لهذا السبب باعت واشنطن المصريين وأهدرت دماء خاشقجي

- ‎فيتقارير
Saudi Arabia's King Salman bin Abdulaziz Al Saud (2nd L) welcomes U.S. President Donald Trump to dance with a sword during a welcome ceremony at Al Murabba Palace in Riyadh, Saudi Arabia May 20, 2017. REUTERS/Jonathan Ernst

لم تعد برجماتية واشنطن تخفى على أحد، والحق أن أصحاب البيت الأبيض على استعداد لبيع الإنسانية ذاتها إذا اقتضت مصالحهم ذلك، تلك الإنسانية التي تجلت في ثورة المصريين في يناير ومجيء السيدة هيلاري كلينتون إلى القاهرة؛ بعد خلع حليفهم مبارك لتتدارك الأمر وتضحك على بساطة شعب وعفوية شباب آمن بالحرية، بعدها ظهر وجه واشنطن القبيح الذي مثله ترامب، وأعلن بكل وقاحة دعم السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وذهبت وعود أعضاء الكونجرس للنشطاء والسياسيين رافضي الانقلاب أدراج الرياح.

ومن دعم الانقلاب إلى إهدار الدماء ليس في مصر فحسب بل تخطاه إلى السعودية نفسها، وعقب تكشف فضيحة قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا، بدأ ترامب يلعب على كافة الحبال بغرض حلب أكبر كمية رز من بقرة الرياض، وبالفعل تم له ما أراد وبدأت مماطلة واشنطن للرئيس التركي أردوغان، الذي كشف بما لا يدع مجالا للشك أن الأمير محمد بن سلمان دبر وخطط واستدرج وقتل وأخفى علامات الجريمة.

 

هروب قاتل

ويوما بعد يوم تتكشف سنتيمترات أخرى من وجه الأمريكان القبيح البرجماتي، حيث قالت وسائل إعلام أمريكية إن السفارة السعودية في الولايات المتحدة، ربما تورطت في تهريب طالب سعودي، كان يمثل أمام القضاء، بعد قتله مراهقة في حادث سير بأوريجون، نتيجة القيادة المتهورة عام 2016.

واستطاع عبد الرحمن نورة 21 عاما والمبتعث من الحكومة السعودية للدراسة، الهرب من الولايات المتحدة، العام الماضي بعد حصوله على جواز سفر غير قانوني، مستغلا خروجه من التوقيف بكفالة بحسب ما أوردته صحيفة “أوريجونيان”.

وكانت أسرة المراهقة فالون سمارت 15 عاما، قد اعترضت على إخراج نورة من السجن بكفالة، وطالبت بسرعة إنهاء محاكمته ومعاقبته على التسبب بمقتل ابنتهم، وواجه نورة أمام المحكمة الأمريكية تهمة القتل العمد من الدرجة الأولى، والتي لا تقل عقوبتها عن السجن 10 أعوام، بالإضافة لتهمة الفرار، والقيادة المتهورة في الولايات المتحدة.

ولفتت الصحفية الأمريكية إلى أن نورة، تمكن من نزع السوار الإلكتروني الخاص بتعقبه عن كاحله، بعد إخراجه بكفالة وتوارى عن الأنظار، وفقا لتصريحات الشرطة، ويسود الاعتقاد بأن نورة غادر الولايات المتحدة على متن طائرة خاصة بمساعدة السفارة السعودية، لكن مسئولين في الرياض اعترفوا مؤخرا لنظرائهم الأمريكيين بأن الشاب عاد للسعودية، منذ أكثر من عام.

يذكر أنه لا توجد اتفاقية لتسليم المطلوبين على خلفيات جنائية بين الرياض وواشنطن، وهو ما يجعل فرص عودة نورة للمثول أمام المحاكمة الأمريكية ضعيفة

واشنطن ذات الوجهين

وبالعودة إلى بداية التحليل نجد أنه عندما يقول جون كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق في مؤتمر صحفي عقده في القاهرة في ختام زيارة لجنرالات الانقلاب، استغرقت ست ساعات قال كيري وقتها :”إن قادة الجيش المصري مستعدون لإرساء الديمقراطية، وإن مصر تتحرك لتحقيق خارطة الطريق الديمقراطية، والجميع يجب أن يساعد على ذلك، فان هذا التصريح يفسر أن يكون الاعتراض الرسمي الأمريكي على قلب حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، وتجميد المساعدات المالية والعسكرية لمصر احتجاجا ما هو إلا مسرحية للالتفاف على قانون أمريكي يعارض الانقلابات العسكرية، ويطالب بعقوبات للسلطة أو الحكومة التي تتمخض عنها، ولإظهار أمريكا بأنها دولة داعمة للحريات الديمقراطية في العالم.

شجع البيت الأبيض الجيش المصري على الانقلاب وسحق معارضيه، من خلال عمليات قتل جماعية، بلغت ذروتها يوم 14 أغسطس 2013، بعد تصفية نحو خمسة آلاف شخص في اعتصام رابعة والنهضة، حتى إن منظمة “هيومن رايتس ووتش” خلصت إلى أن ما جرى ذلك اليوم يعد أكبر مجزرة يشهدها التاريخ المعاصر.

وذهب أوباما المسكين وجاء ترامب حامي الديار الذي لا تنطفئ له نار، ومنح السفيه السيسي الضوء الأخضر لتوسعة نطاق القمع لإخراس كل من يرفض الانقلاب، ووضع ترامب برفقة السفيه السيسي حدا لأول تجربة ديمقراطية مدنية في مصر، وفتح بذلك الباب واسعا أمام منزلقات سياسية وأمنية واقتصادية ما زالت مصر تتهاوى في وهدتها السحيقة.

وقبيل كشف الستار عن مشهد 3 يوليو 2013، جرت أحداث كثيرة بلغت ذروتها في 30 يونيو بمظاهرات مخطط لها وممولة من السعودية والإمارات تطالب بانتخابات مبكرة، ثم لقاءات أجراها السفيه السيسي وزير الدفاع حينها مع وزير الدفاع الأمريكي، قبل أن يرفع الستار عن بيان الانقلاب الأول.