فقدان الثقة بالجنيه.. تجار يتعاملون بالدولار في تسعير سلعهم

- ‎فيتقارير

 كتبت- رانيا قناوي:

مع انهيار العملة المحلية وتذبذبها أمام الدولار الذي وصل سعره لعشرين جنيهًا، ويتوقع خبراء ارتفاعه إلى 25 جنيهًا في الأيام القادمة، اضطر عدد كبير من التجار لتسعير بضاعته خلال بيعها بالدولار، للنجاة من براثن عدم ثبات الجنيه المنهار، وتجنب الخسائر التي تحدث مع كل تغيير في سعر العملة، الأمر الذي أصاب التجار بحالة من الذعر خوفا من انهيار رأس المال، واضطرارهم للتعامل بالدولار في تسعير السلع.

ونقلت صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية، في تقرير لها اليوم السبت، عن أحد التجار ويدعى هشام مصطفى إن "سعر الدولار يتذبذب يومياً وكل ساعة.. صباح أول أمس اشتريت كمية من الدولارات من السوق السوداء بسعر 20 جنيهاً للدولار الواحد.. وفي المساء اشتريت بـسعر أقل، واليوم الدولار انخفض إلى 18 ونصف جنيه، وقبلها كان يرتفع".

وأضاف "من عادة كثير من المصريين أن يحجزوا الأجهزة المنزلية التي يحتاجونها ويتفقوا على سعرها بالجنيه المحلي وبعد عدة أيام أو أسابيع يعودون للمعرض لدفع باقي الأموال المتفق عليها وأخذ البضاعة"، كما يوضح هشام.. أما الآن فقد اختلف الحال، ففي الوقت الذي يستلم فيه العميل بضاعته تكون قيمة الجنيه المصري تغيرت عن الوقت الذي اتفقت معه على عملية الشراء، وأنا لا أستورد السلع بالجنيه بل بالدولار، ما يجبرنا على تغيير الاتفاق ويؤدي ذلك إلى استياء العميل ومن الممكن أن يلغي عملية البيع نهائيًا".

وأوضح ان الأمر لم يقتصر فقط على الخلاف بين صاحب المعرض والمستهلك، بل امتدت الأزمة إلى الخلاف مع المستورد الرئيسي. فكما يوضح هشام، "نتفق مع المستورد على مبلغ معين لكمية من الأجهزة المنزلية، وعند تسلم البضاعة منه نجد أنه مجبر على رفع السعر المتفق عليه نتيجة ارتفاع سعر الدولار وارتفاع الجمارك أيضًا في بعض الأحيان".

وتابع "اتفقنا بيننا كتجار على التعامل بالدولار، وبذلك نضمن عدم الرجوع في الاتفاق، وارتفاع أو انخفاض الجنيه يتحملها المتعامل بالدولار سواء التاجر أو المستورد، ومن ناحية أخرى يتم الاتفاق مع المستهلك على التسعير بسعر الدولار، وعند تحميل البضاعة يتم الدفع بالدولار أو ما يقابله بالجنيه المصري وقت التحميل".

وأوضح أن كل التجار الذين يتعاملون في السلع المستوردة "الأجهزة الكهربائية والتكنولوجيا والتليفون المحمول والسيارات وغيرها"، بدأوا بالتعامل بالدولار بينهم، وكأن الفكرة انتشرت كالنار في الهشيم دون أي اتفاق مسبق.

كما أكد ثابت عمر، صاحب معرض سيارات بالقاهرة، أن الاتفاق بينه وبين المستهلك والمواطن، يشير صاحب معرض السيارات إلى أن الاتفاق بسعر الدولار يكون لصالح المستهلك، مستطردًا: "الاتفاق يضمن عدم تصرفي في السيارة أو عدد السيارات التي تم الاتفاق حولها.. ووقت إمضاء العقد والتسليم يتم تسعير البضاعة على حسب سعرها بنفس اليوم".

وعلق مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، وأستاذ التمويل بجامعة القاهرة على أن تعامل التجار أو حتى التسعير للمستهلك بالدولار، مؤشر خطير وسلبي على الاقتصاد المصري، ويؤدي لفقدان الثقة في العملة الوطنية المصرية.

وأوضح نافع أن المستهلك يوافق على التسعير بالدولار لضمان وجود بضاعته عند العودة لتحميلها، ويقول: "لا نلوم المستهلك على ذلك، ولكن نطالب الحكومة بوضع قانون لتجريم التعامل بالدولار أو حتى التسعير به حتى لا يتدهور الاقتصاد أكثر مما هو عليه حالياً".

وترجع قصة تحويل معظم التجارة الدولية على مستوى العالم إلى التعامل بالدولار إلى عام 1944م، قبل أن تخرج الولايات المتّحدة من الحرب العالمية الثانية بعامٍ واحد، حيث بدأت تعمل على إنشاء نظام عالمي اقتصادي جديد، تكون الولايات المتحدة والدولار الأمريكي رأس الهرم فيه. وقد حصل ذلك عن طريق اتفاقية Bretton Woods.

وهذه الاتفاقية التي حضر توقيعها 44 دولة من حول العالم، هي الاتفاقية الرئيسة التي رسخت هيمنة الدولار الأميركي على تعاملات العالم الاقتصادية حيث صارت الدول الـ44 ترجع إلى الدولار الأميركي لتحديد قيمة عملاتها دوليًّا؛ ما جعل الدولار بمركز الملك.