كم أنتم مُضحكون.. إعلام سفهاء العرب يتهم أردوغان بتحويل تركيا إلى دولة عظمى!

- ‎فيتقارير

يعيب إعلام سفهاء العرب على القيادة التركية أنها تسعى لتعزيز أمنها ومصالحها وكأنها سُبّة، وهل بقية حُكام العالم يتعاملون على أساس تحقيق مصالح دول أخرى قبل دولهم؟ ويطالب السفهاء تركيا بأن تُضحي بشعبها واقتصادها وسيادتها من أجل عروش الطغاة.

ويسعى إعلام السيسي إلى إقناع المصريين بأن دول العالم كلها تتآمر ضدنا، وأن الزعماء الغربيين لا ينامون الليل حتى يجدوا طريقة لتدمير مصر وأهلاك شعبها.

هذا الكلام الفارغ لا يستحق المناقشة أولًا؛ لأن مصر تدهورت في كل المجالات منذ أن سقطت في الحكم العسكري عام 1952، وبالتالي لا يوجد سبب لأن يتآمر أحد ضدها، وثانيا لأن السفيه السيسي يتمتع بعلاقات ممتازة مع الدول الغربية؛ لأنه يعقد معهم الصفقات الضخمة ويشترى منهم الأسلحة مقابل مليارات، وهو يتمتع بدعم كامل من الرئيس الأمريكي ترامب، ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الذي أعلن مرارًا أن السيسي أكثر رؤساء مصر صداقة لإسرائيل.

المؤامرة على القدس

من جهته يقول المحلل السياسي الدكتور عطية عدلان: “القاصي والداني يعلم أن حكام العرب متواطئون في المؤامرة على القدس، والقضية الفلسطينية، وأذعنوا لترامب، والإدارة الأمريكية في مخططهم لتهويد القدس، والقضاء على البقية الباقية من المقاومة”.

وأضاف عدلان: “الرئيس أردوغان يمثل قاعدة مختلفة عن حكام العرب، فهو صاحب المواقف الحرة، بالإضافة إلى امتلاكه استقلالية القرار والإرادة، وقدرته على اتخاذ المواقف، وقول الكلمات الواجبة، المعبرة عن الأمة الإسلامية”.

وتابع عدلان: “لذلك نجد أن الآلة الإعلامية العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، تعمل على إسقاط هيبته، ورمزيته من قلوب الشعوب العربية، والإسلامية، فتلك الشعوب تحب أردوغان، وتؤمن بمشروعه، وتصدق جهره برفضه للمشروع الصهيوني البغيض، بتهويد القدس، وهذه الشعوب لا تصدق بقية الحكام، ما يغيظ تلك الأنظمة فتحاربه بهذه الشراسة”.

وأكد أن “أردوغان هو النموذج الحر، الذي صنع نهضة لبلاده، وعبر بها الكثير من الصعوبات، وفي عهده تركيا أصبحت قوة إقليمية بارزة، بينما الإعلام والأنظمة العربية القائمة، تريد أن تشوه ذلك النموذج، لحساب نموذج الحاكم العربي المستبد، المستأسد على شعبه، المذعن أمام قادة الغرب”.

 

صفقة القرن

“الأيادي الخائنة العربية التي صفقت لخطة ترامب ستحاسب”، كلمات غاضبة أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتراضا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما أسماه “خطة سلام” مزعومة، عرفت إعلاميا بـ”صفقة القرن”. فمن كان يقصد أردوغان بـ”الأيادي الخائنة”؟

كلمات أردوغان استفزت جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، الذي تحدثت تقارير إعلامية عن موافقته على صفقة القرن، وتورطه في إقرارها.

ففي 24 أبريل 2019، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: إن السيسي “عكف على استقطاب زعماء عرب لحشد تأييدهم لصفقة القرن”. وقال “سمدار بيري”، كبير محرري شئون الشرق الأوسط بالصحيفة: “الأمر الجلي بصفقة القرن هو مدى استغراق الرئيس المصري في الاتفاقية”.

بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي عن خطته المزعومة للسلام، وتعهده بأن تظل القدس عاصمة “غير مقسمة” لإسرائيل، خرج الرئيس التركي في 31 يناير 2020، ليؤكد أن “مدينة القدس خط أحمر، وأنه لا يمكن القبول بالخطة الأمريكية الجديدة التي أعلنها ترامب”.

أردوغان أكد أن “الدول العربية التي تدعم مثل هذه الخطة إنما ترتكب خيانة حيال القدس وكذلك حيال شعوبها والأهم من ذلك حيال كل الإنسانية”. وشدد على أنه “لا يمكن القبول بالخطة الأمريكية الجديدة وبعض الدول العربية قبلتها وهذه خيانة”.

في نفس يوم إعلان ترامب لخطته المزعومة، 29 يناير 2020، أصدرت خارجية الانقلاب بيانا دعت خلاله إلى “الدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام، والوقوف على أبعادها كافة، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية”.

واكتفى البيان بالإشارة إلى أن القاهرة تدرك “أهمية النظر لمبادرة الإدارة اﻷمريكية من منطلق أهمية التوصل لتسوية للقضية الفلسطينية”، التباين الشديد بين الموقفين عصابة السيسي وتركيا من صفقة القرن، ظهر في أروقة إعلام السفيه السيسي، الذي قرر أن يوجه سهامه للرئيس التركي الذي فضح موقف العسكر وكشف استعداد القاهرة لبيع القضية الفلسطينية مقابل الدولارات.

 

مع كوشنر

الإعلامي عمرو أديب أحد أبرز الداعمين لسياسات السفيه السيسي، تصدر كتيبة المدافعين عن صفقة القرن والمهاجمين لأردوغان قائلا: “أنا عاوز أمارة واحدة عملها أردوغان للقدس، لا أحد يزايد علينا في هذا الموضوع، يقول أردوغان ما يريد، فهذا الرجل لم يتحرك دقيقة من أجل القدس، ولم يفعل لها شيئا”.

أديب لم يكتف بالهجوم الحاد على الرئيس التركي، بل ذهب إلى واشنطن وأجرى حوارا مع جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، والمعروف بـ”عراب” صفقة القرن، ما اعتبره البعض ترويجًا للصفقة من قبل الإعلام العسكري والسعودي معا، كون عمرو أديب إعلاميا مصريا يعمل في قناة سعودية، هي “إم بي سي”.

في هذه الحلقة، قال كوشنر المنحدر من أصول يهودية: “الشعب الإسرائيلي يثق بالرئيس الأمريكي، لقد فعل الكثير من الأشياء العظيمة التي جعلت إسرائيل أكثر أمنا، والعلاقة بين أمريكا وإسرائيل أقوى”.

مثلما فعل بهجومه اللاذع على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أديب لم يتعرض خلال حواره مع كوشنر بأي هجوم أو نقد لترامب، ولا جاريد كوشنر، ولا حكومة الاحتلال الإسرائيلية.

نغمة الهجوم على موقف أردوغان من صفقة القرن وقضية فلسطين والقدس، لم يكن أديب فقط هو المتفرد بها في خطابه الإعلامي، لكن تبعه آخرون من كتيبة إعلام السفيه السيسي.

في نفس يوم الإعلان عن صفقة القرن، وعبر فضائية “TeN” الممولة من محمد دحلان والإمارات، قال الإعلامي نشأت الديهي: “أقول للشعب الفلسطيني، أنكم راهنتم على قيادات فاسدة، وراهنتم على زعامات ضحكت عليكم، وبتوع حماس باعولكم التروماي، لما قالولكم أردوغان هو البطل، أردوغان وقطر حلفاء إسرائيل القدامى”.

وفي نفس اليوم قاد الإعلامي أحمد موسى هجوما لاذعا ضد الرئيس التركي قائلا: “أردوغان أكبر متآمر على القضية الفلسطينية، قطر وتركيا، أكثر من يتاجر بالقضية الفلسطينية”.

موسى استخدم نفس مفردات قرنائه في بقية برامج “التوك شو” وهي “المتاجرة، المزايدة، أردوغان، تركيا، قطر”، دون توجيه كلمة نقد واحدة ضد الإدارة الأمريكية وترامب أو إسرائيل، أو صفقة القرن.

أما محمد الباز، رئيس تحرير جريدة الدستور، ومقدم برنامج “90 دقيقة” على فضائية “المحور”، فاتخذ نهجا مختلفا عن زملائه، فلم يهاجم الرئيس التركي من منطلق صفقة القرن والقضية الفلسطينية، معلنا عن خبر وهمي تحت عنوان “تفاصيل محاكمة أردوغان أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف”، متحدثا عن “الانتهاكات التي ارتكبها أردوغان في تركيا” حد زعمه.