“كورونا” يشعل موجة عداء جديدة ضد المسلمين في سريلانكا

- ‎فيتقارير

يواصل النظام الحاكم في سريلانكا اضطهاد الأقلية المسلمة في البلاد التي تعاني طوال قرن من الزمان من التهميش وانتهاك حقوقها، بل وتوجه اتهامات لها بأنها السبب في كل أزمة تواجه سريلانكا. 

كانت آخر الأزمات فيروس كورونا المستجد الذي أشعل موجة عدائية من جانب الأغلبية البوذية التي وجهت اتهامات للمسلمين بأنهم وراء انتشار كورونا تماما، مثلما وجه وزير أوقاف العسكر محمد مختار جمعة الاتهام نفسه لجماعة الإخوان المسلمين، وزعم أن الجماعة توجه أتباعها إذا أصيبوا بالفيروس إلى نشره بين ضباط الجيش والشرطة لنقل عدوى كورونا إليهم!

وهو ما يؤكد أن هذه الأنظمة الانقلابية الدموية لا تعمل من أجل مصالح الشعوب بل تشعل الحروب والفتن فى المجتمعات من أجل استمرارها في السلطة.

يشار إلى أن عدد المسلمين في سريلانكا يقدر بنحو 2 مليون مسلم يمثلون نسبة 10% من السكان وينتمي غالبيتهم إلى المذهب الشافعي.

وينقسم مسلمو سريلانكا من ناحية العِرق إلى ثلاثة أقسام:

مسلمو “مورو": وهم من البرتغاليين الذين احتلوا الجزيرة في القرن السادس عشر، وهم الأغلبية الساحقة بين المسلمين.

مسلمو الـ”ملايو": هم غالبا من الجنود الإندونيسيين بالجيش البريطاني.

مسلمون هنود: يشكلون الضلع الثالث من مسلمي سريلانكا، وهؤلاء جاءوا تجارا من الهند واستقروا في البلاد.

 

يحدث في مصر 

ومع تفشي وباء كورونا وفشل حكومة سريلانكا في مواجهة الفيروس اتجهت هذه الحكومة – تماما كما فعل مختار جمعة – إلى استخدام الوباء ذريعة لوصم المسلمين ولنشر الخوف من الإسلام وهذه الحرب العدائية ليست جديدة فوسائل الإعلام والسياسيين في سريلانكا دائما ما يعملون على نشر دعاية معادية للإسلام ما أدى إلى تهميش المسلمين في البلاد، وجعلهم عرضة للعنف على أيدي المتطرفين البوذيين، دون أن تقوم الحكومة بواجبها في حمايتهم وتقديم من يهاجمونهم للعدالة.

وفي مثل هذه الأجواء لم يكن من المستغرب أن تسارع بعض المنظمات الإعلامية البارزة والمتطرفين المقربين من الحكومة الحالية، فى اتهام المسلمين بأنهم مسؤولون عن انتشار الفيروس في البلاد.

ووصل هذا الجنون إلى تحذير الأغلبية البوذية السريلانكيين من شراء المواد الغذائية من البائعين المسلمين خوفا من إصابتهم بالفيروس الذي ينتقل من المسلمين على حد مزاعم الأغلبية البوذية.

 

حرق الجثث

ومع تفشي الفيروس فى البلاد واجه المسلمون أزمة كبيرة حيث أصدرت الحكومة قرار بإحراق جثث ضحايا كورونا إجباريا، ومن بينهم المسلمون، وهو ما يتعارض مع المعتقدات الإسلامية المتعلقة بدفن الموتى، وكان لهذا القرار سلبيات كثيرة حيث أسهم في تضخيم الشائعات التى يروجها المتطرفون البوذيون من أن الممارسات الدينية الإسلامية تساعد على انتشار الفيروس كما أن الحكومة السريلانكية بهذا القرار تنتهك حقوق الإنسان وحقوق الأقليات بجانب عدم التفاتها إلى أن ضحايا كورونا يتم دفنهم فى مختلف دول العالم ولم يقل أحد إن جثث الضحايا تمثل خطرا أو أنها تتسبب في انتشار الفيروس.

حول هذه القضية قالت صحيفة "ديلي فايننشال تايمز" السريلانكية إن الحكومة أكدت إصرارها على حرق جثث المسلمين بغض النظر عن مطالبات القادة المسلمين الدينيين والسياسيين بالسماح بدفن موتاهم وفقا للشريعة الإسلامية وبناء على قانون حرية المعتقد الذي تضمنه الدستور السريلانكي.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء السريلانكي ماهيندا راجباكسا دعا زعماء الأحزاب السياسية الى عقد اجتماع لمناقشة القضية حيث أبدى الزعماء المسلمون استياءهم الشديد من إصرار السلطات الصحية على إحراق جثث المسلمين دون احترام لحرية المعتقد التي تضمنها الدستور السريلانكي وعدم النظر إلى المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن، وطلبوا من رئيس الوزراء تعيين فريق من الخبراء لإعادة النظر في شأن التعميم الصادر عن وزارة الصحة السريلانكية الذي يقضي بضرورة حرق جميع المتوفين بالوباء.

ورغم ذلك أعلن زعماء الأحزاب السياسية "المتشددون" والموالون للحكومة خلال الاجتماع اعتراضهم على طلب المسلمين، وشددوا على ضرورة حرق الجثث كافة بغض النظر عن المعتقدات الدينية وفقا لتعليمات السلطات الصحية المحلية.

 

احترام الشعائر

من جانبها طالبت منظمة العفو الدولية الحكومة السيرلانكية باحترام الشعائر الدينية في تشييع جنائز من يقضون بسبب فيروس كورونا.

واستنكرت المنظمة في بيان لها إحراق جثث مسلمين رغم رفض أسر المتوفين ومطالبتهم بضرورة تشييعها.

وقالت إن تشييع الجثامين وفق التقاليد الدينية حق للأقليات، مع الالتزام بالقيود الصحية والأمنية والتي تهدف إلى منع انتشار المرض.

وذكّرت المنظمة بما وصفته بتقاعس السلطات عن منع الهجمات ضد ممتلكات المسلمين وتجمعاتهم السكنية العام الماضي، وذلك على الرغم من حالة الطوارئ وحظر التجول الذي كان مفروضا بعد هجمات الفصح في 21 من أبريل من العام الماضي.

واعتبرت العفو الدولية أن إصرار سريلانكا على حرق جثث موتى المسلمين يعزز الاعتقاد السائد باضطهادهم، لا سيما عندما استغلت السلطات العام الماضي قانون الطوارئ للحد من الحريات الشخصية للمسلمات بمنع ارتداء الحجاب والنقاب.

 

الشريعة الإسلامية

وانتقد مجلس علماء سريلانكا موقف حكومة ماهيندا راجابنجسا مؤكدا أنها تتبنى آراء المتطرفين البوذيين، وترتكب مخالفة صريحة للدستور ومبادئ الشريعة الإسلامية وتعليمات منظمة الصحة العالمية.

 وقال المجلس إن الأحزاب والهيئات الإسلامية طالبت باحترام حرية المعتقد التي ينص عليها الدستور.

وأعرب عن إحباط الأحزاب والهيئات الإسلامية من تجاهل الحكومة للدعوات التي تطالب بالتعامل بكرامة مع موتى المسلمين وتشييعهم وفق أحكام الشريعة الإسلامية، مع ضمان إجراءات السلامة المتبعة للمشيعين والمجتمع موضحا ان تبني الحكومة لموقف المتطرفين يشير بوضوح إلى تمييز ديني وعرقي بين فئات المجتمع.

 

دوافع عنصرية

ويرى نشطاء حقوقيون وقادة للأقلية المسلمة في سريلانكا أن هناك دوافع عنصرية وسياسية وراء إصرار الحكومة السريلانكية على حرق جثث المسلمين الذين يتوفون بسبب فيروس كورونا المستجد.

وقالوا إن ما يعزز هذه الدوافع اجتماع عقده عضو في الحكومة مع قيادات بوذية متطرفة، وكشف فيديو مسرب أن الاجتماع شهد لغة عنصرية ضد المسلمين.

وقال المحامي والناشط الحقوقي شاه خان إن ما يجرى ضد المسلمين هو بمثابة استهتار من الحكومة بحقوق الأقلية المسلمة وبالحريات الدينية مشيرا إلى أن الرئيس جوتابايا راجابنجسا ينحاز للغالبية البوذية؛ لأنه يطمح فى الحصول على أصواتها فى الانتخابات التشريعية بما يمكنه من تعديل الدستور لتعزيز صلاحياته.

وأشار خان الى أن حرق جثث موتى المسلمين قد يكون الهدف منه التغطية على إخفاقات الحكومة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار المرض، بالإضافة إلى أن حرق الجثة بدون موافقة أسرة المتوفى هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان يحول دون تشريحها للتحقق من أسباب الوفاة، وهو ما يعتبر جريمة أخرى.

تعديل رسمى

وقال أحمد زكي عضو مجلس الأوقاف الإسلامية: إن الحكومة رفضت اعتراض الأقلية المسلمة على تعديل قانون التعامل مع مرضى كوفيد-19 والذي يقضي بحرق جميع جثث من يثبت إصابتهم بالفيروس.

وأشار زكي إلى أن اعتراض المسلمين مبني على أساسين: الأول أنه مخالف للمعايير الدولية، وأن مراسم التشييع والدفن الإسلامية متبعة في جميع دول العالم دون أن تتسبب بأي خطر على المجتمع.

وطالب بضرورة تعديل القانون رسميا للسماح للمسلمين بدفن موتاهم بدلا من الحرق، مؤكدا أن الترتيبات غير الرسمية الحالية التي تقدمها الحكومة في شكل استثناءات فردية كلما طُلب منها غير كافية لأن من يعيشون في مناطق بعيدة من العاصمة كولومبو ليس لديهم نفس الفرصة للوصول إلى أصحاب النفوذ مثل من يعيشون في العاصمة والمناطق القريبة منها.