في ذكراها الثامنة.. ثورة يناير نار تحت الرماد ومصر في أسوأ أحوالها!

- ‎فيأخبار

قبل 7 سنوات من الآن بدأ الربيع العربي في مصر بمظاهرات حاشدة يوم 25 يناير 2011، وانتهت بالإعلان عن تنحي محمد حسني مبارك عن منصب الرئاسة في 11 فبراير 2011، وعند انسحاب المحتجين من الميادين، سيطر المجلس العسكري على الحكم 17 شهرًا، قبل أن يترك كرسي الحكم لأول رئيس منتخب.

وخلال فترة حكمه، اتخذ الرئيس محمد مرسي عدة قرارات أفزعت الحلف “الصهيو- خليجي”، قوبلت بما أطلق عليه حينها “الثورة المضادة”، التي انتهت بانقلاب عسكري قاده وزير الدفاع آنذاك السفيه عبد الفتاح السيسي، في الثالث من يوليو 2013، منهيًا بذلك أول تجربة انتخابية رئاسية في تاريخ مصر.

أُطلق بعدها سراحُ مبارك ونجليه، وأركان نظام الحكم السابق، وفي مقدمتهم وزير الداخلية حبيب العادلي، وفُتحت أبواب السجون والمعتقلات في وجه كل من عارض الانقلاب من المصريين، من جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات والأفراد، وتشير تقديرات منظمات حقوقية دولية إلى أن عددهم يتجاوز 100 ألف شخص.

هل تلاشت؟

بالتزامن مع ذلك، صدرت مئات أحكام الإعدام في حق معارضي الانقلاب، من طرف قضاة وصفوا بأنهم صاروا متخصصين في أحكام الإعدام، وتناقلت التقارير الحقوقية المحلية والدولية صورا وتفاصيل عن معاناة المعتقلين، نساء ورجالا، بل وأحيانا كثيرة من الأطفال من انتهاكات خطيرة، وخاصة في سجن العقرب، وتنوعت بين الاعتداءات الجنسية وانتهاء بالحرمان من العلاج والقتل البطيء.

تلك حكاية ثورة 25 يناير التي يخلد المصريون ذكراها كل سنة على أمل تحقيق أهدافها الأصيلة، عيش، حرية، عدالة اجتماعية؛ فالثورة التي حملت بين جنباتها حلما للمصريين بحياة أفضل، تلاشت لاحقا في خضم أزمات سياسية وتدمير اقتصادي وتفريط متعمد للسيادة على الأرض والسماء.

وتأتي الذكرى الثامنة لثورة المصريين المُلهمة في ظل أوضاع جحيمية، يرى محللون وسياسيون أنها الأشد سوءا بتاريخ مصر على الإطلاق، بدءا من السفيه السيسي الذي استولى على الحكم، إلى ما يرى فيه مصريون آلة قمع وقبضة أمنية محكمة جاءت بعد انقلاب عسكري على محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بعد الثورة.

وفي الوقت الذي تكتظ فيه السجون بآلاف المعتقلين والشباب المشاركين في الثورة والداعين لها، ينعم رموز المخلوع مبارك، ومن ثار الشعب على ظلمهم، بالحرية، فضلاً عما يتجرعه الشعب من ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية سيئة.

ثورة 25 يناير كانت علامة فارقة بتاريخ مصر والعالم العربي، فهي قصة نجاح للشعب المصري في تحقيق إرادته، ومثلها مثل كل الثورات الناجحة التي تمت مواجهتها بثورات مضادة، تضعف حيناً ثم لا تلبث أن تستعيد عافيتها من جديد، فلا يجب أن نتوقف عند اللحظة الراهنة بسلبياتها الموجعة.

المارد قادم

ولا شك أن ربيع المصريين حاليا في حالة انحسار وضعف؛ بفعل الثورة المضادة، لكن هذه الأخيرة أيضا تنحسر، ففي عمر الثورات خمس سنوات غير كافية على الإطلاق في إعلان نهاية المعركة مع الثورة المضادة، ورغم توحش الثورة المضادة؛ بفعل الدعم الخليجي والصهيوني والغربي لها، إلا أن الضعف الحقيقي لـ25 يناير يتمثل في الصف الثوري، الذي يعاني من نخب في غالبها فقدت أهليتها للاستمرار، وسط حالة من التشرذم وفقدان الرؤية والشجاعة لطرق جديدة تناسب المعركة مع الثورة المضادة.

ويخشى السفيه السيسي ومن يدعمه ويقف في ظهره، أن يخرج من تحت الرماد الثقيل جمر مشتعل يتمثل في جيل ثوري جديد بدأ يتشكل بإرادة صلبة، وعزيمة قوية، وإدراكٍ لطبيعة العصر وآلياته وأفكاره، هذا الجيل سيشكل الطليعة للموجة الثورية القادمة، التي ستبدأ مع بداية انحسار الثورة المضادة، بعد أن تفقد مقومات وجودها وأهليتها لدى الشعب المصري.

وإلى الآن لم تحقق الثورة مبادئها التي انطلقت على أساسها؛ من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية؛ فالثورة الآن في حالة هزيمة كبيرة من الثورة المضادة والنظام العسكري، ولم تحقق شيئا من أهدافها إلا فترة من الحرية بعد إسقاط مبارك؛ لكن من يحكم مصر الآن هو جنرال صهيوني حتى النخاع، ومنطقيا هو أبعد تماما من أن يحقق أي هدف من أهداف ميدان التحرير.

ويجب أن يعترف الجميع بأخطاء تم ارتكابها، بداية من ترك الحكم للعسكر منذ إسقاط مبارك، مرورا بعدم وجود مشروع واضح للثورة ولفترة الانتقال، ثم الأهم الانقسام والتخوين بين رفاق الثورة، وأخيرا ضعف المسار الإصلاحي أمام خيار المسار الثوري في القضاء على تجذرات الدولة العميقة.