لهذه الأسباب.. الضريبة العقارية “إتاوة” غير دستورية

- ‎فيأخبار

تواصل فضائيات العسكر على مدار الساعة دعوة المواطنين إلى الالتزام بسداد الضريبة العقارية وتحذر من مغبة الغرامة حال التأخير عن السداد. لا سيما وأن القانون الذي سنه برلمان حسني مبارك ويفعله حاليا نظام العسكر بعد تعديلات عليه، يفرض الغرامة وصولا إلى الحجز الإداري على الوحدات حال عدم السداد أو الحصول على شهادة بالإعفاء قبل المهلة المحددة.

لكن خبراء في القانون الدستوري يؤكدون أن الضريبة بالصورة الحالية تمثل اعتداءا سافرا على نصوص الدستور التي توجب حماية الملكية الفردية وعدم الاعتداء عليها بأي صورة من الصور.
تقول الحكومة إن “الضريبة العقارية” المفروضة على الأبنية السكنية ليست ضريبة جديدة، إذ صدر القانون في عام 2008 وبدأت الحكومة تطبيقه بشكل فعلي في منتصف 2013، بل أنها مفروضة بالفعل بموجب القانون رقم 56 لسنة 1954، والتي تعرف بين عامة الناس بـ”العوايد”، وأعادت الحكومة تنظيم أحكامها بالقانون الحالي رقم 117 لسنة 2014، ومن ثم تم إجراء تعديلات جديدة على الضريبة العقارية.

والقانون يعفي الوحدة السكنية من الضريبة، بشرط ألا تتعدى قيمتها 2 مليون جنيه، لكن صاحب الوحدة لابد أن يتقدم للمصلحة، من أجل الحصول على الإعفاء، وسمح القانون لمن يمتلك أكثر من وحدة سكنية، أن يحصل على إعفاء على واحدة منها، باعتبارها وحدة سكنية، إذا كان سعرها أقل من 2 مليون جنيه، على أن يسدد الضريبة على الوحدات الأخرى.

مشكلة القانون في الفلسفة التي يقوم عليها، بالاستناد إلى تحول تلك الضريبة من ضريبة على إيراد العقارات إلى ضريبة على امتلاك الثروة العقارية، مما يضمن خضوع العقارات المشغولة والمغلقة للضريبة بما يمثل دافعاً لعدم غلق الوحدات المغلقة ومصدراً لزيادة إيرادات الدولة في ظل أزمة النظام المالية والاقتصادية.

وتقررت الضريبة العقارية بنسبة 10% من القيمة الإيجارية السنوية للوحدة، بعد استبعاد 30% من هذه القيمة للأماكن المستعملة للسكن، ونسبة 32% للأماكن المستعملة لغير أغراض السكن، بحسب البيان، الذي أشار إلى أن كل شخص يمتلك وحدة عقارية واحدة فقط لا تتجاوز قيمتها 2 مليون جنيه هي معفية من الضريبة شرط التقدم بطلب بأن لديه هذا العقار.

وفي 5 مايو 2018 انتهت المحكمة الدستورية إلى تأييد دستورية فرض الضريبة العقارية على المباني، وردت على المطاعن التي تم إثارتها أمامها على “المادة الثالثة من القانون 56 لسنة 1954 التي تفرض الضريبة”، وامتد الحكم إلى مادة فرض الضريبة في القانون 196 لسنة 2008 برفض الدعوى الدستورية في الحالتين .

أسباب عدم الدستورية

وبحسب خبراء فإن هناك واقعا دستوريا جديدا خلفه دستور 2014، يفرض على المحكمة الدستورية أن تعدل عن رأيها، وتقضى بعدم دستورية فرض الضريبة العقارية؟.

يقول الفقيه الدستوري نور فرحات، إن الضريبة العقارية غير دستورية، إذ أن المحكمة الدستورية العليا استندت إلى عدم دستورية الضريبة، بعدم جواز فرض ضريبة تؤدي لزوال رأس المال المفروضة عليه كلية أو الانتقاص منه بدرجة جسيمة.

وأضاف فرحات، في منشور له على صفحته على فيس بوك :”قولا واحدا، فرض الضريبة العقارية مخالف للدستور لأنها لا تفرض على مال متجدد أو معاملة جارية بل على أصل ثابت مما يعد مساسا بأصل حق الملكية المحمي دستوريا”.

واستند الفقيه الدستوري إلى أسباب حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم ١٥ لسنة ١٠ قضائية بتاريخ ١٩ يونيو ١٩٩٣، وهو :”لا يجوز أن تفرض الضريبة ويحدد وعائها بما يؤدي إلى زوال رأس المال المفروضة عليه كلية أو الانتقاص منه بدرجة جسيمة، فما لذلك الغرض شرعت الضريبة، وما قصد الدستور أن تؤدي في نهاية مطافها إلى أن يفقد المواطن رأس المال المحمل بعبئها ليؤول تنفيذها في النهاية إلى فقدان وعائها أو الانتقاص الجسيم منه”.

وتابع :”ومن أجل ذلك كان الدخل – باعتباره من طبيعة متجددة ودورية – هو الذي يشكل – على اختلاف مصادره- الوعاء الأساسي الرئيسي للضريبة، إذ هو التعبير الرئيس عن المقدرة التكليفية للممول، بينما يشكل رأس المال وعاء تكميليا للضرائب لا يلجأ المشرع إلى فرض الضريبة عليه إلا استثناء ولمرة واحدة أو لفترة محددة، بحيث لا تؤدي الضريبة بوعائها كليا أو تمتص جانبا جسيما منه”.

واستطرد فرحات: “وقد يرى المشرع أحيانا فرض ضريبة على رأس مال يغل دخلا، ويراعي أن يتم الوفاء بهذه الضريبة من دخل رأس المال الخاضع للضريبة، أما فرض ضريبة على رأس مال لا يغل دخلا وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة في قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، فإنه ينطوي على عدوان على الملكية بالمخالفة لنص المادة 34 من الدستور”.

وأكد أنه يناقض مفهوم العدالة الاجتماعية الذي نصت المادة 38 من الدستور على قيام النظام الضريبي على أساسه، وهو ما يوجب القضاء بعدم دستورية النصين المطعون عليهما.

ويوضح صلاح فوزي الفقية الدستوري، إن هناك مايطلق عليه اسم العوائد كان موجود منذ عام 1954، أما القانون الحالي القانون 196 لسنة 2018، والذي تم تعديله مرتين من قبل، عام 2012، و2014، والتعديل الأخير أكد أن الضريبة تستحق في أول يونيو 2013.

وأضاف “فوزي”، خلال مداخلة هاتفية مع فضائية “صدي البلد”، أن الضريبة مهمة جدًا، وتمثل دخل هام لجميع دول العالم، ولكن صدور قانون يلزم المواطن بدفع ضريبة من أول يوليو 2013، ويتم تطبيقه عام 2018 فهذه إشكالية إجرائية.

وأرجع شبه عدم الدستورية في القانون إلى أن المحكمة الدستورية انتهت إلى عدم جواز فرض ضريبة يؤدي تنفيذها إلى زوال رأس المال أو الانتقاص منه بدرجة كبيرة، والمحكمة الدستورية عقدت مقارنة بين الدخل الذي له طبيعة دورية متجددة، كوعاء أساسي للضريبة ورأس المال باعتباره وعاء تكميلي للضريبة لايرجع إليه المشرع إلا للضرورة ولمرة واحدة حتى لاتؤدي لإمتصاص رأس المال.