مجلة امريكية: “ريجيني” ضحية ابتزاز متبادل بين السيسي والحكومة الايطالية

- ‎فيأخبار
قال تقرير نشره موقع مجلة "إنترناشيونال بوليسي دايجست" الأمريكي، إن الباحث الإيطالي جوليوريجيني الذي قتل بالتعذيب في أقبية أجهزة السيسي الأمنية في فبراير 2016م، ما هو إلا "ضحية لعبة ابتزاز دولية شاركت فيها قوى دولية، حيث لعبت مصر وإيطاليا دورا"، وكانت النتيجة مقتل الطالب والتضحية به.
ووفقا للمحلل فيديريكو جيرماني، كاتب التقرير أن ريجيني أصبح هدفا إستراتيجيا تم التضحية به من أجل استعادة الزخم في شد الحبل الجيوسياسي مع إيطاليا، ومنع إيطاليا من التدخل في مصالح مصر في المستقبل.
شماعة الإخوان
ولفت التقرير إلى أن زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي، نفى مرارا تورط الأجهزة الأمنية في جريمة قتل ريجيني، وكان يشير إلى أن المعارضة السياسية -الموالية للإخوان المسلمين وفقا للأجهزة الأمنية- هم من قاموا بالجريمة، أو موالون لهم في أجهزة معينة أرادوا ضرب العلاقات الإيطالية المصرية! وهو ما استبعده كاتب التحليل ، مؤكدا أن "تورط مصر في الجريمة واضح رغم محاولاتها لإخفاء الحقائق"، وبيَّن أن سلطات الانقلاب في مصر في البداية قالت إن ريجيني توفي في حادث سيارة، ثم قالت إنه قتل بسبب علاقة جنسية مثلية، وبحسب التقرير فإن هناك رواية ثالثة ترجح أنه كان ملاحقا من الشرطة بسبب بحثه، ومن ثم عثر عليه مقتولا في مكان قريب من مركز للمخابرات، وآخرها توجيه الأنظار نحو المعارضة السياسية المصرية.
لماذا قُتل ريجيني؟
وأشار "جيرماني" إلى طرح جميع السيناريوهات، خلال الفترة الماضية، ولكنها لم تجب على السؤال الأبرز الذي لا يزال يحتاج إلى إجابة، لماذا قتل ريجيني؟ وما سر التوقيت الذي قتل فيه؟
والتقط منها خيطا حيث احتج برأي محققين إيطاليين قالوا إن السلطات في مصر ربما اعتقدت أن ريجيني جاسوس بريطاني، أو أن بحثه عن أوضاع النقابات العمالية بعد ثورة 2011 أزعج شخصا مهما في الدولة. وبالمقابل، اعتبر أن الشراكات الاقتصادية بين السيسي وإيطاليا بدأت برسائل مبطنة و(واضحة) تتعلق بالعلاقات الاقتصادية مع روما، خاصة وأن البلدين شريكان في التجارة، وتعتبر إيطاليا ثالث أكبر شريك لمصر بعد الولايات المتحدة والصين، ونفذت استثمارات ضخمة في مصر بلغت قيمتها 2.6 مليار دولار.
ومن السيناريوهات غير المحتملة وطرحها الكاتب أن يكون قتل ريجيني سببه سد النهضة الذي تشارك إيطاليا في بنائه حيث تتعاقد إثيوبيا وإيطاليا بالتمويل والتنفيذ من قبل شركات إيطالية، وأن "القاهرة أرادت إرسال رسالة إلى روما عبر مقتل ريجيني"، بحسب موقع "الحرة".
الصمت المدفوع
واشار التقرير إلى أن "إيطاليا وجدت نفسها ملزمة بالصمت والتهدئة أمام مصر، فإذا فرضت عقوبات على القاهرة، فهذا يعني أن الشركات الإيطالية ستغادر مصر، وهو ما يعني المزيد من المشاكل الاقتصادية لإيطاليا".
وأمام هذا الضغط المادي، قال رئيس الحكومة الإيطالية، جيوسيبي كونتي، في يونيو الماضي، إنه يتحمل بنفسه مسؤولية الفشل في الحصول على أجوبة من مصر لكشف ملابسات جريمة مقتل ريجيني، وذلك خلال دفاعه عن صفقة بيع فرقاطات للقاهرة، وفق وكالة "فرانس برس". والفرقاطات جزء من صفقة أكبر بين البلدين تقدر قيمتها بـ9 مليارات دولار، ويمكن أن تشكل دعما لاقتصاد إيطاليا المتعثر بعد أزمة فيروس كورونا.
تأكيد التايمز
وفي تحليل لصحيفة التايمز البريطانية، قالت إن "التحقيق خلق صداعا للحكومة الإيطالية التي تقيم علاقات تجارية قوية مع مصر على شكل عقود للتنقيب عن الغاز ومبيعات فرقاطات عسكرية، ولكن النقد يتزايد لنظام عبدالفتاح السيسي واعتقاله لدعاة حقوق الإنسان، بعد هزيمة حليفه في البيت الأبيض دونالد ترامب". وأضافت الصحيفة في مقال خلال نوفمبر الماضي، إن "مصر لم تظهر إلا تعاونا قليلا، ولم تستجب لمطالب توفير المعلومات عن المتهمين الخمسة. ومن المتوقع محاكمة المتهمين الخمسة غيابيا، خاصة أن إيطاليا ومصر لم توقعا معاهدة تسليم متهمين، ولكن التفاصيل البشعة التي ستظهر أمام المحكمة ستؤدي إلى نقد عالمي للنظام المصري الذي سجن حوالي 60 ألف معتقل سياسي".
تعذيب مؤكد
وأوضحت "التايمز" أن تشريح الطب الشرعي كشف أن جوليو ريجيني عانى من كسر في الرقبة واليد وأصابع القدم واليد بسبب التعذيب وكذا من الحروق والكدمات، وتم حفر حروف على بشرته. وأضافت أنه رغم نفي مصر تعذيبه ومحاولة إجباره للكشف عن علاقاته مع المعارضة، وزعمت بدلا من ذلك أنه قتل على يد عصابة إجرامية، كما قالت إنها قتلتهم جميعا، وهي رواية لم تجد إلا سخرية المحققين الإيطاليين.
وفي ضوء التحليلين، قال مراقبون إنه من غير المتوقع أن تستمر محاكمة 5 مسؤولين أمنيين مصريين "قريبا" بتهمة قتل الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني"، وأن الأمر ليس أكثر من ابتزاز من موجة إغلاقات أوروبية متوقعة لإيطاليا التي تئن اقتصاديا. وجوليو "ريجيني"، 28 عاما، عُثر على جثته في فبراير 2016 على الطريق السريع قرب القاهرة، وعليه آثار تعذيب "بشكل بشع لدرجة أن والدته لم تستطع التعرف على جثته إلا بتحديد طرف أنفه". ونقلت الصحيفة أن المحققين الإيطاليين في روما سيطالبون بمحاكمة لـ5 مشتبه بهم بمن فيهم الرائد "مجدي عبدالعال شريف"، المسؤول في جهاز الأمن الوطني، مشيرة إلى أنه "من المحتمل تقديم شريف إلى المحاكمة".