كيف خطط السيسي لتهجير الغلابة قبل الانقلاب.. الأسمرات تكشف السر

- ‎فيتقارير

لا سبيل إليك حينما يأتي إليك ضباط العسكر، ويطالبونك بضرورة إخلاء منزلك فورا من أجل تطوير هذه المنطقة، أو الحفاظ على الأمن القومي، ثم يبشرونك مقابل الإخلاء بإيجاد سكن بديل في حي الأسمرات، سوى أن تهلل وتكبر وتحمد الله على الفرصة التي هيأها لك العسكر في السكن بمدينة الأسمرات، أطراف حي المقطم، ولا عزاء لسكنك القديم ولقمة عيشك التي تضررت إثر التهجير، وارتباك حياتك الأسرية إذا كان لديك بعض الأبناء المرتبطين بمراحل التعليم المختلفة.

قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يبدو أنه كان يخطط لمسلسل التهجير والاستيلاء على أراضي المصريين مبكرا، وربما يكون قبل انقلابه العسكري، في إطار الخطة الشاملة لتدمير مصر، بالاستيلاء على الحكم.

وظهر مخطط السيسي في الاستيلاء على أراضي المصريين من خلال خديعة “الأسمرات”، حيث كانت هذه المدينة التي توجد في أطراف حي المقطم، أول مشروع ينجزه السيسي بشكل لافت للنظر دون تفسير، حتى إنه أولى هذا المشروع اهتمامًا إعلاميًّا غير مسبوق، ووضع كل إمكانات الدولة لتنفيذه في عام واحد فقط، وافتتحه بنفسه، وكلف الجمعيات الخيرية بفرش قطع الأثاث على نفقاتها للسكان الذين تم نقلهم للمدينة.

وعملت ماكينات إعلام السيسي على تصوير المدينة على أنها جنة الأرض، حتى يحلم جميع المصريين بالسكن فيها، وخاصة من لم يكن لديه سكن يستر عورته، ومع اكتمال المرحلة الأولى من المدينة وافتتاحها في مشهد إعلامي مهيب، بدأ السيسي في تنفيذ المخطط، بتسييل لعاب المصريين في بعض الأحياء التي وضع السيسي عينه عليها.

من ماسبيرو إلى الوراق

وجاءت في مقدمة هذه الأحياء حي ماسبيرو، الذي أجبر السيسي سكانه على الإخلاء والانتقال، وحشر الغلابة في علب سردين ضمن مشروع “حي الأسمرات” في منطقة المقطم، بعد الاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم وشققهم، ومن هنا بدأ المخطط لنقل سكان جزيرة الوراق بعد اكتمال عملية ماسبيرو، وإتمام صفقة بيع أراضي كل من الوراق وماسبيرو.

ومع انتقال الغلابة لحي الأسمرات، تبدأ المعاناة من اليوم الأول، من قطع أرزاق الناس نظرا لبعد مسافة منازلهم عن أعمالهم، وإجبار المواطنين على دفع إيجار شهري يبدأ من 300 جنيه، فضلا عن الخدعة الأكبر، وهي مطالبتهم بسداد ثمن قطع الأثاث التي حصلوا عليها من الجمعيات الخيرية، بواقع 450 جنيها شهريا.

وأحالت نيابة المقطم الجزئية، عددا من المواطنين بينهم 7 سيدات إلى محكمة الجنح، بتهمة التجمهر بحي الأسمرات، اعترضوا على إتاوة الجيش التي تبلغ 300 جنيه في الشهر وقسط “عفش” 450 جنيها.

سكن أم معتقل؟

ولم تتوقف مشكلات سكان حي الأسمرات عند هذا الحد، بل اشتكوا من سوء ورداءة الأدوات الصحية الموجودة في المنازل وعدم صلاحيتها للاستخدام، وتكرار الأعطال بها، إضافة إلى سوء الأجهزة الكهربائية وعدم صلاحيتها كالتلفزيونات والثلاجات التي أكدوا أنها لم تعد كما كانت عند افتتاح الحي وتلفت بسرعة.

وقال السكان، إنهم يواجهون عددًا من المشكلات تتمثل في ارتفاع قيمة الإيجار الشهري وصعوبة المواصلات، وعدم تواجد سوق بالحي، وارتفاع أسعار السلع فى “السوبر ماركت” الوحيد الموجود بالحي، إضافة إلى سوء الأدوات الصحية داخل المنازل وعدم صلاحيتها للاستخدام، وارتفاع تكاليف شراء الجديد منها.

الاستيلاء على الأراضي

واستغل قائد الانقلاب السفيه السيسي شعار (القضاء على العشوائيات) لطرد الغلابة من مناطق ماسبيرو وجزيرة الوراق والدويقة ومنشأة ناصر وإسطبل عنتر وعزبة خير الله، وذلك ضمن مشروع الاستيلاء على أراضي تلك العشوائيات التي تقع ضمن مناطق مميزة خلال عامين، وحاصرت المشاكل حي الأسمرات وقاطنيه.

وطبقا لأحدث دراسة صدرت عن البنك الدولي تناولت العشوائيات في مصر، فإن ما يقرب من 25% من سكان مصر يعيشون في مناطق عشوائية، أي ما يقرب من 20 مليون مواطن، وهو ما لا يختلف كثيرا عن تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في العام 2012، تحدث عن أن ما يزيد على 16 مليون مواطن مصري يسكنون في العشوائيات، التي يتهدد 35 منطقة منها خطر الانهيار التام فوق رؤوس ساكنيها، فيما تصنف 281 منطقة بأنها غير آدمية.

وبحسب دراسة، فإن النمو السكاني للعشوائيات يرتفع بنسبة 34% سنويّاً، كما هو الحال في عشوائيات قسم السلام في القاهرة، وفي عشوائيات أخرى يصل النمو إلى 9% سنويّاً، كما هو الحال في عشوائيات منطقة البساتين في القاهرة.

جزيرة “القرصاية”

وتسهل عصابات العسكر عملية الاستيلاء على الأراضي عن طريق القوانين والثغرات، كما أنها تقوم في أغلب الأحيان بالاستيلاء على الأراضي تمهيدا لبيعها للمستثمرين، كما جرى مع “حكر أبو دومة”، وكما تحاول مع أرض جزيرة “القرصاية” التي تقع تحت كوبري المنيب بالجيزة، وهي عبارة عن أرض طرح نهر، غطاها الفيضان وعادت للظهور مرة أخرى بعد بناء السد العالي وإيقاف الفيضانات، ويسكنها نحو 5 آلاف نسمة”.

وحاولت عصابة العسكر الاستيلاء على “القرصاية” في 2001، وفشلت بعد تحول القضية إلى قضية رأي عام، ثم عادت سلطات الانقلاب وأعلنت أراضي الجزيرة مناطق عسكرية ذات أهمية استراتيجية، ليتم الإعلان في مارس 2015 عن قرار محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى المطالبة بإلغاء قرار وزير الدفاع بتحديد أراضٍ بجزيرة القرصاية مناطق عسكرية، لانتفاء المصلحة، وتستكمل عملية السيطرة على أراضي الجزيرة.