مفتي السعودية يكفّر “الإخوان”.. ونشطاء: “وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ”

- ‎فيتقارير

من أحدث مراحل الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين -أكبر الجماعات الإسلامية في العالم السني- نشرت الرئاسة العام للبحث والإفتاء السعودية مقطع فيديو نقلا عن "المفتي" العام للمملكة العربية السعودية هاجم فيه مَن لطالما التقى برموزها. وزعم "المفتي" عبدالعزيز آل الشيخ -نسبةً للشيخ محمد بن عبدالوهاب- أن "جماعة الإخوان لا تمت للإسلام بصلة، وهي ضالة تستبيح الدماء وتنتهك الأعراض وتنهب الأموال".

وتزامن تصريحه مع كشف رباني للاصطفاف؛ حيث رحّب الصهاينة أعداء الله ورسوله والمسلمين -يوم الأحد- ببيان هيئة  كبار العلماء السعودية حول الإخوان المسلمين، وقالت منصتهم بالعربية على "تويتر": "يسعدنا رؤية هذا المنهج المناهض لاستغلال الدين للتحريض والفتنة، ولا شك أن جميع الديانات السماوية جاءت لزرع المحبة والألفة بين الناس".
و تابعت المنصة الصهيونية "إسرائيل بالعربية": "نحن بأمسِّ الحاجة إلى خطاب يدعو للتسامح والتعاون المتبادل للنهوض بالمنطقة برمتها".

ولن ترضى عنك
وأعاد ناشطون نشر وتكرار قول الله عزوجل، "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" ليكون قبل كل التعليقات… وعلّق الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. علي القره داغي قائلا عبر حسابه على "تويتر": "لم يلقَ بيان هيئة كبار العلماء السعودية استحسانًا أو قبولًا في عالمنا العربي والإسلامي سوى من الكيان الصهيوني المغتصِب لأراضي العرب والمسلمين والقدس والأقصى!!!"

https://twitter.com/Ali_AlQaradaghi/status/1328054647450439681

 

أما المهندس محمد شكري فعلق قائلا: "الحقيقة أثبتت أنك لا تحتاج لتكون إخوانيًا -من #الإخوان_المسلمين- ليعلنوا أنك لا تمتّ للإسلام بصلة.. تحتاج أن تكون حرًا، ممانعًا، مقاومًا، ترفض الذل، تدعو إلى تحرير #القدس، تنادي بمواجهة #الصهيونية، تعادي #إسرائيل، وترفض أن تكون من حزب #الليكود_العربي..".

وأضاف الأكاديمي السعودي المطارد من سلطات بلاده أحمد بن راشد بن سعيّد "عاجل بُشرى المؤمن: صفحة صهيونية رسمية تؤيّد #هيئة_كبار_العلماء في إفتائها بأن جماعة #الإخوان المسلمين إرهابية".
أما أستاذ بن شروف أستاذ الفيزياء فكتب "الله المستعان. مهما كان حجم الاختلاف مع #الإخوان_المسلمين، لكن أن يتم تكفيرهم وإخراجهم من الملة! فهذا حدث جلل". واصفا مصدر الفتوى بـ"#دعاة_على_أبواب_جهنم".


توظيف المنابر
وبدا من الحملة توظيف غير مسبوق لمنابر المؤسسة الدينية بشكل كثيف، بدأت ببيان كبار العلماء ثم خطبة الجمعة الماضية 13 نوفمبر 2020، وقبلها ظهر وزير الشئون الإسلامية السعودي عبداللطيف آل الشيخ ليدعو من خلال حساباته على التواصل الاجتماعي والفضائيات العبرية المملوكة للسعودية، والتي تنطلق -من عواصم بات سمعتها الأبرز الدعارة وغسيل الأموال- في دبي وأبوظبي، مشيرا إلى خطبة الجمعة بعموم مناطق المملكة –موحدة توزعها وزارته- تخصص للتحذير من جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية" الخارجة عن شريعتنا!!
وادعى "آل الشيخ" أن "بيان هيئة كبار العلماء بشأن الإخوان المسلمين كان حكيمًا، وصدر في الوقت المناسب، وبأسلوب جميل، موضحًا خطر هذه الجماعة، ومستندًا بالدليل والتأصيل الشرعي.."!
ليتحول الجمع بمن فيهم "مفتي" السعودية ونائب عام المملكة وأمين التعاون الإسلامي إلى أبواق إعلامية لولي العهد محمد بن سلمان يوظفه للهروب من الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي أوقع بها بلاد الحجاز.

مواقف أبناء الحركة

وكان المتحدث باسم جماعة الإخوان، طلعت فهمي، قال إن جماعة الإخوان المسلمين "دعوية إصلاحية" و"ليست إرهابية".
وإن جماعة الإخوان "بعيدةٌ كل البعد عن العنف والإرهاب وتفريق صف الأمة، وهي منذ نشأتها جماعة دعوية إصلاحية تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون إفراط أو تفريط". وأضاف أن الجماعة "تنفي كل الاتهامات التي ساقتها هيئة كبار العلماء ضدها". وأكد أن "منهج الجماعة تأسس على كتاب الله وصحيح السنة دون شطط أو تطرف، وتاريخها يشهد بذلك".

وتابع أن "الجماعة بعيدة تماما عن العنف والإرهاب، وكانت دوما ضحية لعنف وإرهاب النظم الدكتاتورية". وشدد على أن "الجماعة ظلت منحازة للعقيدة الإسلامية الصحيحة وقضايا الأمة العادلة، وأولها قضية فلسطين".
واستند فهمي إلى أقوال علماء سعوديين بارزين هم: عبد العزيز بن باز، وبن جبرين وسفر الحوالي، واللجنة الدائمة للإفتاء (رسمية)، بحق الجماعة. وأردف: "هؤلاء قالوا إن الإخوان من أقرب الجماعات إلى الحق، ومن أهل السنة والجماعة والفرق الناجية وجماعة وسطية وتقصد الإصلاح والدعوة إلى الله".
ودعا "الجميع إلى العمل على ما يوحد صف الأمة لرفعة دينها والدفاع عن سنة نبيها والتصدي للمخاطر والمخططات التي تتربص شرًا بالأمة".

اعتبرت حركة مجتمع السلم الجزائرية، أن بيان "هيئة كبار العلماء" بالسعودية بشأن الإخوان المسلمين، هو موقف سياسي لا علاقة له بالعلم الشرعي ومثير للفتنة بين المسلمين.
ونددت الحركة بما وصفته بالتصرفات الرسمية المؤذية لمشاعر الجزائريين خلال الزيارات المتعاقبة للمسئولين الفرنسيين ومظاهر الاحتفاء بالتزامن مع الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وكانت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا قد أصدرت بيانا عنونته بـ"براءة" تزامن مع بيان المؤسسة السعودية اعتبرت أن اعادة الاصطفاف في ظلّ الظروف والمتغيرات الدولية والإقليمية، هو على سبيل الحرص على مصالح وقتية عارضة".
وقالت جماعة إخوان سوريا "نؤكد براءتنا من فكر الغلو والتكفير بمدارسه وتنظيماته ومنظماته على امتداد الجغرافيا الإسلامية والعالمية، نبرأ من هذا الفكر ومن كل ما يصدر عن حامليه من تكفير وتقتيل وتفجير.. ونخصّ بالبراءة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة وكل المسميات الرديفة والموازية والتي تستحل باسم الإسلام دماء الناس وأعراضهم".

موقف غير موضوعي
الباحث محمد إلهامي، في التاريخ والحضارة الإسلامية، اعتبر أن بيان هيئة "كبار العلماء" السعودية تجاه جماعة الإخوان المسلمون إنما هو موقف سياسي متغير يبتعد عن الجدية العلمية والتناول الموضوعي، مشددا على أنه يجب ألا تؤخذ مواقف المؤسسات العلمية الرسمية -حاليا- بمناط الاعتبار.

وأضاف أن الموقف الرسمي السعودي الآن هو الانسلاخ من الهوية الإسلامية، وفتح البلاد أمام الليبرالية، وأشار إلى موقف سابق للمؤسسات الرسمية من الإخوان، حيث كانت السعودية في أوقات سابقة هي حاضنة الإخوان المسلمين، ويتحكم مشايخ الإخوان المشهورين في مناهجها التعليمية عبر مواقعهم النافذة في المؤسسات العلمية والتعليمية والدعوية، وكانت كتب سيد قطب تطبع بأموال الحكومة السعودية وتوزع حتى على عناصر الجيش السعودي.

وأضاف أن الانسلاخ العام والعلني من الهوية الإسلامية –الذي تلتزمه الرياض اليوم- يستلزم محاربة التيارات الإسلامية جميعها، بما في ذلك الوهابية، ولكن لظروف السعودية الخاصة التي يرسخ فيها شأن الشيخ محمد عبد الوهاب ودعوته، وعائلته كذلك، فإن الأنسب بالنسبة للسلطة السعودية أن تجعل عنوان المعركة متعلقا بالإخوان المسلمين.

وفي جانب آخر، رأى "إلهامي" الحاصل على ماجستير في الاقتصاد الإسلامي، أن الإخوان المسلمين، خصوصا بعد التجربة المصرية، مثَّلوا بديلا خطيرا للفكرة التي طالما احتكرتها السلطة السعودية، وهي فكرة تمثيل الإسلام، وقدرة غيرهم على الوصول إلى السلطة والتحدث بلسان إسلامي.

وأوضح في مداخلة في تقرير لـ"الخليج أون لاين"، أعاد نشرها في شكل تغريدات على حسابه على "تويتر" أن ظروف ثورة مصر والربيع العربي تعرض النظام الملكي السعودي لتهديد خطير على مستوى الفكرة وعلى مستوى التجربة، ولهذا كانت السعودية لديها دوافع إضافية (فوق كل الدوافع الموجودة بطبيعتها لدى سلطة استبدادية عنيفة ودولة وظيفية شرق أوسطية) لمعاداة الإخوان المسلمين.