فشل ذريع للعرب ونجاح باهر للأوروبيين

- ‎فيمقالات

يوم 22 فبراير من الأيام الخالدة في تاريخنا! أراهن أن الغالبية العظمى من الناس لا تعرف الحدث الأعظم الذي جرى يومها، وللأسف كل شيء في مصر يُنسى ولو بعد حين! المناسبة هي وحدة مصر وسوريا يوم 22 فبراير من عام 1958، وأظن أن البعض سيقول ساخرا: “ياه إنت لسة فاكر”!.

ويدخل في دنيا العجائب أنه في هذا التوقيت تقريبا كانت بداية الوحدة الأوروبية التي بدأت بالسوق الأوروبية المشتركة ثم الاتحاد الأوروبي، وقد نجح نجاحًا كبيرًا، ويضم حاليا عشرات من الدول الأوروبية، وأصبح قوة عظمى يُحسب لها ألف حساب!، بينما فشل العرب فشلًا ذريعًا في تحقيق وحدتهم، وكله كلام في كلام وأمجاد يا عرب أمجاد!، بل إن هناك قطاعًا واسعًا من المصريين يرفض أن يكون لهم أي انتماء بالعرب قائلين: “كفانا ما جرى لنا بسببهم.. مش عايزين وحدة ولا يحزنون! الفراعنة لا صلة لهم بأهل العروبة!”.

وهذا ما أراه يدخل في دنيا العجائب؛ لأن الدول الأوروبية الداخلة في الاتحاد الأوروبي صلتهم ضعيفة ببعضهم، بل وتحاربوا طويلا، وكانت هناك معارك دامية بينهم، ومع ذلك سعوا إلى الوحدة لأنهم يعلمون أنه لا مكان في عالم الكبار إلا للقوى العظمى فقط!، وكل دولة وحدها لا تساوي شيئا.

وإذا سألتني وما أسباب الخيبة العربية والنجاح الأوروبي؟ قلت لك: أسباب النجاح ترجع إلى دولة المؤسسات، بينما الفشل مرجعه إلى حكم الفرد، وبالروح والدم نفديك يا ريس، والزعيم الملهم الذي تراه أقوى من كل مؤسسات الدولة بل هي تابعة له. وهو البلاء الذي ما زالت معظم البلدان العربية تعاني منه حتى هذه اللحظة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، بتعبير “صوت العرب” أيام زمان.

في أوروبا كانت بداية وحدتهم على نار هادئة، وبدأت بست دول فقط، ووضعت شروطًا صارمة للانضمام إليهم بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، ووجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق، ثم تطورت رويدًا رويدًا، وكل خطوة نحو الوحدة مدروسة جيدًا ودون عجالة.

وقارن هذا الأسلوب الأوروبي الراقي في التعامل مع ما جرى في الوحدة العربية، وكانت دوما من فوق وتعتمد على حكم الزعيم الملهم، وكل شيء نحو الوحدة المنشودة يتم بسرعة أو “بلهوجة” بالتعبير المصري وبطريقة مركزية، ولذلك كان لها أن تفشل على طول الخط، والاستثناء الوحيد رأيناه في عام 1971م، عندما اجتمعت “دويلات الخليج”، وكل منها لا يزيد على حي من أحياء القاهرة، وقررت الوحدة فيما بينها بطريقة متحضرة، ونشأ عن ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت قوة في عالمنا العربي يحسب لها حسابها.

ولم تتكرر هذه التجربة الناجحة من جديد.. عجائب!