للمنبهرين بمشهد انتخابات الكونجرس الأمريكي.. لماذا انقلبتم على مرسي؟

- ‎فيتقارير

الانبهار سيد الموقف فيما يخص الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي، ديمقراطية ناصعة البياض على الأقل فيما يبدو للناس، أطلقت العنان للسياسيين وإعلاميين مصريين عرفوا بدورهم الأسود في إشعال فتيل انقلاب 30 يونيو، والتمكين لديكتاتورية العسكر، وتم الشطب على انتخابات حرة نزيهة بشهادة العالم جاءت بالرئيس محمد مرسي، لكن ويا للأسف لم يكن الرئيس على هواهم فنسوا مبادئ الديمقراطية وبعضهم يحمل درجة الدكتوراه وانقلبوا عليه.

وعادة ما يخسر الحزب الحاكم في البيت الأبيض الانتخابات النصفية، باستثناء ليندون جونسون عام 1966 وجورج بوش الابن عام 2002، وكان فوزهما نتيجة قلق الرأي العام من تهديدات آتية من الخارج، أي حرب فيتنام أثناء ولاية جونسون واعتداءات 11 سبتمبر2001 أثناء ولاية بوش الأولى.

هللوا للانقلاب

الانتخابات النصفية تغيّر الدينامية بين البيت الأبيض والكونجرس، فيخسر عادة الرئيس الأغلبية في الكونجرس ويواجه حملات تعطيل أجندته المحلية في مجلس النواب المعارض، بالتالي فإن الهروب إلى السياسة الخارجية يكون تلقائياً، لأن قدرة الكونجرس على تقييد صلاحيات الرئيس في السياسة الخارجية محدودة.

من جهته يقول الناشط عمرو أبو خليل:” عشنا لحظات مماثلة وكنا نحبس أنفاسنا في انتظار النتائج ونسهر طول الليل نتابع صوت بصوت ولجنة بلجنة”، مضيفاً:”العجيب أن من ينبهوننا إلى عظمة الانتخابات الأمريكية هم أول من هللوا للانقلاب على نتائج انتخاباتنا لأنها لم تكن على هواهم”.

وتابع أبو خليل:” ولأنهم لم يصبروا على التجربة الوليدة حتى تنضج وتتخلص من أعراضها الجانبية وتتشكل قوى سياسية حقيقية بعيدا عن أي استقطابات”، وأوضح:”لقد أخطأنا جميعا في التعاطي مع ثورة عظيمة وضعتنا على اول طريق التغيير ولكن أكثرنا جرما من لم يصبر على الثورة حتى تؤتي ثمارها وهلل للانقلاب عليها .لاتبكوا كالنساء على ثورة لم تحموها كالرجال”.

وبعد ستة أعوام من الانقلاب على محمد مرسي أول رئيس منتخب، وصل قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي إلى اغتصاب رئاسي ثان، بينما يستعد برلمان الدم لإعطاء الديكتاتور صك بالجلوس على كرسي الرئاسة حتى آخرة قطرة من حياته، وتفرق رفاق الانقلاب الذين أبهرتهم انتخابات الكونجرس الأمريكي بين صاعد في المناصب أو مغادر منصبه، ومهاجر خارج البلاد.

ثورة أم انقلاب؟

وجاء عزل مرسي في الثالث من يوليو 2013 في ظل مظاهرات دبرتها المخابرات الحربية وضخمتها الآلة الإعلامية وأيدها الذين يتغزلون في ديمقراطية أمريكا اليوم، وعلى رأسهم 14 شخصاً منهم قيادات دينية وعسكرية وسياسية؛ وقف السفيه السيسي بينهم، يتلو بيان الانقلاب.

هكذا تغنى رفاق مشهد الانقلاب بديمقراطية غربية وكفروا بثورة 25 يناير، أغلبهم تحول من التأييد لمشهد السفيه السيسي ذلك اليوم إلى المعارضة، ومنهم من قضى جزءا من حياته في السجن، أو عاد عبر المنافي ومنصات التواصل، إلى مصافحة الإخوان المسلمين، الذين عاداهم من قبل.

وبقيت جماعة الإخوان المسلمين والقوى المناهضة لانقلاب العسكر بين المنافي والسجون، واكتسبوا تأييد شريحة ممن اختلفوا مع السفيه السيسي، غير أن ذلك وإلى الآن لم يتبلور إلى قوة تستطيع تغيير المشهد، واعتبر متخصص في علم الاجتماعي السياسي أن الارتباك هو حليف المشهد في مصر، ويبقى السفيه السيسي هو الرابح الأكبر وإن انفض عنه مؤيدون، حتى يأذن الله بسقوط الانقلاب.

البرادعي

وانقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت السفيه السيسي على محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، وأعلن عزله في الثالث من يوليو 2013، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.

وتلا محمد البرادعي -أحد المنبهرين بالديمقراطية الأمريكية- بيان جبهة الإنقاذ المدفوعة من قبل المخابرات الحربية وعصابة الخليج، التي شكلت رأس حربة رئيسية طعنت الديمقراطية المصرية الوليدة، وقال إن خطاب محمد مرسي “عكس عجزا واضحا عن الإقرار بالواقع الصعب الذي تعيشه مصر بسبب فشله في إدارة شؤون البلاد منذ أن تولى منصبه قبل عام”، وتمسكت الجبهة بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو الانقلاب.

وبعد الانقلاب على الرئيس مرسي، عُيِّن البرادعي يوم 9 يوليو 2013 في منصب نائب الرئيس الطرطور للشؤون الخارجية، لكنه ما لبث أن قدّم استقالته من هذا المنصب في 14 أغسطس من العام نفسه زعما أنه محتج على طريقة فضّ اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر المعارضين للانقلاب، وهرب إلى فيينا.