ومن المزمع تقديم مشروع القانون لمجلس الوزراء بداية ديسمبر المقبل ثم مناقشته في البرلمان في النصف الأول من العام 2021.

من جانبه انتقد شيخ الأزهر أحمد الطيب ما اعتبره إصرار بعض مسئولي الدول الغربية على استخدام مصطلح الإرهاب الإسلامي وحذر الطيب في سلسلة تغريدات نشرت على حساب الأزهر على "تويتر"، من التأثيرات السلبية لاستخدامات ذلك المصطلح لما يترتب عنه من إساءة بالغة للدين الإسلامي والمؤمنين به ومن تجاهل معيب لشريعته السمحة.

وردا على تصريحات الرئيس الفرنسي قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على محي الدين القرة داغي "إلى السيد الرئيس لا تقلق على ديننا فهو لم يعتمد في يوم من الأيام على دعم سلطة ولا رفع سيفا في وده من عارضه ليفرض رايته". وأضاف أن الإسلام حقائق وجودية خالدة تملك حلا للمشاكل المستعصية على السلطات فهو دين الله وليس نظام حكم يعتمد على مزاج الناخبين ولا تزييف الوعي فالإسلام هو الحضور المستمر للعقل والبرهان وحماية الإنسان.

من جانبه قال أوليفيير وا الباحث والأستاذ في الجامعة الأوروبية في فلورانس إن مشروع الرئيس الفرنسي ضد ما يسميها الانفصالية الإسلامية يهدد بقمع كافة أشكال التعبير الديني مؤكدا أن المستهدف الرئيسي بمشروع القانون هو الإسلام .

الدكتور على محيي الدين القرة داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قال إن تصريحات الرئيس الفرنسي آذت مشاعر أكثر من مليار و700 مليون مسلم، مضيفا أن تصريحات ماكرون ليس لها مصداقية في الواقع فالإسلام هو نظام الرحمة ويتمدد بشكل واسع في كل الدول الغربية ومنها فرنسا.

وأضاف القرة داغي، في مداخلة لبرنامج كل الأبعاد على قناة "وطن"، أن كلام ماكرون تضمن تناقضات كبيرة فقد زعم أن الإسلام في أزمة وهو ليس له القدرة على الإلمام بما يحدث في كل دول العالم، كما أنه في نهاية حديثه قال إنه ليس ضد الإسلام بل يحارب التطرف، وهذا تخصيص بعد إجمال، كما أنه ادعى أن المسلمين لديهم رغبة في الانفصال الذهني على الرغم من أن مواقف المسلمين في فرنسا والذين يتجاوز عددهم 7 ملايين مسلم مشرفة باعتراف كل المسؤولين.

وأوضح أن هناك فرقا بين دين يمثله القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة والسيرة العطرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبين بعض المسلمين، مضيفا أن التنظيمات المتشددة لا تتجاوز نسبتها 1% من عدد المسلمين حول العالم ولا يجب أن يتهم كل المسلمين بالإرهاب بسبب هذه النسبة الضئيلة.

وأشار إلى بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين انتقد الازدواجية في التعامل مع الإسلام وبقية الأديان، مضيفا أن الصرب قتلوا في 3 أيام 8 آلاف شخص في البوسنة والهرسك ولم يتحدث أحد بان الأرثوذكس إرهابيين وعندما قتل الصهاينة الفلسطينيين ولا زالوا لم يتحدث الغرب عن الإرهاب اليهودي كما أن المسيحيين الكاثوليك احتلوا الدول الأفريقية وقتلوا الملايين ولم يتحدث عنهم أحد وعندما قتل متطرف مسيحي 53 مسلما في نيوزيلندا لم يسمع صوتهم أحد بالإضافة إلى حوادث تمزيق القرآن الكريم التي تحدث جهارا نهارا.

وتابع: "الرئيس الفرنسي تعمد خلط الأوراق باتهامه للسلفية والوهابية والإخوان بالإرهاب، وهو ما يؤكد جهله بحقائق الإسلام باستشهاده بمجموعة بسيطة من المسلمين كما يثبت تأثره ببقايا الفكر الصليبي والمستشرقين والعلمانية المتطرفة واليمين المتطرف، وكل هذا يحدث للأسف بدعم من بعض الحكام العرب مثل السيسي وبن زايد الذين يحذرون الغرب من المسلمين ومن المساجد".

بدوره رأى الدكتور عمر الحمدون، الرئيس السابق للرابطة الإسلامية في بريطانيا، إن تصريحات الرئيس الفرنسي عارية تماما من الصحة ومن يتتبع تاريخ المسلمين في الغرب وإنجازاتهم في الحياة العامة يجد أنهم مندمجون في المجتمعات الغربية ولديهم إسهامات على كافة الأصعدة ووصلوا إلى مواقع كبرى في بعض الدول مثل عمدة لندن.

وأضاف أن من يحقدون على الإسلام والمسلمين لا يرون هذه الإنجازات ويركزون على جوانب معينة مختلقة مثل الانعزالية، مضيفا أن الدراسات في عدد من الدول أثبتت أن السكان الأصليين هم الذي يغادرون المناطق التي بها جاليات مسلمة ويرفضون التواجد في مجتمعات مسلمة. وأوضح أن حديث ماكرون عن الانعزالية محاولة للتغطية على مشاكل عميقة تواجهها فرنسا بسبب الفجوة بين الطبقة الرأسمالية وطبقة العمال ولذلك تستمر المظاهرات في فرنسا منذ فترة طويلة، مضيفا أن الحقيقة من وراء هذه التصريحات أنه في فرنسا تحديدا لا يريدون أي مظهر ديني ويرون في الإسلام الوسطي المعتدل خطرا كبيرا يهدد مصالحهم.