عزت غنيم والذين معه

- ‎فيمقالات

لحق المحامي والحقوقي المصري المعروف عزت غنيم مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات برفيق دربه المحامي إبراهيم متولي رئيس رابطة أسر المختفين قسريًا ووالد أشهر واقدم مختف قسريا في مصر، تجمع هذان الحقوقيان في غياهب السجن الذي كانا يقاومان مظالمه، ويدافعان عمن ساقه حظه العاثر إليه.

ظل عزت غنيم ومن قبله إبراهيم متولي ومحامون وحقوقون آخرون حريصين على أداء رسالتهم من داخل مصر، حتى لا يتركوا أسر الضحايا بمفردهم في ظل إضطرار الكثيرين للفرار خارج مصر بعد أن كانوا قاب قوسين أو ادنى من الحبس أو القتل، كان الحريصون على البقاء داخل مصر يدركون دوما أنهم في مرمى القصف، وأن حياتهم وعملهم أيضا في خطر، لكنهم اختاروا هذا الطريق ولهم كل التحية والتقدير، وهذا لا يعني طعنا فيمن غادر مصر بهدف الإلتحاق بالمعركة ذاتها من جبهة أخرى تتيح له حرية الحركة دفاعا عن الضحايا أيضا وبذلك يتكامل دور الداخل والخارج في هذا الدفاع، وفي تلك المواجهة الشاملة للنظام الإنقلابي الذي تدعمه أيضا جبهات في الداخل والخارج، ويحتاج إلى جبهات مقاومة في الداخل والخارج.

شارك عزت غنيم مع محامين وحقوقين آخرين في تأسيس التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، والتي اضطلعت بدور مهم في توثيق الجرائم، وفضح مرتكبيها، وتوجيه أسر الضحايا للطرق الصحيحة للدفاع عن ذويهم من تقديم بلاغات للجهات المختصة داخل مصر، وإرسال شكاوى للجهات الدولية وبالذات الآليات الدولية التي تشارك مصر رسميا في عضويتها في الأمم المتحدة مثل المقررين الخواص للقتل خارج نطاق القانونن والإختفاء القسري، والتعذيب، وحرية التعبير الخ، وقد نشطت التنسيقية في هذا المجال ، وأصبحت محل ثقة المنظمات الدولية وعلى رأسها آليات الأمم المتحدة التي تتلقى تقاريرها وشكاوها، وتتعامل معها بالجدية المناسبة، وهو ما أزعج النظام المصري، ودفعه للتنكيل بالتنسيقية من خلال القبض على مديرها التنفيذي عزت غنيم، واتهامه بتحريض أسر المختفين قسريا على التواصل مع الإعلام وتشويه صورة النظام ، ليس هذا فقط بل يحاسبونه على الدفاع عن صحفي محبوس بسبب إجراء حوار مع الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، كما فعل من قبل بالقبض على المحامي إبراهيم متولي حين نجح من خلال رابطة أسر المختفين قسريا في إبراز حجم تلك الجريمة التي يقترفها النظام المصري بحق المعارضين السياسيين.

ما حدث مع عزت غنيم وإبراهيم متولي وغيرهما هو جزء مما يحدث مع كل المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، والذين لم يعد النظام الحاكم يطيق وجودهم، بل لا يطيق مجرد سماع أسمائهم، فهم يذكرونه دوما بجرائمه، ويفضحونه أمام العالم، وهو الذي يريد ان يقتل قتلاه ويعذب ضحاياه في صمت ودون ضجيج، أو اعتراض من أحد، او معرفة من المجتمع الدولي الذي لا يزال يطلب منه الدعم والساندة في مواجهة غضب شعبه.

لم يستطع حقوقيون مشهورون آخرون البقاء في مصر، وفضلوا العمل من الخارج حتى يتمكنوا من استكمال معركتهم من أجل الحرية وحقوق الإنسان مثل الحقوقي محمد زارع وبهي الدين حسن، في حين لم يتمكن غيرهم من السفر بسبب منعهم رسميا مثل جمال عييد ونجاد البرعي، وتعرضت مكاتب بعضهم للمداهمة، ووضعوا على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، كما تحفظ النظام على ممتلكاتهم ، بهدف إخراس أصواتهم، ولكنه لم ينجح في ذلك بينما نجح مع آخرين قبلوا من البداية أن يكون أحذية في اقدام النظام، ومبررين لجرائمه في المحافل الدولية، وهي وصمة عار ستظل تلاحقهم مالم ينتهوا عن هذه الجريمة، ويعتذروا عنها.

مهما حاول النظام إخراس الأصوات المدافعة عن المظلومين فإنه لن يستطيع، فنحن نعيش عصر السموات المفتوحة والإتصالات الحديثة التي حطمت الحواجز والقيود، ولن يعدم أهالي الضحايا وانصارهم حيلة لتوصيل أصواتهم، خاصة أن يد النظام لم تستطع حتى الآن ملاحقة الحقوقين الذين تمكنوا من الخروج من مصر ومواجهته من الخارج، وكذا المنابر الإعلامية المقاومة التي تبث من خارج مصر والتي بذل النظام الجهد والمال الوفير من أجل إغلاقها دون جدوى، كما أن المجتمع الدولي وخصوصا مؤسساته المدنية وقواه الحية أصبح على قناعة تامة بدموية النظام المصري، وديكتاتوريته، وهاهي التقارير الدولية تصدر تباعا رصدا وفضحا لجرائم النظام بحق شعبه، وهي تقارير تستند إلى معلومات وبيانات وجهود وفرتها منظمات حقوقية مصرية ونشطاء مصريين سواء داخل مصر أو خارجها، ومهما فعل النظام لتحسين صورته في سجل حقوق الإنسان فإنه لن يستطيع، وستظل جرائمه تطارده، ولن تسقط بالتقادم.

للبوابة والأحداث

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها