“ميدل إيست آي”: العالم فقد الثقة بالسعودية بسبب حماقات بن سلمان

- ‎فيتقارير

نشرت صحيفة "ميدل إيست آي" مقالا للكاتبة مضاوي الرشيد، الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، سلطت خلاله الضوء على تآكل دور المملكة العربية السعودية وتراجع مكانتها بسبب حماقات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وحسب المقال الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، فمنذ اكتشاف النفط في البلاد في الثلاثينيات، كانت المملكة العربية السعودية مركزاً مهماً للمصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط. وسيترك الملك سلمان بن عبد العزيز العرش بعد قرن تقريباً. ولا شك أن خليفته سوف يرى أن هذا الدور المحوري يتآكل تدريجياً في ظل تغير السوق العالمية للطاقة. وبما أن الولايات المتحدة لم تعد تعتمد على النفط السعودي، أو نفط الشرق الأوسط بشكل عام، فإن العلاقة الخاصة للمملكة مع الولايات المتحدة سوف يتم تخفيضها، مما يجعل البلاد عرضة للمخاطر الإقليمية والدولية.

ختم ترامب بالموافقة

في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمتعت القيادة الجديدة في الرياض، وفي المقام الأول، ولي العهد محمد بن سلمان بلحظات من الارتياح مع استمرار الرئيس في الحفاظ على علاقات وثيقة مع الأمير، متلاعباً بشكوكه ومخاوفه، ودعم إنفاقه ببذخ على الأسلحة، الأمير اكتشف أنه يمكن أن يفلت من جريمة القتل، وقد فعل ذلك حرفياً.

عندما أشرف محمد بن سلمان على مقتل جمال خاشقجي في إسطنبول في عام 2018، كافأه ترامب بالقول: "قد يكون الأمر جيداً جداً أن ولي العهد كان على علم بهذا الحدث المأساوي – ربما فعل ذلك وربما لم يفعل". كان البيان هبة من السماء لولي العهد. لكن ترامب ذهب إلى أبعد من ذلك، مضيفاً: "على أي حال، علاقتنا هي مع المملكة العربية السعودية. لقد كانوا حليفاً كبيراً في معركتنا الهامة جداً ضد إيران. وتعتزم الولايات المتحدة أن تظل شريكا ثابتا للمملكة العربية السعودية لضمان مصالح بلدنا وإسرائيل وجميع الشركاء الآخرين في المنطقة، إن هدفنا الأسمى هو القضاء الكامل على تهديد الإرهاب في جميع أنحاء العالم".

وتابع ترامب، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة منتجة للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، "لقد عملوا معنا بشكل وثيق وتجاوبوا كثيراً مع طلباتي بإبقاء أسعار النفط عند مستويات معقولة … وأعتزم أن أضمن، في عالم خطير جدا، أن تسعى أمريكا إلى تحقيق مصالحها الوطنية وتتنافس بقوة مع البلدان التي ترغب في إلحاق الأذى بنا. ببساطة شديدة يطلق عليه أمريكا أولاً".

وقد تركت تصريحات ترمب أصداء جيدة في الرياض، حيث توفر الراحة اللازمة لملك محاصر لا تعرف وحشية ابنه حدوداً وقد لا يدوم هذا الشعور بالارتياح بعد رحيل الملك الذي قد يتزامن مع تغيير العقول والقلوب في واشنطن بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر.

التشكك الأوروبي

وقد أثبتت وسائل الإعلام الأمريكية والمجتمع المدني والكونجرس أنها أقل تساهلاً مع أمير صدمت جريمته العالم. ويتولى القضاء الأمريكي الآن قضية محاولة اغتيال سعودية مزعومة فشلت في القضاء على صوت نقدي آخر في المنفى، وهو سعد الجابري، وهو مسؤول استخباراتي سابق رئيسي إلى جانب محمد بن نايف المخلوع. ويُزعم أن جبري كان مستهدفاً من قبل فرقة الإعدام التابعة لولي العهد في كندا.

وبعد الملك سلمان، قد لا تكون المملكة العربية السعودية قادرة على اعتبار الدعم غير المشروط لرئيس أمريكي في المستقبل أمراً مفروغاً منه. كما لا يمكن للمملكة أن تتحول إلى أوروبا، وهي كتلة غربية أخرى انغمست تاريخياً في المملكة ولم تتحدى تجاوزاتها، المحلية والإقليمية.

ولا يزال المزاج العام في أوروبا يشكك في استمرار تقديم دعم ولي العهد الشاب الكامل، باستثناء بريطانيا. ولا تزال كل من فرنسا وألمانيا على أهبة الاستعداد، لأن دوائرهما الانتخابية قد تنجح في وقف الصمت التاريخي إزاء انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان والقانون الدولي. ولا يزال البلدان مترددين في دعم مغامرة المملكة الوحشية في اليمن أو تأييد موقف المواجهة ضد طهران، العدو اللدود للرياض.

وبعد مزاعم بأن ملك إسبانيا السابق، خوان كارلوس، تلقى 100 مليون دولار على شكل رشاوى من الملك الراحل عبد الله واضطر إلى الفرار من بلاده، هناك تسامح أقل مع التعامل غير المشروط مع المملكة.

التشكيك في الهيمنة السعودية

وستجد المملكة العربية السعودية نفسها مضطرة إلى تعزيز علاقات أوثق مع الصين وروسيا. ولكن الأمل أقل في أن تجد المملكة حلفاء أقوى وأكثر ولاءً في أي من البلدين من الحلفاء التاريخيين في الغرب. ولا تزال قدراتها العسكرية مرتبطة بالشركة الغربية، وقبل كل شيء الولايات المتحدة، والمصنعين ومخططات التدريب. وعلى الرغم من أن مملكة سلمان قادرة على شراء الصواريخ الغريبة وتكنولوجيا المراقبة من الصين، إلا أنه سيكون من الصعب التحول بالكامل إلى جهاز عسكري صيني.

ولا يوجد أمل في أن تحل روسيا محل الولايات المتحدة باعتبارها الحامية السعودية النهائية، وقد انشأ خلاف الرياض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بداية العام حول أسعار النفط وإنتاجه الساحة لإقامة علاقات مضطربة، وعلاوة على ذلك، فإن تأييد روسيا الإيجابي لإيران ودورها في العالم العربي بعيد كل البعد عن تطلعات المملكة لاحتواء إيران أو حتى الإطاحة بنظامها.

ومع وجود عالم إسلامي ممزق ومستقطب، لن تتمكن مملكة سلمان من المطالبة بالقيادة على الدول السنية التي تتشكك بشكل متزايد في الهيمنة السعودية لجميع أنواع الأسباب. فمن باكستان إلى إندونيسيا، لن يحترم سوى عدد قليل من القادة خليفة العرش، وهو ولي العهد الشاب الذي يرتبط بشكل متزايد بالمؤامرات والقتل، وقد يفلس بحلول الوقت الذي يهلك والده. لا شك أن القيادة السعودية للعالم الإسلامي السني سوف تواجه تركيا التي يتزعمها الرئيس رجب طيب أردوغان وطموحه إلى إزاحة المملكة العربية السعودية تدريجياً وتآكل نفوذها.

صنع أعداء جدد

ومع انخفاض الدولارات في الخزائن السعودية، والاقتصاد الذي تعرض للضرب خلال وباء الفيروس التاجي، والبيئة العدائية للعمال المسلمين، والترحيل المنتظم للمهاجرين الآسيويين والأفارقة، يزداد المسلمون في جميع أنحاء العالم تشككاً في القيادة السعودية. هذا الموقف المريح قد لا يدوم بعد وفاة الملك، عندما يتولى ابنه العرش ويصبح رجل الرياض الخطير.

تاريخياً، اعتبرت العديد من الدول المملكة العربية السعودية قوة للاستقرار، تحافظ على الوضع الراهن وتسهل استقرار المنطقة العربية، ومع ذلك، فإن التدخلات الدبلوماسية والعسكرية السعودية العدوانية في المنطقة – من مصر إلى اليمن والبحرين – قد تحدت الحكمة القديمة حول دورها الخيري.

منذ عام 2011، كسبت المملكة أعداء جدداً بين الناشطين العرب المؤيدين للديمقراطية، والناشطين النسويات والإسلاميين. لكن رسلها الغربيين والمدافعين عنها غضوا الطرف حتى فوجئوا بالقتل الوحشي لخاشقجي. ظلت الحرب في اليمن والقمع الداخلي السائد بمثابة إحراج بسيط رفضته حملة علاقات عامة عدوانية بمساعدة العديد من الشركات الغربية ووسائل الإعلام العالمية وشركاء النظام. وقد لا يدوم هذا الموقف المريح بعد وفاة الملك، عندما يتولى ابنه العرش ويصبح رجل الرياض الخطير.

رابط التقرير:

https://www.middleeasteye.net/opinion/king-salmans-legacy-world-has-lost-faith-saudi-arabia