للمرة الثالثة.. فصل 1000 معلم بتهمة “الإخوان” تمهيدًا للتخلص من ملايين الموظفين

- ‎فيتقارير

أعلن وزير التعليم بحكومة الانقلاب، طارق شوقي، عن أنَّ وزارته بصدد فصل 1000 معلم جديد، بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين. ويأتي الإعلان متصلًا بقرارات فصل سابقة طالت 1876 معلمًا، منذ الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013، والتي كان آخرها التصديق على فصل 1070 مدرسًا دفعة واحدة في أكتوبر الماضي.

ورغم أن شوقي برَّر في مؤتمره الصحفي، الذي عقده الثلاثاء 26 نوفمبر الماضي، بأن قرارات الفصل كانت بسبب انقطاعهم عن العمل أكثر من المدة المقررة في القانون، وصدور أحكام قضائية بالسجن ضد بعضهم، إلا أنه سبق أن أعلن بشكل واضح في مؤتمر صحفي عقده في 7 أكتوبر الماضي، أنه قام بالتصديق على قرار بفصل 1070 معلمًا بسبب انتمائهم لجماعة الإخوان.

تصفية موظفي الحكومة

تأتي قرارات التعليم المتتالية بفصل المعلمين بتهم الانتماء للإخوان، في وقت تعاني فيه المدارس عجزًا كبيرًا في أعداد المعلمين، وتراجع المستوى التعليمي لاعتماد الوزارة على نظام التعيين التعاقدي لغير خريجي كليات التربية غير المؤهلين للتدريس، كما يُفاقم أزمة التعليم بمصر التي باتت تحتل المرتبة الأخيرة في جودة التعليم.

وقد أثارت قرارات الفصل المتتالية مخاوف عدة من أن يكون الأمر تدشينًا لخطة فصل مئات الآلاف من الموظفين تعتبرهم سلطة الانقلاب- وفقًا لتصريحات مسئولي الانقلاب- عبئًا على الدولة.

وكان إقصاء الإخوان ورافضي الانقلاب من المشاركة السياسية عام 2013 واعتقال الآلاف منهم، بداية لاستبعاد سائر القوى السياسية لاحقًا وانفراد السيسي بحكم البلاد، ما يعزز مخاوف الموظفين بمصر أن يكون تمرير خطة تصفية الموظفين سيتم عبر البدء بالخصوم التقليديين للنظام العسكري وهم الإخوان على العادة.

وقال نائب وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب لشئون المعلمين، محمد عمر: “إن هناك العديد من الإجراءات سيتم اتخاذها، خلال الفترة المقبلة، لتطهير الوزارة من الأفكار الهدامة والمتطرفة التي قد تؤثر سلبًا على الطلاب في المدارس”.

وتابع- في تصريحات تلفزيونية- أن قرار فصل 1070 معلمًا استند إلى بيانات صادرة من الجهات المعنية بالتحقيق وفحص جميع البيانات الخاصة بموظفي الدولة، بجانب الأحكام النهائية الصادرة من القضاء ومحكمة أمن الدولة العليا، والهاربين خارج البلاد.

استنكار

بالمقابل استنكرت جماعة الإخوان المسلمين القرار، وقالت إن “حكومة العسكر تعمل على فصل كافة المعارضين من أعمالهم الحكومية بتلفيق الاتهامات المختلفة، ولكن الأمر الآن يزداد سوءًا بإعلان استهداف المواطنين على أساس الفكر، وحرمانهم من حقوقهم التي كفلها الدستور والقانون”.

وأبدى الكثير من المراقبين تخوفهم من خطورة السياسات “الإقصائية والتمييزية التي ينتهجها العسكر”، والتي تشبه إلى حد كبير سياسات “الحقبة النازية”، معتبرين أن نظام العسكر يتخذ من ذلك ذريعة للبدء في تقليص عدد الموظفين داخل مؤسسات الدولة، تماشيًا مع قرارات صندوق النقد الدولي من ناحية، ومن ناحية أخرى معاقبة أي معارض لعسكرة الدولة، أو محارب للفساد داخل مؤسساتها.

ويتخوف موظفون من أن يكون القرار تمهيدا لتنفيذ الخطة المعلنة بتصفية أعداد كبيرة من الجهاز الإداري للدولة، البالغ 5.2 مليون موظف.

ومؤخرًا وقف رئيس حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي، أمام البرلمان ليؤكد أن الجهاز الإداري للدولة يعاني من التضخم، قائلا: “هناك خمسة ملايين موظف بالدولة، ونحن لا نحتاج أكثر من 40% من هذه الطاقة”.

يشار إلى أن وزارة التعليم تعاني عجزًا كبيًرا في أعداد المعلمين، لدرجة إصدار الوزير قرارًا بأن يحل ناظر المدرسة للتدريس في الفصول التي لا يوجد لها مُدرس.

ويحمل قرار فصل “المُعلمين الإخوان” مخاطر عدة، حيث سيكون غيابهم عبئًا إضافيًّا على الإداريين وباقي المعلمين، فيتحمّل الإداريون والمتبقي من الموظفين العجز المتزايد.

ولا تقوم الوزارة بتعيين معلمين منذ سنوات لعدم وجود درجات مالية لهم، فيما ينتظر مئات الآلاف من المعلمين إبلاغهم بقرار المعاش المبكر أو الفصل، بحسب معلمين.

ولعلّ الأغرب من قرارات الفصل أن يعلن وزير التعليم، في مؤتمره الصحفي الذي فصل خلاله معلمي الإخوان، عن وجود عجز بالمعلمين يقدر بنحو 320 ألف معلم.

تصفية رغم العجز 

ولا يختلف الحال في معظم وزارات الدولة التي أوقفت حكومة الانقلاب التعيين بها، حيث تعاني عجزا في موظفيها رغم خطط التصفية المعلنة، وهو ما يُتداول أيضًا- وفق عاملين- في هيئة النقل العام، رغم العجز الفادح في أعداد سائقي الهيئة ومحصّليها على “الأتوبيسات” العاملة بخطوط القاهرة الكبرى.

ويعتقد موظفون أن التصفية ستطال الجميع بعد البدء بالإخوان؛ لأن “الحكومة مستعدة لأخونة الشعب كله، لكي يتسنّى لها تنفيذ سياساتها الموجهة للشعب بمباركة مؤسسات محلية ودولية”.

ويرى سياسيون أن فصل المعلمين سيضاعف تدهور منظومة التعليم المصرية التي تتذيل قائمة جودة التعليم الأممية، علاوة على كونه امتدادا لحالة الفشل والعشوائية التي تدار بها البلاد، ولا سيما في قطاعي التعليم والصحة، محذرين من أن مصر ستجني ثمار هذا القرار في المستقبل القريب.

إذ إنه من المتوقع أن يزيد القرار من حالة الغليان المكتوم في المجتمع المصري، ولا سيما أن المعلم هو من بين الفئات الأكثر تأثيرا في قطاع كبير من المجتمع.

وعلى الصعيد القانوني، تفتقد قرارات فصل المعلمين للمشروعية القانونية، لكن السلطة العسكرية الحاكمة في مصر لا تأبه لمخالفة القوانين، فلديها برلمان يقوم بإسباغ الشرعية على ما يريده السيسي وحكوماته أكثر من اهتمامه بالتشريع، ولديها كذلك دوائر قضائية تابعة تحكم له مثلما يريد.

ولكن القرار النهائي سيكون للشعب المصري الذي تتزايد معاناته يومًا بعد الآخر مع الانقلاب العسكري. وربما يتزايد الاحتقان ويصل لمرحلة الانفجار سواء في يناير 2020 أو قبله أو بعده.