“كارنيجي”: لماذا يعتمد حكام بعض دول الخليج على “المرتزقة” رغم التجنيد الإجباري؟

- ‎فيتقارير

تساءل تقرير لمعهد “كارنيجي” للسلام عن أسباب استمرار بعض دول الخليج في استقدام والاعتماد على مرتزقة أجانب في شئون الحماية والأمن، على الرغم من تضاؤل ملكيات النفط واعتماد التجنيد في الخليج.

وأوضح التقرير الذي جاء بعنوان: “الجنود الأجانب المتعاقدون في الخليج”، أنَّ ما يُنعش عمل المرتزقة الأجانب في الخليج في مهام حفظ الأمن، أن الشباب الصاعدين لا يجدون مشاق الحياة العسكرية جذابة، ولا يكون لديهم حافز اقتصادي كبير للانضمام إليها.

ونوه إلى أنه من الغريب أن منطقة الخليج، التي تعج بالتغيير، مثل تجنيد الذكور مقابل تضاؤل عائدات النفط وميزانيات الدفاع المتضخمة يستمر عمل الجنود الأجانب المتعاقدين في الخليج.

وأنَّه مثلما يكون من الصعب إيجاد مواطن من الكويت أو قطر أو الإمارات العربية المتحدة يرغب في العمل كعامل بناءٍ أو كعامل غسيل الأطباق أو كحارس، فإنه من الصعب بالقدر نفسه تجنيد مواطنين من دول مجلس التعاون الخليجي الغنية لشغل مناصب لا غنى عنها ولكن غير مرغوب فيها في القوات المسلحة.

أهداف سياسية لاستخدام المرتزقة

يوضح تقرير “كارنيجي” أن دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الكويت، لا يتمتع فيها المواطنون سوى بحقوق سياسية ضئيلة، وليست لديهم أية رقابة بالشئون العسكرية، وهو ما يفيد سياسيًّا في استخدام جنود أجانب متعاقدين، لأنه ليست لديهم مصالح سياسية عمومًا يمكنهم بها ملاحقة أهدافهم، ونادرًا ما يشاركون في محاولات للإطاحة بالنظام.

بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا إلى عدم وجود روابط اجتماعية لهم مع السكان الأصليين، يمكن للدولة نشر المرتزقة بثقة ضد المواطنين في حالات الطوارئ المحلية. كما يمكن طرد الجنود الأجانب المتعاقدين بسهولة من دون أية تبعات سياسية.

أيضًا هناك استفادة سياسية من المرتزقة؛ لأن تكلفة الجنود المواطنين مرتفعة، مقارنة بتكلفة الجنود المتعاقدين الأجانب الرخيصة نسبيًا، كما أنه لن تكون هناك إدانة اجتماعية إذا لقوا حتفهم في العمليات العسكرية المحلية أو الأجنبية.

وبناءً على هذه الديناميكيات السياسية، يشغل الجنود المتعاقدون في الخليج مواقع التجنيد بأغلبية ساحقة، لكن معظمهم في المراتب الدنيا، وتوجد نسبة أصغر بكثير منهم من ضباط الصف.

ويخدم الجنود الأجانب المتعاقدون عمومًا في جميع فروع القوات المسلحة النظامية (الجيش والبحرية والقوات الجوية)، لكن نسبتهم هي الأعلى في الجيش، ولكن في قطاعات أمنية معينة، مثل الحرس الوطني في الكويت، والمملكة العربية السعودية، تحرص على أن يقتصر العمل بها على المواطنين.

أين يعمل المرتزقة؟

بحسب التقرير، تخدم أعلى نسبة من الجنود الأجانب المتعاقدين في أغنى ثلاث دول في الخليج، وهي قطر والإمارات والكويت، حيث لا يوجد لدى العدد القليل من الشباب فيها أي حافز اقتصادي للانضمام إلى الجيش.

وعلى الرغم من أن هذه الدول الثلاث فرضت خدمة عسكرية إلزامية على المواطنين الذكور بين عامي 2013 و2017، فإن دور الجنود المتعاقدين لم يتغير إلا قليلاً.

أغلب المتعاقدين مسلمون

والغالبية العظمى من الجنود المتعاقدين الذين يخدمون في الخليج هم من المسلمين السُنة من العالم العربي وجنوب آسيا، وتميل جيوش دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاحتفاظ بالعسكريين الأردنيين في أعلى المستويات؛ نظرًا لتدريبهم الصارم وكفاءتهم وانضباطهم.

وهناك أيضًا متعاقدون من المغاربة واليمنيين، وتوجد خصوصًا منذ سنة 2011 مجموعة متنامية من السوريين يشغل معظمهم المناصب العادية في التجنيد.

ويمنح دول خليجية مثل البحرين، على وجه الخصوص، الجنسية لبعض هؤلاء المرتزقة “لتعزيز نسبة السُّنة من المواطنين” بحسب كارنيجي.

وينحدر معظم جنود جنوب آسيا في الخليج من باكستان، وخصوصًا من إقليم بلوشستان، ويوجد أيضًا عدد كبير من المرتزقة البنغلاديشيين في الخليج.

ويضم الجيش الكويتي لواءً عسكريًا بنغلادشيًا بنظام التعاقد حصريًا لشغل وظائف الدعم (الخدمات والخدمات اللوجستية والصيانة)، كما يعمل البنغلاديشيون أيضًا مع القوات الإماراتية في اليمن.

وجعلت الحرب في اليمن البلاد سوقًا حقيقيًا للجنود المتعاقدين من كولومبيا والولايات المتحدة والصومال والسودان.

ويُشّكل الموظفون الباكستانيون 18 في المئة من القوات الجوية البحرينية، ويعمل 10 آلاف مواطن باكستاني في الجهاز البحريني الإلزامي.

وفي العام 2016، كان الجنود المتعاقدون يُشكلون ما بين 25 في المئة و50 في المئة من القوات المسلحة النظامية في الكويت، لكن جميع أفراد الحرس الوطني كانوا من المواطنين، وتشمل هذه النسبة البدون أي عديمي الجنسية، الذين ليسوا من الأجانب بل من السكان المحليين.

وتتكوّن القوات المسلحة القطرية من أغلبية ساحقة (تصل إلى 85 في المئة) من المرتزقة، ويأتي كثيرون منهم من باكستان والسودان، ومؤخرًا من كولومبيا أيضًا. وقد جندت الدوحة 6000 جندي صومالي في سنة 2016 وما لا يقل عن 360 فردًا سودانيًا في قواتها الأمنية.

أيضا ينحدر ما لا يقل عن 70 في المئة من الرجال المجندين في الإمارات من عُمان واليمن، وفي الآونة الأخيرة، أبدت الإمارات العربية المتحدة حماسة للجنود الكولومبيين الذين يتمتعون بعقود من الخبرة في قتال حرب العصابات.

وقد أبرم مئات منهم عقودًا في الإمارات؛ لأن رواتبهم أعلى عدة مرات من دخلهم في وطنهم، وقد استعانت الإمارات أيضا بشركات مرتزقة أمريكية مثل شركة Reflex Responses  التي أسسها ويديرها إريك برنس الذي ينتمي إلى شركة Blackwater سيئة السمعة.

حيث حصلت الشركة على عقد بقيمة 529 مليون دولار لتعزيز الجيش الإماراتي، تضم القوات المحاربة لصالح الإمارات في اليمن جنودًا متعاقدين من تشاد وتشيلي وكولومبيا وليبيا وبنما والنيجر والصومال والسلفادور والسودان وأوغندا، من بين جنسيات أخرى.

https://carnegie-mec.org/2020/02/05/foreign-contract-soldiers-in-gulf-pub-80979