فنون القمع.. أدوات جديدة استخدمتها عصابة العسكر لوأد الاحتجاجات ومنع التظاهر

- ‎فيحريات

رغم المطالبات التي أطلقتها العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، فضلا عن بعض النداءات الدولية للنظام الانقلابي في مصر، بالحفاظ على حق المواطنين في التظاهر السلمى للتعبير عن آرائهم واحترام حقوق الإنسان، إلا أنَّ مليشيات السيسي تواصل إغلاق المجال العام لتكميم الأفواه.

وشهدت منطقة وسط البلد فى القاهرة، أمس الجمعة، وغيرها من ميادين الحرية بمحافظات الجمهورية، انتشارًا أمنيًّا غير مسبوق لمنع خروج المظاهرات المطالبة برحيل السيسي والفاسدين الذين يعبثون بمقدرات البلاد.

وأكَّد متابعون للحراك الميداني أنَّ قوات الانقلاب لم يتوقف عملها على إغلاق الميادين الرئيسية، بل إنها انتشرت أيضًا فى الشوارع الجانبية والفرعية لمنع أي شكل من أشكال التجمع والتظاهر .

بل وعمِدت إلى عدد من الأساليب التي أسهمت في صناعة مشهد الإغلاق، بينها ما ذكره أحد الشهود بأنه كان يتواجد فى شارع “سليمان باشا”، حيث كان يتحرك ببطء بسبب موكب للمدرعات التي تفتح الأنوار وتطلق “السرينة” لإرهاب المارة بالشوارع وحتى داخل البيوت، ويتم توقيف أي مواطن يتواجد على الرصيف.

وتابع آخر أنه “رأى موكب عربيات نصف نقل تفتح سرينات الشرطة وتحمل مجموعة من أفراد الأمن بزي مدنى من ذوى العضلات مدججين بالأسلحة المتنوعة، بينها الآلي وأنواع أخرى كانوا يشهرونها وهم ملثمون ويتجولون فى كل مكان بشكل سريع”.

وأضاف الشهود أن “داخلية الانقلاب أدخلت إدارات جديدة لم تُعرف من قبل، كانوا يرتدون “بِدل كُحلى” تشبه ملابس رجال الإطفاء، وآخرين يرتدون “بدل مموهةً” تشبه ملابس الجيش، وينتشرون فى منطقة وسط البلد وجميع الشوارع المؤدية إليها بشكل مكثف وبأعداد كبيرة جدا”.

وفوق كل هذا كانت تجرى عمليات تفتيش بكل مهين لكل من يتحرك بالقرب من هذه المنطقة التي أُغلقت بشكل تام، بما يعكس تغير الوضع عما كان عليه فى يناير 2011، حتى إن جحافل أفراد الأمن المركزي التى كان تستخدم فى مثل هذه الظروف لم تُر، بما يؤكد تغير خطط الفض والتعامل مع المظاهرات”.

في المقابل ورغم هذه القبضة الأمنية غير المسبوقة لإرهاب المواطنين، خرجت مجموعة من المظاهرات فى أماكن متفرقة تطالب برحيل السيسي وعصابته، بينها حلوان والمطرية فى القاهرة، والوراق والصف فى الجيزة، يضاف إليها المظاهرات التى خرجت بعدد من مدن المحافظات كما فى إسنا بالأقصر، وقوص بقنا، والمنيا ودلجا ببنى سويف وسوهاج، وتعرض عدد منها لاعتداءات من قبل قوات الانقلاب التي تعاملت بكل عنف لفضها، فضلا عن اعتقال عدد من المواطنين بشكل عشوائي بالقرب من أماكن التظاهر.

هذه الانتهاكات والجرائم التى ارتكبتها قوات الانقلاب لقمع ومنع خروج المظاهرات المطالبة برحيل السيسي رصدتها تقارير الصحافة العالمية. ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن سلوك سلطات الانقلاب في قمع الاحتجاجات المناهضة للسيسي قائد الانقلاب والمطالبة برحيله.

وذكرت الصحيفة أن داخلية الانقلاب نشرت “عصابات” من رجال ملثمين مسلحين وشرطة مكافحة الشغب، قامت باتخاذ إجراءات صارمة وتضييقات في المناطق الوسطى من القاهرة يوم الجمعة، ما حال دون قيام المتظاهرين المناهضين للحكومة بتوجيه تحدٍ رئيسي ثان للنظام في غضون أسبوع واحد، على الأقل حتى الآن.

وتابعت “قوات الداخلية أغلقت أكثر من عشرة من الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير، مهد الربيع العربي في مصر ومركزه عام 2011، مؤكدة: “كانت الشوارع مهجورة، مع وجود قوات الأمن فقط، مما جعل المنطقة مثل القلعة التي لا يمكن اختراقها.

وأشارت إلى أنه تم إغلاق بعض محطات المترو في وسط القاهرة، “وعند نقاط التفتيش، قام ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي العسكري بإيقاف الأشخاص بشكل عشوائي، وخاصة أولئك الذين يستخدمون الدراجات النارية، مطالبين برؤية وثائق هويتهم وحتى محتويات هواتفهم وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي”، واعتقلت قوات الانقلاب خلال الفترة الماضية ما يزيد على 2000 شخص، وفقا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومن المرجح أن يرتفع العدد. وقال محامو حقوق الإنسان، إن الكثيرين اعتُقلوا تعسفيا في عمليات تمشيط عشوائية.

ومن بين المعتقلين سياسيون معارضون وصحفيون ونشطاء، إلى جانب سبعة أجانب على الأقل، بينما تحاول حكومة الانقلاب تصوير المعارضة الناشئة على أنها مدبرة من قبل القوى السياسية الأجنبية، فى الوقت الذى ألقى السيسي باللوم على الاحتجاجات لتيار “الإسلام السياسي”.

فيما وصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الجمعة، الحملة الأمنية التي شملت تقييد العديد من خدمات الإنترنت والمواقع الإلكترونية، بأنها ربما تكون الأكبر منذ الإطاحة عام 2013 بالرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، والذى تم الانقلاب عليه من قِبل السيسي الخائن، كما وصفت منظمة العفو الدولية إغلاق سلطات الانقلاب لأربع محطات مترو رئيسية فى القاهرة  بأنه “انتهاك صارخ لحرية التجمع والحركة”.