فرنسا الداعشية

- ‎فيمقالات

لقد سبقت فرنسا تنظيم داعش بقرون في قطع الرؤس، والتنكيل بالضحايا والتمثيل بجثثهم، لكن الفرق بين إرهاب فرنسا وإرهاب داعش أن "داعش" لم يحتفظوا برؤوس ضحاياهم كما فعلت فرنسا، داعية الحرية والديمقراطية.
فرنسا الديموقراطية المتحضرة راعية الحقوق تعرض الجماجم في المتاحف للتباهي، في باريس -عاصمة النور والثقافة-، بماضيها الإجرامي بحق الجزائريين، فيسقط قناع الحرية والديمقراطية، ويظهر حقدهم الدفين على الإسلام والمسلمين.
وقد كان جنرلات فرنسا الدمويون، يعتبرون هذه الجماجم "غنائم حرب"، ولكن بعد سنوات، أعطيت هذه الجماجم إلى متحف الإنسان، من قبل أطباء عسكريين.
وكان الكاتب الفرنسي "دانييل كيمون" يحرض في كتبه، على القضاء على الإسلام وتدمير مكة، ونقْل رفات الرسول- يقصد جسده الشريف صلى الله عليه وسلم- لأنه قال صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ قالوا: يا رسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"- إلى متحف اللوفر وكتابة مرثية الإسلام تحت رفاته، ومازال هذا الكتاب يباع حتى اليوم، ومع ذلك يتهموننا بالإرهاب.

تخيل أن هناك 18 ألف جمجمة رأس بشرية في متحف فرنسي -يسمى متحف الإنسان- تم التعرف على نحو ٥٠٠ رأس لرموز المقاومة والنضال في الجزائر، تم قطعها وإرسالها إلى عاصمة النور والثقافة، كما يزعمون!
وكانت قناة "فرنسا 24" بثت، قبل أيام تقريراً كشفت فيه عن 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف "الإنسان" في باريس؛ منها 500 فقط، جرى التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية، قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ19.
وبعد ذلك يأتى "ماكرون"، بدلا من أن يعتذر ويتحسر على خطيئة بلاده في حق المسلمين، إذا به يعلن أن موقفه من جرائم الاستعمار هو "لا إنكار ولا اعتذار" وأنه يجب طي الصفحة، والتوجه نحو المستقبل.

لقد فعلت فرنسا بشعب الجزائر الأفاعيل، فقتلت الرجال والأطفال بطرق وحشية، واستعملتهم كفئران تجارب، واغتصبت النساء، وفتحت دور الدعارة لنشر الفسق والفجور والفواحش، لإخراج أجيال منبتّة الصلة بتاريخها وإسلامها.
وكما قال الرئيس الجزائرى الأسبق "هوارى بومدين" (1965/1978): "بيننا وبين فرنسا جبال من الجماجم، ووديان من الدماء، ولا يمكن لأي جيل جزائري أن يطوي الصفحة، لأن طيها لا بد أن يكون على أسس متينة وإعطاء الضحايا حقهم".
هاهى فرنسا مدعية الديمقراطية وحقوق الإنسان، تضع الرؤوس التى قطعهتا ببشاعة ووحشية في متاحف، ليقصدها الزوار"، مما يدل على أن ما فعلته فرنسا بالدول التى استعمرتها من قتل وتنكيل وتشريد وانتقام، يبرز أقبح صورة عرفها تاريخ البشرية. وهذا ليس بمستغرب على فرنسا التى اقتتحت حديقة حيوان بشرية، حيث جاءت ببعض الرجال والنساء والأطفال الأفارقة باعتبارهم حيوانات، يشاهدها الجمهور الفرنسى، ويتسلى بمشاهدتها.
فقبل 170 سنة، قامت فرنسا بقطع رؤوس المجاهدين في معركة "الزعاطشة" وترحيلها إلى باريس، لتعرض في متحف الإنسان، الذى يحتوي على آلاف الجماجم من الدول التي استعمرتها فرنسا، وهي تتباهى بهذا؛ من بينها جمجمة 536 شهيدا جزائريا، وجمجمة الشهيد السوري سليمان الحلبيّ رحمه الله.
فقد وقعت المجزرة في واحة "الزعاطشة" -بلدة ليشانة، تقع اليوم في ولاية بسكرة- وهى من أبرز الجرائم التي اُرتكبت إبان الاستعمار الفرنسي، بتاريخ 26 نوفمبر 1849، عندما هاجم الجنرال "هيربيون" الواحة التي كانت معقل الشيخ "بوزيان" قائد ثورة الزعاطشة، بقوات بلغت 8 آلاف عسكري. وبعد يومين من الحصار والقصف بالمدافع، تمكنت القوات الفرنسية من تدمير الواحة بالكامل، وقطع 10 آلاف نخلة، وإحصاء 800 جثة لشهداء جزائريين، وعدد آخر غير معروف تحت الأنقاض. ومن بين الشهداء كان الشيخ "بوزيان". وخسر الجيش الفرنسي، 165 جندياً وأصيب 790 آخرين.
وبعد معركة الزعاطشة قرّر العسكريون الفرنسيون قطع رؤوس القادة، ومنهم الشيخ "بوزيان"، والشريف "موسى الدرقاوي"، وعرضها في إحدى الثكنات ثم الأسواق ببسكرة لمدة ثلاثة أيام، لتكون عبرة لمن يتجرأ على مقاومة المستعمر الفرنسى.

ومن بين الجماجم التي استردتها الجزائر من باريس، وهي جماجم شهداء الثورة الجزائريّة، الجمجمة المرقّمة برقم 5942 جمجمة المجاهد المصري "موسى الدرقاوي" الذي استشهد في معركة الأغواط جنوب الجزائر عام 1852، عندما كانت الأمة ليس بينها حدود تمزّقها.
إنها فرنسا الإرهابية التي خرجت بعد الحرب العالمية الثانية في 1945، لتندد بالجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النازيون، وقد قامت هي بنفس الجرائم، وربما أفظع منها ضد الجزائريين، وما زالت تمارس مزيداً من الجرائم في مالى وليبيا وإفريقيا الوسطى.
ومع ذلك حاول قائد الانقلاب العسكرى في مصر، وصْم المسلمين جميعاً بالإرهاب، إرضاءً لأسياده، والاعتراف بشرعيتة الدموية الزائفة، فقال في كلمة له بمناسبة المولد النبوي الشريف، إنه: "ليس معقولا أن يكون الفكر الذي نقدسه على مئات السنين يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها".. وأن هذا الفكر "يعني أن 1.6 مليار حيقتلوا الدنيا كلها التي يعيش فيها سبعة مليارات عشان يعيشوا هم".

وهكذا قاوم أجدادنا المستعمر، فارتقوا شهداء، ولكن اليوم عندما يقاومون وكلاء المستعمر، فهم خوارج وإرهابيون!! إنها الديمقراطية الزائفة، التي يضحكون بها على أصحاب العقول الفارغة، وفاقدي الوعي. يا للأسى. وما زال بعض العرب والمسلمين يؤرخون لبداية النهضة الحديثة في مصر، بالاحتلال الفرنسي، أو الحملة الفرنسية على مصر!! لعلهم الآن أدركوا فرنسا على حقيقتها.