مشاهد صادمة من «محرقة قطار رمسيس»

- ‎فيأخبار

حالة من الحزن والغضب الشديدين انتابت المصريين لوقوع حادثة قطار رمسيس، وقد سجلت (الفيديوهات) بشاعتها؛ حيث النيران المشتعلة فى أجساد الضحايا، والجثث المتفحمة الملقاة على الأرصفة وبين القضبان. وخلافًا لما جرى من حوادث شبيهة -باستثناء قتل المصريين فى رابعة والنهضة- فإن هذه الحادثة تنفرد بفضح هذا النظام البائس، وتكشف دجله وشعوذته، وقد رصدنا مشاهد عدة أثناء وعقب الكارثة، وهى تكشف المستور، وتظهر الوجه القبيح لأولئك الذين يبيعون الوطن ويحرقون أبناءه.

– أول المشاهد: ثبت بالفعل أننا فى «شبه دولة»، ولو أننا فى دولة ما وقع الحادث من الأساس، ولو وقع لتفادينا هذا العدد الكبير من الضحايا؛ ولأننا (بلد ضايع!) فالسائقون ينزلون من القطارات من أجل «الخناقة!» ويتركونها تسير وحدها داخل محطة الركاب بسرعة (60كم/س). والأعجب أن السائق الذى رأيناه -إن كان هو السائق الحقيقى- يتعاطى المخدرات، ومتورط فى قضايا آداب (حسب تحقيقات الشرطة والنيابة) وقد ظل يمارس عمله حتى وقوع الكارثة.
ثم انظر كيف تعامل المسئولون مع الأزمة؛ فقد تركوا الناس يحترقون فى واحدة من أقدم محطات السكك الحديدية فى العالم لعدم وجود إمكانات تساعد فى إنقاذهم؛ حيث لم نر سوى الرجل الشهم الذى أطفأ عددًا منهم بـ« جردل» مياه.

– ثانيها: أبانت الكارثة عن حقيقة (مصر المنهوبة)، ولوسائل الاتصال الحديثة الفضل فى كشف الناهبين بالصوت والصورة. لقد تداول الناس -وعلى نطاق واسع- (فيديو) لرأس النظام يعلن فيه رفضه لصرف جنيه واحد على السكة الحديد؛ مفضلًا إيداع ما لديه من أموال فى البنوك لتأتيه بأرباح تقدر بمليار أو اثنين، لم يفصح ماذا سيفعلون بها، لكن يعلم الناس أين يضعونها، بعد ما علموا أين وُضعت مليارات الخليج التى أتتهم عقب الانقلاب، وكذلك أموال الضرائب، والكهرباء، والمياه، والغاز، وما استقطعوه من الدعم، وما فرضوه من إتاوات في كافة القطاعات.. لقد ذهبت إلى (مشروعاتهم التاريخية!!) أو ذهبت رواتب مركبة لمن يحمون عرشهم، أو ربما لم تذهب وبقيت فى الجيوب السرية أو طارت إلى البنوك السويسرية، وإذا كان مبارك (الفقير) قد حول 70 مليارًا فبكم تقدر ذمة هؤلاء المالية؟!

– ثالثها: إعلام فاسد فاجر، هذا أقل ما يقال عن تلك المنظومة منزوعة الأخلاق، التى باتت تدافع -بالباطل- عن النظام، وباستخفاف جرىء لا يقبله إلا ذوات الأربع، يدافع الإعلام فى هذه الكارثة عن شخص واحد، دون الالتفات إلى ما جرى للضحايا، وما وقع من إهمال وفساد، وعلى مدار الأيام الماضية تدور برامجه وحواراته وأخباره حول محاولات تبرئته من الجريمة، وتجميل صورته بعد نشر الفيديو المشار إليه، والتهوين مما وقع وادعاء أنه يقع مثله وأكثر فى كل دول العالم.

– رابعها: هذا النظام صار عدوًا للشعب كله، لم يبق أحد لم يعاده إلا المتكسّبون منه بشكل مباشر. هذه الظاهرة رأيناها فى كمّ الاستياء والغضب من الجميع، ولولا آلة القمع غير المسبوقة لتمكن الناس من رقابهم، لكن على أية حال أوضحت الكارثة أن هناك نارًا تحت الرماد لن تنطفئ إلا بزواله، وأن الحادثة قد تكون بداية النهاية لهذا الكابوس الذى حل على المحروسة.

– خامسها: مشهد تدافع الشباب للتبرع بالدم لضحايا المحرقة بهذه الأعداد الغفيرة من شتى مناطق الجمهورية، يثبت أن هذا الشعب يحتاج حاكمًا صالحًا ينمى فيه بذرة الخير، ويعالج ما لحقه على أيدى المجرمين من محاولات تقسيمه وزرع العداوة بين بنيه، وهذا المشهد يطمئننا كثيرًا ويدعونا إلى مواصلة النضال؛ إذ كان البعض متخوفًا من ركون الشعب إلى الظالمين؛ فيأتى هذا المشهد ليبدد جميع هذه التخوفات.

– سادسها: لا تزال طائفة من الجهلة والمغرر بهم والمتكسبين بالحرام عبيدًا لتلك العصابة، تلك السيدة العجوز صاحبة الخمار، والشاب الذى يقف وراءها مثال للعاقّين من المصريين، نائحة مستأجرة تابعة لـ«جهة سيادية» رأيها هو رأى تلك الجهة، تجيد النباح، والكذب وهذه مؤهلاتها لفرض رأيها على المشهد. والفضل أيضًا لوسائل الاتصال الحديثة التى أتت بتاريخها المخزى، ولتغلق الطرق واحدًا إثر الآخر على تلك الجهات التى تغرر بالسذج لتوجيه الرأى العام.

– سابعها: اتضح أن الناس فى بلدى: أسياد وسوقة. الكارثة أكدت هذا التقسيم، فالضحايا لم تشملهم رعاية العسكر الذىن ينتفضون لمرض فنانة فيسرعون بعلاجها في الخارج على نفقة الشعب، أما الغلابة فليس لهم إلا مستشفيات القطاع الحكومى التى يذهبون إليها ليس للإنقاذ وإنما للحصول على تصريح للدفن، وحتى الآن لم تقم لأحدهم جنازة رسمية، ولم يفرضوا لأهاليهم معاشًا مثل «إخوانهم الضباط!!»، ولا شكر الله لهم فقد قدروا قيمة الضحية بثمانين ألف جنيه، وفى انتظار تبرعات أهل الخير أمثال «طال عمره» وغيره.

– ثامنها: جزى الله خيرًا من سرّب (الفيديوهات) فقد أنقذ برءاء، ومنع تمثيليات كان يمكن أن تتم ويبتلى الشعب بها ابتلاء عظيمًا. لقد حقنت هذه (الفيديوهات) دماء الكثيرين، وقطعت الطريق على (سيناريوهات) الله أعلم بمآلاتها. وهؤلاء الجنود المجهولون يطمئنون الأحرار كذلك بأن بذرة الخير لم تمت، وأن جذورها ضاربة فى كل مكان.

– تاسعها: رغم هذه الكوارث المتتالية فإن العصابة ما زالت تتمدد متحدية الأمة بكاملها؛ إذ يأتون بواحد منهم بدرجة وزير ليدير النقل، ولم يكتفوا بعشرين رتبة منهم يديرون هذا القطاع بالفعل ما بين لواء وعميد، وما كانت الكارثة لتقع إلا لأنهم هم من يديرونه، وقد نحوا أصحاب الخبرات من أبناء السكة الحديد الذين تربوا فيها صغارًا ونشئوا يعلمون أسرارها وأماكن القوة والخلل فى كل شبر منها.

– وآخرها: هل الحادث عمد أم إهمال؟ فى كلا الحالين يتحمل النظام مسئوليته، وإن كان الإهمال أخف وطأة. المؤكدون للعمد يشيرون إلى خبرة النظام فى هذا المجال، بدءًا من كنيسة القديسين والبطرسية مرورًا بما يجرى فى سيناء، وانتهاء بحوادث قتل الإخوان المختفين قسريًا. ولهؤلاء شواهد تؤكد ضلوع النظام فى هذه الكارثة؛ منها أن ما وقع كان انفجارًا ولم يكن اصطدامًا، وأكدوا استحالة أن يكون هذا الانفجار من خزان الوقود، خصوصًا أن الجرار كان للمناورة، ومثل هذه الجرارات لا تحمل التنك كاملًا، ولو فرض أنه يحمل التنك كاملًا فإن درجات الحرارة ليست كافية لانفجاره، وقد كذبت توقيتات الفيديوهات المسربة رواية النظام حول تحرك الجرار ومشاجرة السائقين. إضافة إلى ظهور«أم أشرف» فى موقع الحادث وخلفها الشاب المعروف، وقد بدأت «أسطوانتها المشروخة» مع اللقطات الأولى للحادثة، كأنها تمهد لـ«سيناريو» بغيض كان يهدف لتوريط الإخوان وتركيا وقطر؛ ليس بهدف قتل الإخوان وتشويه الدولتين فقط، بل أيضًا لتمرير التعديلات، أما أرواح المصريين فلا تمثل شيئًا عند هذا النظام الفاشى.