“فورين بولسي”: رجال مبارك المحتالون يعودون من جديد في عهد الانقلاب

- ‎فيتقارير

نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرا تناول صفقات مصالحة محتملة بين رجال أعمال هاربين محسوبين على عهد المخلوع مبارك، كحسين سالم ورشيد محمد رشيد وبين النظام الحالي للعودة إلى مصر مقابل دحض اتهامات الفساد، وأثبتت المجلة بالأرقام كيف ستخسر مصر المليارات في حالة اتمام المصالحة.

وقالت المجلة الأمريكية، في سياق تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني، بينما احتشدت الجماهير في شوارع مصر أثناء ثورة 2011 التي أطاحت بالمستبد حسني مبارك، لم يكن فقط السياسيون والجنرالات الذين سعوا جاهدين لحماية مصالحهم، لكن مليونيرات البيزنس المرتبطين بالنظام القديم حزموا أمتعتهم وملياراتهم وغادروا البلاد.

وأضافت المجلة أحد هؤلاء كان حسين سالم، الذي اشتهر بكنية "والد شرم الشيخ"، لامتلاكه فنادق متعددة في مدينة المنتجعات الساحلية، الذي جمع مليارات الدولارات في الطاقة، والسلاح، والضيافة في عصر مبارك.

وأشارت إلى أن سالم كان وطيد الصلة بالمخلوع لدرجة أن الاثنين كانت لهما استثمارات مشتركة، وفقا لوثائق حصلت عليها فورين بوليسي.

ولفتت إلى أن ذلك التحالف كان مربحا لسالم، ففي أوائل عام 2000، منحه مبارك حق احتكار صادرات الغاز إلى الأردن وإسرائيل وإسبانيا، واستخدم سالم هذه الصفقة لبيع الغاز بأسعار أقل من سعر السوق لسنوات عديدة، ووفقا لحكم المحكمة، فقد كلف ذلك الدولة ما يزيد عن 700 مليون دولار.

وقالت إن سالم لم يرجع إلى مصر منذ سقوط مبارك، لسبب مفهوم، يتمثل في أن مصر ما بعد الثورة سعت إلى إرجاع الملايين المسروقة من مبارك والمقربين منه، كما ركزت سلسلة من قضايا المحكمة على ممارسات البيزنس الفاسدة لسالم وعائلته.

وأوضحت أنه في أكتوبر 2011، أدين سالم مع نجله خالد ونجلته ماجدة في اتهامات تتعلق بالكسب غير المشروع في صفقات بيع الغاز، وصدر ضده حكم بالسجن سبع سنوات، وفي يونيو 2012، أدين سالم ببيع الغاز إلى إسرائيل تحت أسعار السوق، وحكم عليه غيابيا بالسجن 15 عاما، وغرامات مع باقي المتهمين بلغت 412 مليون دولار.

وأشارت إلى أن سالم الذي يحمل الجنسية الإسبانية، والتي سمحت له بمراوغة النظام القضائي المصري، يقطن الآن في ماجوركا بإسبانيا، وأدرجه الإنتربول ضمن المطلوبين مع نجله وابنته، لكن المحاكم الإسبانية رفضت تسليمه إلى مصر لأن الدولتين ليس بينهما اتفاقات تعاون قضائي أو قانوني مشترك، وكذلك لشكوك المحاكم الإسبانية حول مدى عدالة العملية القضائية في مصر.

وأكدت أنه للمرة الأولى منذ سقوط المخلوع مبارك، ربما تتحول حظوظ سالم ورجال أعمال عهد مبارك إلى الأحسن، فمنذ أن عزل الجنرالات الرئيس محمد مرسي في يوليو بانقلاب عسكري، عبر سالم عن سعادته وكشف تخطيطه للعودة إلى القاهرة، حسبما قال محاميه طارق عبد العزيز لفورين بوليسي.

وألمحت أن سالم الرجل الثقة من مبارك، هاتف برنامج تلفزيون شهير في يناير لعرض صفقة على الحكومة المصرية المدعمة عسكريا، عبر منح مصر ملايين مقابل إلغاء الإدانات القضائية التي صدرت ضده، ورحب مسؤولون مصريون علنا بالعرض.

وأوردت قول هاني صلاح، المتحدث باسم رئاسة الوزراء الانقلابية، خلال مكالمة هاتفية لـ "سي بي سي": " لحسين سالم وغيره من رجال الأعمال النبلاء، أقول إن مبادرتكم محل تقدير حقيقي، أي شخص يقترح عرضا نبيلا وجيدا، نصغ إليه على الأقل من أجل وطننا الحبيب"، على حد زعمه.

ورغم ذلك، فإنه يبدو أن المصالحة لن تجلب القليل إلا مساومة "المال مقابل إسقاط اتهامات الفساد.

وقالت إنه خلال مكالمة هاتفية أخرى في 9 يناير، عرض سالم دفع 3.6 مليون دولار تمويلا لإنعاش السياسة، وإصلاح أقسام الشرطة والكنائس والمساجد مقابل حريته، وهو انخفاض جذري مقارنة لما عرضه قبل الانقلاب.

وأضافت أن رجال الأعمال الآخرون، المرتبطون بصلات مع نظام المخلوع مبارك، يصطفون لتقديم عروض المصالحة، مثل رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة في عهد المخلوع، الذي يخوض محادثات مماثلة مع الحكومة الحالية، ويتأهب لتقديم عرض آخر، وفقا لما ذكرته موسى.

يذكر أن رشيد صدر ضده حكم غيابي بالسجن 20 عاما، وغرامات 330 مليون دولار على الأقل بعد إدانته في اتهامات تبديد المال العام، والتربح، وكان قد هرب إلى دبي منذ ثورة 2011.