عندما تكون البطولة مهاجمة الإخوان!

- ‎فيمقالات

عندما سُئل الإمام الشافعي– رحمه الله تعالى- كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم"، كان يقصد ما يتعرض له أهل الحق من ظلم، ليس فقط من أعداء الإسلام ولكن من ذوى القربى، وظلمهم لا شك أشدُ مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهندِ. وكما قال القائل: "إذا رأيتم الرجل موكلًا بعيوب النَّاس، ناسيًا لعيبه، فاعلموا أنَّه قد مُكِرَ به".

وقد تابعت سهام الغدر والخيانة المنطلقة من كل حدب وصوب، للأسف من الأعداء والأصدقاء، فوجدتها متجهة إلى نحور الإخوان المسلمين. وكم تعجبت عندما رأيت أحد رؤوس المجوس يسب الإخوان ويتهمهم بتهم باطلة، وازداد عجبي أكثر عندما رأيت أن "بشار الأسد" النصيري الطائفي يسب الإخوان ويصفهم بالشياطين، وأنهم “سحبوا من الديانة الإسلامية الأخلاق وشوهوها وخربوا صورتها”، يا واد يا مؤمن!.

أما عن مطبلاتية وأرجوزات الإعلام الهابط والمشخصاتية والراقصات والساقطات وأصحاب العمم العفنة، فحدث ولا حرج. ولم لا وقد أصبح سب الإخوان وشتمهم وظيفة يقتات منها هؤلاء الساقطون ويتعايشون بها، حتى أصبح الأمر مضحكًا، وأن من تغضبه زوجته يسب الإخوان، بل إن بعض المغفلين من خبراء ونشطاء السبوبة ينسبون خوارق العادات لجماعة الإخوان، ولم يبق إلا أن يقولوا هم السبب في وباء كورونا، وليست الصين كما يرى "ترامب".

أما بعض مرتزقة الخليج، الذين يحاولون التغطية على فساد طغاتهم وانحرافهم وجهلهم ووحشيتهم وإجرامهم، فيسبون الإخوان وينعتونهم بصفات هم منها براء، بأنهم أصحاب الصحوة الإسلامية في بلاد الخليج، وهذا شرف لا يدعيه، لأنهم أسهموا مع غيرهم في نشر العلم النافع في هذه البلاد وغيرها.

وكأن جماعة الإخوان مسئولة عن مواخير الفساد، وتبيض الأموال، ونشر الفواحش والرذائل، ودعوة الساقطين من أصقاع الأرض لنشر فسادهم وشرورهم في بلاد الحرمين، أو أن الإخوان مسئولون عن تقطيع المعارضين بالمناشير، والزج بهم في غياهب السجون والمعتقلات.

وقد شاءت إرادة الله فضح أحد أرجوزات إعلام الانقلاب، وهو على الهواء مباشرة وهو يقول: إن الكنترول طلب منه مهاجمة جماعة الإخوان المسلمين. فقد قال محمود سعد: "الكنترول بيقولي بلاش الحكومة وخليك في الإخوان.. الكنترول بيغششني غلط.. الحكومة مسئولة عن كل حاجة تحصل في البلد". 

والحقيقة أن هؤلاء المرتزقة لا يقصدون بهجومهم جماعة الإخوان لذاتها، لكنها ذريعة لمهاجمة الإسلام، ورموزه وقيمه ومبادئه، بزعم تجديد الخطاب الدينى، والإسلام الوسطى الجميل.

ومن أعجب التهم التى رمى بها الانقلابيون الإخوان، أنهم يتبعون بريطانيا، وفى نفس الوقت طالب هؤلاء الحمقى،  بريطانيا بتصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية فى بريطانيا، بزعم أنهم قاموا بعمليات فدائية ضد بريطانيا أثناء احتلالها لمصر. فقد نشرت قناة النيل الاخبارية خبرا مفاده أن "مصر سلمت بريطانيا وثائق تثبت تورط الإخوان المسلمين في عمليات فدائية ضد الإنجليز في منطقة القناة أثناء احتلال الإنجليز لمصر". وهذا شرف ووسام على صدر الجماعة، بأنها جماعة وطنية شريفة، في الوقت الذى باع فيه كثيرون شرفهم لبريطانيا.

هؤلاء أيضا ينسبون الشرف لجماعة الإخوان، دون أن يدروا، بأن جماعة الإخوان تسعى لعودة الخلافة الإسلامية، وأنها تسعى لأسلمة المجتمع، أو كما قال أحد العلمانيين: إن هناك عملية تدرج منظم وممنهج لتديين كل شيء في مصر، ابتداءً من الدستور وانتهاءً إلى الرجل البسيط في الشارع. حتى التحية تحولت لـ(السلام عليكم) بدلًا من صباح الفل والورد والخير»، مؤكدًا أن “الأمة أصبحت سلفية الوعي”. وهل هناك شرف أكبر من ذلك؟!.

والإخوان لم يسلموا حتى من تنظيم داعش، الذي حمل جماعة الإخوان المسلمين مسئولية ما آلت إليه أوضاعهم، بسبب اختيارهم لنهج “الديمقراطية بدلا من الجهاد”. وقال داعش بعد الانقلاب على الرئيس مرسى– رحمه الله- “ما ضرهم لو كفروا بالديمقراطية واتبعوا ما أنزل الله”.

ومع ذلك فإن إعلام العار ينسب كل ما يتم في سيناء من عمليات ضد الجيش لجماعة الإخوان المسلمين، التى أعلنت أن سلميتها أقوى من الرصاص، واليوم تهدر الملايين لإنتاج مسلسلات فاشلة لتشويه صورة الإخوان وشيطنتهم!.

والحقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين ليست معصومة، وليس أفرادها بأنبياء ولا ملائكة، ولكن كما قال الإمام المؤسس- رحمه الله- "كم منا وليس فينا، وكم فينا وليس منا". فالجماعة اجتهدت وبذلت الوسع في اجتهادها فأصابت وأخطأت، في قضايا سياسية، الخلاف فيها مستساغ ومقبول، ولكن للأسف هناك من يحلو له نبش الماضى للنيل من جماعة الإخوان المسلمين، للتغطية على مواقفه المخزية والمؤيدة للانقلاب، وما زال يدّعي الثورية. فقد قال الرئيس مرسى رحمه الله: "الله يشهد، أني لم آل جهدا، أو أدخر وسعا في مقاومة الفساد والإجرام بالقانون مرة، وبالإجراءات الثورية مرات، فأصبت وأخطأت، ولكني لم أخن فيكم أمانتي، ولن أفعل، ولقد بذلت سنين عمري في مواجهة إجرامهم، وسأبقى كذلك ما دام في عمري بقية".

لكن على ما يبدو، أن من يريد العيش في حظيرته بأمان، ويُغْدق عليه المال، عليه فقط أن يسب الإخوان ويكفرهم ويشيطنهم، ويتهمهم بكل التهم التى يناقض بعضها بعضا حتى ينال الرضا، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، لمن يتساقطون يوما بعد يوم.