في ذكرى الاستقلال.. لماذا انسحب 22 حزبًا من حكومة البشير؟

- ‎فيعربي ودولي

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم خلال اليومين الماضيين استمرار محاولات للزحف تجاه قصر حكم عمر البشير، ودعا تجمع المهنيين السودانيين إلى موكب جديد نحو قصر الحكم، وتصدت قوات الأمن للحشود بالرصاص الحي ووقع عشرات الإصابات، فضلاً عن اعتقالات بالجملة، وفي ضوء سقوط قتلى قدروا بـ37 شخصًا منذ بداية اشتعال الغضب في شوارع السودان وحتى الآن، ودعا الرئيس السوداني “البشير” إلى تشكيل لجنة “لتقصي الحقائق”.

ومن أبرز ما تمخضت عنه الاحتجاجات المتزامنة مع ذكرى استقلال السودان الـ63، إعلان نحو 22 حزبا سياسيا في السودان انسحابها من الحكومة وتقديم مذكرة تطالب بتشكيل مجلس انتقالي من 100 عضو دون محاصصة، وتنحي رأس النظام وحل البرلمان وتشكيل حكومة كفاءات انتقالية، تعمل على وقف الانهيار الاقتصادي والتجهيز لانتخابات جديدة، حل حكومات الولايات، 18 ولاية، ومجالسها التشريعية.

وأبرز الأحزاب الموقعة على البيان حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل وحركة الإصلاح الآن برئاسة غازي صلاح الدين وحركة الإخوان المسلمين والحزب الاتحادي الديمقراطي.

وقال غازي صلاح الدين النائب السابق لعمر البشير: إن المكتب السياسي للحركة، قرر الانسحاب من الحكومة، مضيفا أن الأحزاب السياسية متخلفة عن الشارع، الذي توحد وخرج في مظاهرات مطالبة بتنحي البشير، وذلك يتطلب منا العمل لتجسير تلك الهوة بين المواطن والأحزاب.

ووصف رئيس قطاع الإعلام بحزب الرئيس “المؤتمر الوطني” إن “الأحزاب التي خرجت لا وزن لها وأفرادها يمارسون انتهازية سياسية”.

وأوقع الانفصال الوشيك مجالاً للمشككين في نية الأحزاب وكان منهم من وصفهم بالانتهازيين والقافزين من المركب، فيما رأى محللون سياسيون إن المبادرة تعني إفساح المجال للرئيس للمبادرة بالتنحي وإخراج السودان من ربقة المتدخلين الغربيين والإقليميين.

وعلى مستوى الشارع رصدت لجنة أطباء السودان المركزية عشرات الجرحى في مظاهرات 31 ديسمبر 2018؛ حيث تم تحويل بعض الإصابات لمستشفى فضيل وإصابات أخرى لمستشفى الفيصل ومستشفى الخرطوم، فضلاً عن العديد من حالات الاختناق نتيجة للاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع.

محاولات إنقاذ

ويقوم نظام الرئيس السوداني بعدد من الإجراءات التي اعتبرها محللون محاولة لتخدير الشعب وإخماد الثورة، فيما اعتبرها آخرون استجابة لمطالب الجماهير؛ حيث اتفقت وزارة المالية بالحكومة مع مطاحن كبرى لدعم الخبز لمدة شهر.

في حين جاءت المذكرة بعد ساعات من قرار البشير تشكيل لجنة لتقصي الحقائق “حول الأحداث الأخيرة برئاسة وزير العدل” محمد أحمد سالم، جاء القرار بعد كلمة للبشير قال فيها: إن بلاده “تمر بظروف اقتصادية ضاغطة، أضرت بشريحة واسعة من المجتمع لأسباب خارجية وداخلية”. مضيفا أنه يقدر “المعاناة ويشكر الشعب على صبره الجميل”.

ليس الخبز وحده

وتأتي المظاهرات أو الاحتجاجات المستمرة بدورية منتظمة ودعوات متصلة، لتكشف أن إراقة الدماء وقتل الأبرياء من المواطنين، سيزيد الثورة اشتعالا وسيترتب عليه عواقب وخيمة.

 

 

كما كشفت برأي مراقبين أن اتساع رقعتها لم تكن فقط بسبب الزيادة في أسعار الخبز، ولكنها معاناة شعب من الحرب والنزوح والغلاء وتفشي البطالة والغلاء الطاحن وإهمال القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الزراعة؛ ما أدخل البلاد في أزمة اقتصادية مركبة، فضلا عن الأزمة السياسية التي أفرزتها.

تحييد الأمن

ويطالب عقلاء السودان بحل يجنب البلاد الدموية التي ظهرت في بلدان الثورات مثل مصر وسوريا واليمن والتي كان مسئولا عنها التدخل السافر لقوات الداخلية والجيش في الأزمة السياسية، معتبرين أن تعديل الدستور من أجل مد رئاسة البشير يمثل خرقا أساسيا لمخرجات الحوار الوطني.

وهو ما دعا إليه بيان الجبهة الوطنية الذي طالب بأن تكون الأجهزة والقوات النظامية بعيدة عن الاستقطاب السياسي لضمان حيادها للقيام بمهامها الدستورية، بل وحماية التظاهرات السلمية المشروعة والإفراج عن كافة المعتقلين.

واندلعت مظاهرات في مدن السودان منذ 19 ديسمبر احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية تطالب بسقوط النظام والرحيل للبشير.

ويواجه اقتصاد السودان صعوبات بسبب النقص في العملات الأجنبية وارتفاع نسبة التضخّم إلى 70% وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، في وقت شهدت مدن عدّة نقصا في إمدادات الخبز والوقود.