من يقف في وجه الحرب الإسرائيلية على غزة.. مبارك أم السيسي؟

- ‎فيتقارير

مع استمرار الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني، على قطاع غزة، رغم إعلان فصائل المقاومة عن وقف قصف المستعمرات الإسرائيلية في غلاف غزة، استأنف جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، والغارات التي تشنها طائراته الحربية على مباني القطاع، وتدمير 150 موقعا، خلال الأيام الأخيرة من هذه الهجمات، في حين يقف نظام عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر، ليس موقف المشاهد فقد تعدى دوره هذا بكثير، ولكن يقف دور المحاصر والمشارك في الحرب، من خلال التآمر على غزة تارة، وحصارها بغلق المعابر وتدمير الأنفاق ومنع علاج المصابين ومنع الغذاء والدواء تارة أخرى.

فينشأ الجدال وتنعقد المقارنات بين الدور الذي كان يقوم به الرئيس المخلوع حسني مبارك خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، قبل الثورة يناير 2011، وبين الدور الذي يقوم به عبد الفتاح السيسي بعد الانقلاب العسكري على غزة، وأيهما كان يقف في صف القضية الفلسطينية ويدعم أهل غزة ومن كان يقف ضدهما؟.

فهناك من يرى أن المخلوع حسني مبارك، كان يتعامل بذكاء مع القضية الفلسطينية، ويضغط بها على الجانب الإسرائيلي لتحقيق مكاسب خارجية وداخلية، من خلال غلق معبر رفح في وجه الفلسطينيين بقطاع غزة خلال الحرب، وترك الأنفاق لهم لتوصيل وتهريب المؤن والأغذية ومواد البناء، لكي تصمد غزة في وجه الحرب الصهيونية، في حين يرى أخرون عكس ذلك تماما، وينظرون إلى أن مبارك كان أساسا للبناء الذي استكمله السيسي في حصار وخيانة القضية وضرب غزة، والتآمر على الفلسطينيين والعمل لصالح الصهاينة، والاشتراك في الحرب بالخفاء، وإدانتها في العلن.

ماذا فعل مبارك؟

ولكي يكون هذا التقرير منصفا، فسوف يستعرض دور كل من مبارك والسيسي في القضية الفلسطينية والموقف من الحرب على قطاع غزة، والمجازر التي شنتها جيوش الاحتلال الصهيوني ضد أهالي القطاع، حتى نكشف حملات التضليل في كيفية تناول قضية الحصار إعلامياً و التعاون مع وضعية الخيانة الصارخة التي مارستها الأنظمة العربية وعلى رأسها النظام المصري بقيادة كل من المخلوع حسني مبارك وقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، اللذان يحاصران غزة ويذبحان أهلها جنبا إلى جنب مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .


إغلاق معبر رفح وتفجير الأنفاق

فأول ما كان يفعل مبارك خلال كل حرب تشنها إسرائيل على قطاع غزة، هو إغلاق معبر رفح، فقد تورط النظام المصري برئاسة مبارك في حصار قطاع غزه، بل تطوع طوعياً مع سبق الإصرار و الترصد على ذبح غزة عبر خنقها من خلال إغلاق معبر رفح بينما تكفل الاحتلال بغلق أبواب غزة من باقي الجهات الأخرى، و هكذا عمل مبارك على تشديد حصار غزه و تاجر بعذابات الشعب الفلسطيني في القطاع.

بعد ثبوت فشل الحصار الذي فرضه الاحتلال و بمساعدة من نظام مبارك، أصدر مبارك أوامره لقواته لتفجير أنفاق التهريب التي يحفرها الغزاويين، لتوصيل المؤن والغذاء، بل عمل مبارك على تقليل كمية المواد الغذائية والتموينية الذاهبة إلى المناطق المصرية في شمال سيناء حتى لا تُهرب وتصدر هذه البضائع او الفائض منها إلى مناطق قطاع غزة.

هذا بالإضافة إلى موافقته على طلب تل أبيب بتقليل كمية البضائع الذاهبة إلى شمال سيناء، تماما كما أرسلوا له من قبل خبراء وأجهزة لاكتشاف الأنفاق وتدميرها والحيلولة دون ضخ شيئا من الحياة في قطاع غزة من خلال تهريب بعض ضروريات الحياة الإنسانية لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يحاصرهم حسني مبارك و كيان الاحتلال مع سبق الإصرار على تجويعهم وترك مرضاهُم وأطفالهم يموتون مرضا وجوعا.

الغاز المصري لإسرائيل وغزة تغرق في الظلام

وفي حين أمن النظام المصري ما يصل نسبته إلى 40% مما يحتاجه الكيان من الغاز عبر صفقة العار في تصدير الغاز للكيان الصهيوني، بقي الفلسطينيون لا يجدون غازا ولا نفطا حتى يُشغلون به محطة كهرباء غزة التي تغرق تكرارا ومرارا في ظلمة حالكة في زمن ينعم فيه كل العالم بنعمة نفط العرب ما عدا غزة العربية الفلسطينية.

وترك مبارك الأطفال يذبحون بالطائرات الصهيونية التي تمول بالوقود والغاز المصري، وترك أطفال غزة يكابدون الجوع ليلا ونهارا وصباحا ومساءا بسبب مشاركة مبارك في حصار غزة براً و بحراً و جواً و مشاركة أمريكا و إسرائيل بهدف تركيع أهلها.

ليفني أعلنت الحرب على غزة من قلب القاهرة

بل أن الأكثر هو إعلان تسيبي ليفني وزيرة خارجية الاحتلال السابقة، باجتياح قطاع غزة، من قلب القاهرة، وسحق المقاومة فيه، وأصدرت ليفني هذه التهديدات من قلب عاصمة عربية، قدّم شعبها وجيشها آلاف الشهداء من أجل فلسطين، فهذا يفضح تواطؤ النظام المصري مع الكيان الصهيوني و بشكل لا لبس فيه.

وكان يفترض من أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري وقتها والأمين الحالي لجامعة الدول العربية، الذي كان يقف إلى جوارها، وهي تطلق هذه التهديدات، وتلوح بيدها غاضبة، ومتوعدة، في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه في ختام مباحثاتها مع مبارك، أن يحتج، أو أن يطلب منها احترام حرمة المكان، ومشاعر عشرات الملايين من المصريين، ولكنه لم يفعل.

منع دخول المعونات

عمل حسني مبارك و نظامه على عرقلة دخول فرق التضامن العربية والغربية مع غزه عبر معبر رفح… واحتجز المعونات والتبرعات الدولية والعربية المخصصة لغزه بطريقة مبرمجة.. كما منع تلقي المرضى الفلسطينيون الدواء والعلاج وهو مُصِر طوعا على إغلاق معبر رفح قبل أن تأتي أساطيل الإغاثة التركية عبر البحر لإنقاذ غزة و تضعه في موقف اجبره على فتحه.

في أواخر الوثائق التي كشفها ويكيليكس، أقر حسني مبارك أقر بأن بلاده أقامت جدارا فولاذيا عازلا على حدودها مع قطاع غزة لوقف الأسلحة المهربة إليه.

وأفادت الوثائق التي نشرتها صحف أجنبية، بأن مبارك قال في اجتماع في يونيو 2009 مع الجنرال الأمريكي ديفد بترايوس إن مصر قامت بدور “نشيط وفاعل” من أجل وقف عمليات تهريب الأسلحة من خلال الأنفاق إلى غزة.

ماذا فعل السيسي؟

بات نظام السيسي مستكملا لخيانة مبارك، ولعب دور الوسيط غير المحايد في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خصوصا في الجانب المتعلق بقطاع غزة وحياة الناس ومعبر رفح المعبر الوحيد المفتوح نحو العالم الخارجي.

المؤسف هنا، أن حصار قطاع غزة بات في عهد عبد الفتاح السيسي يختلف حتى عن عهد المخلوع حسني مبارك من حيث قسوته وصرامته، إذ لا يقف عند حدود إغلاق معبر رفح -المعبر الوحيد لقطاع غزة نحو العالم الخارجي- أو تدمير الأنفاق، بل تعداهما باتجاه العداء السياسي للعديد من القوى الفلسطينية كحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وحتى لبعض القوى اليسارية التي باتت علاقاتها الرسمية مع القاهرة تعتريها حالة من الفتور والبرودة، فضلا عن اعتباره حركة حماس حركة إرهابية.

وهنا، سقط نظام السيسي في امتحان غزة الأخير، من خلال استمراره على الوتيرة والنغمة ذاتها. كما أخطأ في مواقفه الأخيرة من العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، حين نأى بنفسه عن مناصرة المقاومة، تارة باسم الإرث الذي تحمله مصر نتيجة المعاهدة مع “إسرائيل”، وتارة باسم حسابات المصلحة التي يجهلها الفلسطينيون.


ففي العدوان البربري الأخير الذي تَكَشّفت به حدود الهمجية الصهيونية من قتل وتدمير شامل ممنهج لم تصل إليه النازية في صعودها، كان الصوت الرسمي المصري -وما زال- ينتظر حصاد الدمار ولا يرى حصادا غيره، ليقول للفلسطينيين: ألم نقل لكم؟ ألم نحذركم من طريق المقاومة المسلحة؟ .

خاصم نظام السيسي حركة حماس وألحقها بمعركته الداخلية في مصر، وانتقل العداء لها ليصبح عاما مع مجموع القوى الفلسطينية التي تقاتل على الأرض في قطاع غزة. وشن موجات وحملات تزييف الوعي الإعلامية التي يقودها إعلاميون مصريون محسوبون على النظام، وخَلَقَ حالة مناهضة للمقاومة في غزة، وحالة مُتشفية بأهلها في أوساط الرأي العام المصري، وهذه الحالة الناقمة على المقاومة وأهل غزة، أو غير المبالية تجاههم.

والأكثر ما صرّح به وزير البنى التحتية والطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، السبت، أن “عبد الفتاح السيسي غمر الأنفاق على حدود بلاده مع قطاع غزة بالمياه، بناءً على طلب من إسرائيل”. وأوضح شتاينتس أن “التنسيق الأمني بين البلدين أفضل من أي وقت مضى”، على حد تعبيره.