ميزانية السيسي بلا توظيف للعام الثالث.. “الخدمة المدنية” لإفقار الشعب

- ‎فيتقارير

كشفت مصادر اقتصادية مقربة من حكومة السيسي، عن أنه للعام الثالث على التوالي خلت موازنة مصر من بنود تتعلق بالتوظيف.

وأعلنت وزارة المالية بحكومة الانقلاب عن عدم إدراج أية اعتمادات مالية لتعيينات جديدة في الجهاز الإداري للدولة، ضمن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة، التي تبدأ في يوليو المقبل، والمرسل إلى مجلس النواب الانقلابي للتصديق عليه قبل نهاية يونيو، مشددة على حظر تعيين أية دفعات من الخريجين في أي مجال “إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتوفير التمويل اللازم من وزارة المالية”.

وقالت الوزارة، في منشور إعداد الموازنة، إنه “لا مجال لإجراء أية تعيينات في جهاز الدولة حتى يوليو 2021 على أدنى التقديرات، مع استثناء تكليف الأطباء والممرضين في المستشفيات العامة”، منوهة كذلك إلى “حظر التعيين على نظام التعاقدات على أي باب من أبواب الموازنة العامة، بغض النظر عن مصدر التمويل”.

وأشارت إلى حظر إجراء أية تعاقدات جديدة في الجهاز الإداري للدولة، في ضوء أحكام قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، ولائحته التنفيذية، عدا حالات الضرورة، حيث يجوز التعاقد مع ذوي الخبرات من التخصصات النادرة بموافقة رئيس مجلس الوزراء، ولمدة لا تجاوز ثلاث سنوات، بناءً على عرض من الوزير المختص، ومن دون الإخلال بالحد الأقصى للأجور.

ووفقا لمنشور الوزارة، فإن “ربط اقتراح التعيينات الجديدة بالاحتياجات الفعلية، سيكون وفقا لمقررات الوظيفية المعتمدة من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، شريطة أن يكون التعيين بقرار من رئيس الجمهورية، أو من يفوضه في ذلك”.

ولفت إلى “عدم تحمل الخزانة العامة أية مكافآت أو بدلات أو مزايا مالية أو عينية أو تأمينية، كانت تُمول من مصادر تمويل أخرى بخلاف الخزانة العامة”.

وتستهدف مصر تقليص أعداد العاملين في القطاع العام، لا سيما مع إحياء نظام السيسي برنامج الخصخصة، عبر طرح العشرات من الشركات في البورصة، وبيع الأراضي والأصول التابعة لها، في وقت فتحت فيه العديد من مؤسسات الدولة باب المعاش المبكر، في خطوة اعتبرها نقابيون بمثابة “تسريح طوعي” للعاملين، قبل الشروع في عمليات تسريح إلزامية واسعة النطاق تحت ذرائع عدة، لعل أبرزها “التحريات الأمنية” و”عدم اتقان وسائل التواصل الحديثة”.

وتعول الحكومة على اتباع آلية التقاعد المبكر الواردة في قانون الخدمة المدنية، مع حظر التعيينات الجديدة نهائيا، إلا في صورة عقود استشارية مؤقتة، أو في الجهات ذات الطابع الاستثنائي التابعة لرئاسة الجمهورية، وذلك بهدف التخلص من نحو مليوني موظف حاليا، حتى يصل الجهاز الحكومي إلى 3 ملايين و900 ألف موظف فقط بحلول العام المالي 2021-2022، حسب المُعلن من استراتيجية التنمية المستدامة (2030).

ويأتي التوجه لإقصاء الموظفين العاملين بقطاعات الدولة، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تضرب المصريين في ظل تعطل إنتاج وتراجع معدلات الانكماش بالاقتصاد المصري، وزيادة الديون وهروب نحو 11 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية؛ بسبب سياسات العسكرة التي تمارس في ظل الانقلاب العسكري.

البطالة

ومؤخرًا، أعلنت وزيرة تخطيط السيسي عن أرقام مغلوطة عن البطالة للضحك على الشباب المصريين العاطلين عن العمل بسبب الانهيار الاقتصادي والمجتمعي الذي يضرب مصر، فيما الشركات العسكرية تنهب أموال الشعب في مشاريعها الفنكوشية، التي تخفي تحت الرماد انهيار البنى التحتية، والاستعانة بالقروض لتنفيذ أية مشاريع تنموية بسيطة أو خدمية.

وقالت وزيرة التخطيط هالة السعيد: إن معدل البطالة قد انخفض إلى 8% في الربع الرابع من عام 2019، مقابل 8.9% في الربع المناظر من العام السابق.

وكان لافتًا صدور هذا البيان عن وزارة التخطيط؛ لأن الجهة المنوط بها إصدار بيانات حول رصد نسب البطالة هي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من ناحية، ولأن بيانات البطالة في الربع الرابع من العام 2019 صدرت بالفعل قبل أسبوعين من ناحية أخرى.

واعتبرت وزيرة التخطيط، التي أعادت إنتاج بيانات قديمة كما هو واضح، أن البطالة انخفضت في الفترة بين سبتمبر وديسمبر من العام الماضي، لأنها اختارت مقارنتها بنفس الفترة من عام 2018، في حين أن الأخبار التي نشرتها نفس وسائل الإعلام سابقًا- نقلًا عن بيانات «التعبئة العامة والإحصاء»- كانت تعتبر البطالة قد ارتفعت قياسًا للربع الثالث من 2019.

وشهد معدل البطالة ارتفاعًا في الربع الرابع إلى 8% قياسًا إلى الربع الثالث الذي بلغ فيه معدل البطالة 7.8%. وشهدت الفترة تطور حجم قوة العمل، والذي ارتفع بنحو مليون فرد وكذلك عدد المشتغلين الذي ارتفع بأكثر قليلًا من 900 ألف فرد.

أزمة كل بيت

وتتصاعد أزمة البطالة في مصر منذ الانقلاب الدموي، فى 3 يوليو 2013، وسياسات العسكر الاقتصادية التي تسببت فى إغلاق آلاف المصانع والشركات، وهروب المستثمرين الأجانب، وتراجع أعداد السياح، وتراجع الإنتاج في كل المجالات، بجانب اعتماد نظام الانقلاب على القروض والديون والمنح لتسيير أمور البلاد.

وفي الوقت الذى تتصاعد فيه أعداد العاطلين وتتضاءل فرص العمل، تلجأ حكومة الانقلاب إلى ما تسميه “منتديات التوظيف” كمجرد شو إعلامي لإيهام الشباب والخريجين بأنها تبذل جهودًا لتشغيلهم، على عكس الواقع الأليم الذى يكشف أن نظام العسكر يحارب الشباب و”يطفّش” الاستثمارات والشركات، وبالتالي لا تتوافر فرص العمل.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت نسبة البطالة 12.4% بما يعادل 3.6 مليون شخص، من إجمالي قوة العمل البالغة 29.1 مليون شخص.

وبلغت نسبة الشباب العاطلين عن العمل ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما نحو 79.1% من إجمالي العاطلين عن العمل، بينما بلغت النسبة من حملة الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها 88.4%.

وتؤكد تقارير دولية أن نسبة البطالة تصل إلى أكثر من ضعف المستويات المعلنة من جانب حكومة العسكر، مشيرة إلى أن بطالة الشباب لا تزال مرتفعة بمعدل يصل إلى 31,3%.

تسريح العمالة

من جانبه قال عبد المنعم الجمل، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورئيس النقابة العامة للبناء والأخشاب: إن حالة الركود التي تسيطر على الاقتصاد أدت إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع، ما دفع الكثير من الشركات في القطاع الخاص إلى تسريح عدد من العمالة لديها.

وأكد الجمل، في تصريحات صحفية، أن الظروف الحالية أدت إلى تفاقم البطالة، لا سيما بين خريجي الجامعات، موضحا أن هناك عدم تناسب في مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل

وأضاف أن السوق تفتقر كذلك إلى قاعدة بيانات بشأن المشروعات القائمة والمستقبلية واحتياجاتها من العمالة المتخصصة والخبرات والكوادر المطلوب توافرها لتحسين جودة الإنتاج، وهو ما يسهم إلى جانب قوانين الخدمة المدنية في ذبح الشباب المصري بدم بارد.