ماذا حصد الذين يطاردون “الإسلام السياسي” في سنوات الانقلاب العجاف؟

- ‎فيتقارير

لم يُطعم الانقلاب العسكري أي بلد نكبها من الجوع، فضلا عن أنه لم يؤمّن أهلها من الخوف، بل على العكس من ذلك ما حدث في مصر وليبيا واليمن وسوريا من ثورات مضادة جلبت معها الفقر والقهر والقمع والرعب لشعوب تلك الدول المنكوبة.

ولم يكن سبّ وشتم جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي في احتجاجات اللبنانيين هو الأول له في تعبير الشارع العربي المعبر عن السخط منه ومن سياسته، فقد كان حاضرا في هتافات شهدتها المغرب والجزائر والسودان، وخرجت الجماهير الغاضبة تدين السفيه السيسي بهتافات غاضبة، كان منها “لا إله إلا الله.. السيسي عدو الله”، “لا إله إلا الله محمد رسول الله,, والسيسي عدو الله”.

ورغم الكوارث التي تترى على رؤوس المصريين من فقر وجوع وغلاء أسعار، وقتل خارج القانون واختفاء قسري واعتقال وإعدام للأبرياء، وانهيار البنية التحتية، وسقوط ضحايا الأمطار صعقا جراء لمس أعمدة الإنارة، وانهيار الطرق والكباري التي يبنيها الجيش، كل ذلك وغيره جعل جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي يقفز إلى اتهام الإسلام السياسي!.

فالتهمة حاضرة وأصابع صناع الإجرام موجهة إلى الضحية دومًا بالوقوف وراء الكوارث وسد البلاعات وتضخيم الأزمات، أو بالوقوف وراء الاحتجاجات الكبيرة التي شهدتها محافظات مصرية قبل أسابيع، للمطالبة برحيل السفيه ومعه عصابة صبيان تل أبيب عن السلطة، على الرغم من أن المتظاهرين خرجوا لإدانة الفساد ونهب المال العام أكثر من المطالبات السياسية.

انقلب السحر

وكانت ملفات القصور الرئاسية والأوضاع الاقتصادية المتردية العامل الأبرز المحرك للمتظاهرين، بعد كشف رجل الأعمال المقيم في إسبانيا محمد علي حقائق عن القصور الرئاسية التي يبنيها السيسي في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وارتفاع نسب الفقر والضغط المعيشي على المصريين، دون تجاهل حالة القمع ومنع حرية الرأي والتعبير.

وخلال لقاء السفيه السيسي ترامب على هامش أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة، قال السفيه: “الإسلام السياسي هو سبب الفوضى في المنطقة، والمنطقة ستظل كذلك إذا ظل الإسلام السياسي يلعب دورا فيها”، على الرغم من وصفه هذا التيار على الدوام بالإرهاب، لكنّ مراقبين رأوا فيها مغازلة للرئيس الأمريكي الذي يردد هذه العبارات دائمًا.

في حين يرى مراقبون أنه وخلال سبع سنوات ماضية، دفعت أطراف معروفة عشرات المليارات من الدولارات في سياق مطاردة ما يعرف بقوى “الإسلام السياسي”، لكن نتائج هذه المطاردة تبدو محبطة إلى حد كبير، وفي تقديرهم أن ذلك يحدث لسببين أساسيين: أولهما يتعلق بنتائج المطاردة، بينما يتعلق الثاني باكتشاف عبثيتها من الأساس.

أصوات الجمهور

من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة: “من حيث النتائج، لم يحصد مطاردو “الإسلام السياسي” الكثير على صعيد حذف قواه من الساحة السياسية، فهي لا تزال تحصد ذات النسبة تقريبا من أصوات الجمهور في ظل انتخابات أو استطلاعات تختلط فيها المناطقية بالمصالح والأيديولوجيا”.

وتابع: “ولا يتعلق الأمر فقط بتصدر حركة “النهضة” للانتخابات التونسية مؤخرا، وإنما يتعلق بعدد كبير من الجولات الانتخابية، بكل ألوانها النيابية والنقابية والطلابية في عدد كبير من الدولة العربية”.

مضيفاً: “أي أن النتيجة، وإن حدث قليل من التراجع، إلا أنها لا تبتعد كثيرا عن النتائج السابقة، دون إنكار بعض النتائج على صعيد محاربة التدين نفسه الذي رآه أولئك حاضنة لـ”الإسلام السياسي”، وهذا التراجع لا يتعلق بنجاحها، وإنما بحالة الإحباط التي سادت نسبيا بعد ربيع العرب”.

مشددا: “مع ضرورة الانتباه إلى أن مساعي مطاردة “الإسلام السياسي”، عبر مطاردة حاضنته الشعبية ممثلة في التدين والمتدينين، ينبغي أن تحظى بكثير من الاهتمام، لأن النتائج على هذا الصعيد غالبا ما تكون متدرجة، وليست سريعة؛ شأنها شأن الظواهر الاجتماعية”.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده في صيف 2013، ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي، لا ينفك السفيه السيسي عن تقديم نفسه للشعب المصري بوصفه حامي البلاد من الغرق في مستنقع الإرهاب، وهو المبرر نفسه الذي يستخدمه في الحديث مع الدول الغربية، مضيفا إليه حماية أوروبا من تدفق اللاجئين والهجرة غير النظامية، فضلا عن حماية أمن إسرائيل.