مفاوضات جديدة حول السد.. هل يوقّع السيسي على اتفاق لبيع النيل لإثيوبيا؟

- ‎فيتقارير

بعد أيام من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التى ألمح فيها إلى أن مصر قد تفجر سد النهضة وانتقاده لإثيوبيا لرفضها التوصيات الأمريكية بإنهاء المأزق الذي خلقه السد، وقلق دولتي المصب من تأثيره على تدفق المياه، من دون التوصل لاتفاق ملزم دخل نظام الانقلاب الدموى والسودان جولة جديدة من المفاوضات مع إثيوبيا. ويزعم نظام الانقلاب الدموى أنه يتطلع إلى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لأديس أبابا يضمن قواعد ملء السد وتشغيله.

كانت مفاوضات سد النهضة طوال 9 سنوات قد باءت بالفشل بسبب تعنت الجانب الإثيوبى ورفضه التوقيع على اتفاق ملزم لتشغيل السد وملء الخزانات الخاصة به بالمياه فى مقابل ضعف الموقف التفاوضى لنظام الانقلاب؛ بسبب توقيع عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموى على ما يسمى باتفاق المبادئ فى الخرطوم عام 2015 وهو ما سمح لإثيوبيا ببناء السد والحصول على تمويل دولى، كما فشلت الوساطة الأمريكية بين الجانبين وهو ما دفع الرئيس ترامب إلى انتقاد إثيوبيا فيما لم تحقق المفاوضات التى توسط فيها الاتحاد الإفريقي أى نجاح.

مسيرة المفاوضات الفاشلة تطرح السؤال لماذا يعود نظام الانقلاب إلى المفاوضات رغم علمه باصرار الجانب الإثيوبي على رفض التوقيع على أى اتفاق ملزم لتشغيل السد؟ وهل هو بذلك يدافع عن حقوق مصر التاريخية فى مياه نهر النيل أم يساعد إثيوبيا على استكمال مشروعها وحرمان الشعب المصرى من حقوقه فى المياه وتبوير أراضيه الزراعية وتعريضه لمجاعة غير مسبوقة وهل يوقع السيسي على اتفاق جديد على غرار اتفاق المبادئ لبيع نهر النيل لإثيوبيا؟
من جانبه زعم بسام راضي المتحدث باسم السيسي أن مصر والسودان متمسّكان بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لقضية السد يضمن قواعد واضحة لعملية الملء والتشغيل، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، وفق تعبيره.

5 شروط
فى المقابل شدد الدكتور أحمد المفتى خبير الموارد المائية السودانية وعضو اللجنة الفنية سابقا، أن وزير الري السوداني أعلن أربعة شروط، للجولة المفاوضات الجديدة برعاية الاتحاد الإفريقى، موضحا أن الشروط الأربعة تتمثل فى أن يكون الاتفاق ملزما، وعدم التفاوض بنفس الأساليب والطرق السابقة، وأن يتم التباحث حول إبتداع طرق ومناهج تفاوض جديدة، بالإضافة إلى منح دور أكبر وأكثر فعالية للخبراء والمراقبين لتقريب وجهات النظر، ووضع جدول زمنى محكم للانتهاء من التفاوض.

وقال المفتى فى تصريحات صحفية إن التحفظ على شروط التفاوض يتمثل فى عدم التعويل علي الخبراء والمراقبين في تقريب وجهات النظر، لأن الموضوع سياسي استراتيجي وطني ولا يستقيم تركه لآخرين، ولكن يمكن الاسترشاد بمساهماتهم.
وطالب بإضافة شرط خامس فى التفاوض يتمثل في التزام إثيوبيا  بوقف كل الأنشطة المتعلقة بسد النهضة قبل بدء الجولة، وذلك لحين الوصول إلي اتفاق ملزم يحفظ الحقوق المائية لكل دولة من الدول الثلاثة.

مناورة إثيوبية
وأكد الدكتور هانى رسلان، خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن اجولة التفاوض الجديدة تأتى بعد فترة انقطاع دامت سبعة أسابيع، معربا عن اندهاشه لعدم إشارة البيان الخاص بالعودة إلى المفاوضات إلى سبب الانقطاع، ولا الأسس التى بناء عليها تمت العودة.
وتساءل رسلان فى تصريحات صحفية ما الذى استجد هذه المرة بما يجعل الوصول إلى اتفاق ملزم ومنع التعنت الإثيوبى أمرا ممكنا؟.
وحذر من أن تكون مناورة إثيوبية لتجاوز الأثر الذى أحدثته تصريحات ترامب، مشيرا إلى أن تكرار الإشارة إلى الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية أصبح أمرا لا يبعث على التفاؤل ويوحى بعدم الاحترام وعدم الجدية، بالنظر للأداء الفاشل والمخيب للآمال حتى هذه اللحظة.

وأشار رسلان إلى أن القمة المصغرة الأولى عُقدت فى نهاية يونيو الماضى وأعلنت جنوب إفريقيا عن خطة لمدة شهر لإنجاز الاتفاق، ومرت أربعة أشهر ولم يتم التقدم نحو الاتفاق بل حدث العكس بتنصل إثيوبيا من كل ما سبق ووضع شروط وعراقيل جديدة.
وقال إن إشارة تفجير مصر للسد، تعطى تلميحات بعدم ممانعة إدارة ترامب لذلك، أو أنها لا تستبعد وقوعه فى حال استمرار الموقف الإثيوبى الرافض لأى اتفاق، إلا أن المقصود منه هو تحذير إثيوبيا بشدة، لأن ترامب كان يتحدث فى سياق ضرورة التوصل إلى حل سلمى وتفاوضى،  كما أن إشارة ترامب إلى مفاوضات واشنطن وإدانته الشديدة لانسحاب إثيوبيا ورفضها التوقيع، تعيد وثيقة واشنطن للواجهة مرة أخرى، وهناك حل فعلى متوافق عليه من الأطراف الثلاثة بنسبة تزيد عن ٩٠%، والنسبة المتبقية وضعتها واشنطن بالتنسيق مع البنك الدولى بشكل متوازن لمصالح الدول الثلاث، بما يعنى أن هناك حلا جاهزا وأن العقدة هى فى المراوغة والكذب الإثيوبى وتعريض المنطقة لمخاطر عدم الاستقرار طويل الأمد.

تصريحات ترامب
وأوضح الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية فى جامعة الخليج بالبحرين، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والتى كانت بمثابة تهديد لإثيوبيا أو تبيه وتحذير لها، فرضت على كافة الأطراف ضرورة التوصل إلى حل ودي للخلاف بشأن سد النهضة بين السودان ومصر من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى.
وقال الصادق فى تصريحات صحفية إن تصريحات ترامب كان لها مفعول السحر، مشيرا إلى أن الخطير في الأمر أن يصرح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية راعية المفاوضات أثناء مكالمة تليفونية مع رئيس الوزراء السوداني أمام صحفيين في البيت الأبيض، بأن الوضع خطير، وأنه قد ينتهي الأمر بالقاهرة بأن تنسف ذلك السد، حيث قال إنه توسط في اتفاق لحل القضية، لكن إثيوبيا انتهكت الاتفاق مما دفعه إلى قطع تمويل أمريكي عنها.

وأشار إلى أنه من الطبيعي أن يكون سيناريو تدمير السد أحد السيناريوهات المطروحة منذ زمن بعيد، وبالفعل تم التلميح به سابقا في مناسبات عديدة، والمؤكد أنه طالما صرح به الرئيس الأمريكي أن هذا السيناريو تم طرحه في الاجتماعات المغلقة.
وكشف الصادق عن خطأ إثيوبيا فى حق الأمريكان وهو ما ظهر فى قول الرئيس الأمريكي إنه توصل إلى اتفاق معهم، وبعد ذلك انتهكت إثيوبيا الاتفاق للأسف، وما كان ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك،  كما أبدى استياءه قائلًا: "لا يمكن لوم مصر لشعورها ببعض الاستياء، متمنيا أن تستوعب أثيوبيا الموقف جيدا بعد هذه التصريحات وألا تتمادي في التعنت والمماطلة حتى لا تجبر الجميع على السير نحو الحل الأخير، فالمياه حياة، ولا مفر من استخدام مياه حوض النيل الأزرق في تنمية دول الحوض جميعا مصر وإثيوبيا والسودان".