في ذكرى ثورة يناير.. المصريون عبيد لا حقوق لهم بدولة العسكر

- ‎فيتقارير

تواصل دولة العسكر انتهاكاتها لحقوق الإنسان وتتعامل مع المصريين كعبيد لا حقوق لهم، وتؤمن بأن كل ما عليهم هو السمع والطاعة، بل والتطبيل لقائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي .

ومع اتساع رقعة الانتهاكات من اعتقالات وتعذيب وإخفاء قسري وتصفية جسدية وكبت وقمع ومنع حرية التعبير عن الرأي، بجانب الحرمان من الخدمات كالعلاج المجانى والتعليم المجانى، إلى التجويع بإلغاء الدعم وتخفيض الرواتب في ظل تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهكذا مسلسل الانتهاكات لا يتوقف فى دولة العسكر بل يتزايد ويتوغل فى كل المجالات .

المنظمات الحقوقية تُصدر كل يوم بيانات إدانة وشجب، بعض دول العالم تستنكر وتطالب بوقف الانتهاكات والإفراج عن المعتقلين مثلا، لكن تتوقف الأمور عند هذا الحد أمام الدعم الأمريكي والأوروبي والخليجي لقائد الانقلاب الدموي .

وفى الذكرى التاسعة لثورة 25 يناير، نرصد أوضاع حقوق الإنسان فى دولة العسكر :

تدهور كارثي

من جانبها انتقدت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، ما وصفته بالأدوات القمعية التي يستخدمها “عبد الفتاح السيسي” ضد الشعب المصري، معتبرة أنها شبيهة لتلك الأدوات التي كان يستخدمها سلفه “حسني مبارك”، مثل استبدال الاعتقال الإداري بالحبس الاحتياطي، مؤكدة أن السيسي يعتقل الآلاف من المنتقدين السلميين لنظامه، وسط تعطيل ضمانات المحاكمة العادلة.

وقالت المنظمة، في سلسلة تغريدات على “تويتر”، بمناسبة حلول الذكرى التاسعة لثورة يناير 2011، إن الثورة حملت مطالب الحرية والعدالة الاجتماعية، غير أن وضع حقوق الإنسان شهد تدهورا كارثيا وغير مسبوق، عبر تمرير القوانين القمعية، وتقويض استقلالية القضاء، وفرض قيود خانقة على وسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية، والنقابات العمالية، والأحزاب .

وأضافت: تأتي ذكرى ثورة 25 يناير في ظل استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب إزاء انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، إلى جانب عمليات الإخفاء القسري الجماعية، والإعدامات خارج نطاق القضاء، واستخدام القوة المفرطة لإسكات المعارضين السلميين .

وتابعت المنظمة: “تسع سنوات مرت على ثورة 25 يناير، ولا يزال المدافعون عن حقوق الإنسان والذين نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم الإنسانية، يتعرضون للاعتقال التعسفي، والتعذيب، وسوء المعاملة في السجون” .

وأشارت إلى أن الصحفيين لا يزالون يتعرضون للحبس التعسفي، والتعذيب، وسوء المعاملة في السجون، واقتحام مكاتبهم من قبل الأجهزة الأمنية، فضلًا عن حجب المواقع بسبب مقابلة صحفية أو تحقيق استقصائي أو صورة أو عنوان لا يروق للسلطة الحاكمة” .

ضائعة ومُنتهكة

كما دعت 5 منظمات حقوقية الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على أوضاع حقوق الإنسان في دولة الانقلاب الدموي، والتحقيق في جرائم القتل خارج نطاق القانون، أو الإجراءات القضائية التي تفضي لصدور أحكام إعدام وفق إجراءات موجزة أو تعسفية، ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم ومنع إفلاتهم من العقاب .

جاء ذلك في تقرير مشترك لكل من: منظمة إفدي الدولية، ومؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومنظمة هيومن رايتس مونيتور .

وطالبت المنظمات الحقوقية المقرر الأممي الخاص المعني بالقتل خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، وكذا المقرر الخاص باستقلال السلطة القضائية، بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بضرورة التحرك لوقف تنفيذ أحكام الإعدام التى تصدرها سلطات الانقلاب.

كما طالبت دولة العسكر باحترام الدستور والقانون وتطبيقه، والالتزام بكافة المواثيق والعهود الدولية، خاصة ما صدقت عليها مصر، ووقف تنفيذ كافة أحكام الإعدام الصادرة في قضايا سياسية من دوائر الإرهاب والمحاكم العسكرية وغيرها، ووقف محاكمة المدنيين أمام الدوائر الاستثنائية والقضاء العسكري.

وشدّدت على ضرورة وقف جميع أعمال العنف والقتل تجاه الموطنين، وضرورة التحقيق في جميع جرائم القتل خارج نطاق القانون، وتقديم المسئولين عن ارتكابها إلى المحاكمات العاجلة.

وأشارت المنظمات إلى أهمية “تنفيذ كافة التوصيات الصادرة من الأمم المتحدة واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التي تُطالب بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في القضايا السياسية”.

وذكرت أن حقوق الإنسان في مصر فى عهد العسكر مُهدرة وضائعة ومُنتهكة، بشكل مُمنهج ومُتعمّد وواسع الانتشار.

ويأتي الاعتداء على الحق في الحياة، في مُقدمة تلك الحقوق التي لم تعد دولة الانقلاب تحترمها، رغم وجود نص دولي في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تنص على أن “لكل فرد الحقُّ في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه”.

محاكم استثنائية

وأوضحت المنظمات أنه يتم إنزال عقوبة الإعدام في دولة العسكر بإجراءات سريعة وموجزة، تفتقد لضمانات المحاكمات العادلة، وتشكل خطورة وتهديد للحق في الحياة”.

وتابعت المنظمات: ”تُعد محاكمة المعتقلين أمام محاكم استثنائية غير مختصة، وذلك في القضايا السياسية منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى الآن، من أبرز الخروقات التي تتم بالمخالفة للدستور المصري والمواثيق الدولية المُصدق عليها من مصر، والتي تُلزم بأن حق التقاضي مكفول أمام القاضي الطبيعي والمحكمة المُختصة، ونصت تلك القواعد القانونية على عدم جواز إنشاء أية محاكم خاصة، إلا أن عكس ذلك يتم في دولة الانقلاب، في إخلالٍ واضح بالقواعد القانونية والقضائية المُستقر عليها .

وأشارت إلى أنه منذ عام 2013 وحتى نهاية عام 2018 صدر 1320 حكما بالإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام في 52 مواطنا في ثلاثة عشرة قضية سياسية متفرقة.

ونوهت المنظمات إلى صدور أحكام نهائية باتة واجبة النفاذ في حق 65 مواطنا مدنيا خلال الفترة من إبريل 2016 وحتى نهاية عام 2018، وبعد تنفيذ حكم الإعدام في خمسة عشرة مواطنا خلال فبراير 2019 أصبح عدد من ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام 50 مواطنا مدنيا رهن الإعدام في أي وقت من الآن .

ورصد التقرير فقدان أحكام الإعدام للكثير من الضمانات، حيث تم حرمان المعتقلين من المحاكمة أمام القاضي الطبيعي المستقل، منوها إلى صدور أحكام الإعدام من محاكم غير مختصة يطلق عليها دوائر الإرهاب الاستثنائية، ومُشكلة بالمخالفة للدستور ولقانون السلطة القضائية .

ولفت إلى صدور أحكام بالإعدام من القضاء العسكري الاستثنائي، وصدور الأحكام استنادا إلى محاضر تحريات ضباط الأمن الوطني التابعين لوزارة داخلية الانقلاب، في الوقت الذي لا يجوز فرض عقوبة الإعدام، إلا حينما يكون ذنب الشخص المتهم قائما على دليل واضح ومُقنع لا يدع مجالا لأي تفسير بديل للوقائع.

وأشار التقرير إلى صدور أحكام إعدام على مواطنين أُكرِهوا على الاعتراف ضد أنفسهم تحت وطأة التعذيب، بالمخالفة لما جاء في نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: (ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب).

وكشف عن صدور أحكام على أفراد تعرضوا للاعتقال التعسفي ولجريمة الإخفاء القسري والتعذيب، وعلى أفراد حُرموا من حق حضور محام معهم، أثناء التحقيقات أمام النيابة العامة، مشدّدا على أنه تم الإخلال بحق الدفاع عن المعتقلين في كثير من القضايا .

دولة العسكر

وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: إنَّ حقوق الإنسان في عهد دولة العسكر غير مرغوبة ومنتهكة.

وأكد عيد، في تغريدة عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر”، أنَّ “حقوق الإنسان غير مرغوبة في دولة العسكر، مكروهة في دولة العسكر، منتهكة في دولة العسكر  من حكومة وبرلمان وعدالة، لا يدافع عنها سوى كتل من شبابها آمنوا بثورة 25 يناير .

جرائم يومية

وقال مختار العشري، رئيس اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة: إن مصر تمر بأسوأ فترات تاريخها منذ الانقلاب العسكري، فى 3 يوليو 2013، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنَّ كل منظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية المهتمة بالشأن المصري أدانت الوضع الحقوقي والانتهاكات المتواصلة من جانب سلطات العسكر  .

وأضاف العشري، فى تصريحات صحفية، “يكفي أنه خلال العام 2019 قتل الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي بدم بارد، وستثبت الأيام أن ثمة جريمة عمدية وليس فقط الإهمال الطبي وراء وفاته، مؤكدا أن نظام العسكر ينفذ سياسة تصفية الخصوم السياسيين في السجون، وتصعيد سياسة الاعتقال العشوائي وجريمة الإخفاء القسري، والتعذيب في سلخانات الأمن الوطني والسجون العسكرية وأقسام الشرطة، وتلفيق التهم جزافًا لكل الخصوم السياسيين .

وأشار إلى أن انتهاكات العسكر وصلت إلى حد قتل العديد من الشباب تحت زعم تبادل إطلاق النار، بما يشير إلى أنها جرائم قتل عمدي من قبل الشرطة أو تحت التعذيب الممنهج لهؤلاء الشباب، بالإضافة إلى قتل المعتقلين بشكل شبه يومي بسبب الإهمال الطبي الممنهج، ومنع الغذاء الصحي والدواء عنهم .

وكشف العشري أنَّ ظروف الاعتقال غير الآدمية، لا تتفق مع أقل معايير الاحتجاز الدولية؛ مثل إبقاء المعتقل في حجز انفرادي لسنوات متعاقبة، ومنع المتعلقات اللصيقة بالشخص، ومنع الزيارات والتحريض وغيرها كثير، أملا في أن يستسلم المعارضون ويعترفوا بذلك الانقلاب، ولكن دون جدوى .

عهد ديكتاتوري

وقالت الدكتورة “مها عزام”، رئيس المجلس الثوري المصري: إن أحداث الثالث من يوليو 2013 أطاحت بالديمقراطية الوليدة في مصر، وفي المقابل أسست عهدا ديكتاتوريا من الإرهاب ضد المعارضين السياسيين .

وأضافت عزام، فى تصريحات صحفية، أن استخدام نظام العسكر للتعذيب المنهجي والتنكيل بالمعارضين أدى إلى وفاة الدكتور محمد مرسي، الرئيس المدني الوحيد والمنتخب بشكل ديمقراطي فى تاريخ مصر.

وأكدت أن انتهاكات حقوق الإنسان فى دولة العسكر ما زالت مستمرة، حيث يواجه أكثر من 60 ألف سجين سياسي مصيرًا مماثلًا لمصير الرئيس الشهيد محمد مرسي، معربة عن أسفها لصمت العالم فترة طويلة عن هذه الانتهاكات، وأشارت عزام إلى أن هذا الصمت مكّن النظام العسكري ومنحه ترخيصًا لقتل شعبه .