نفط بلا مشترين وخزائن فارغة.. السعودية تدفع ثمن تخبط “ابن سلمان”

- ‎فيتقارير

صرح وزير المالية السعودي بأن خفض صادرات النفط سيكون له تأثير على الناتج المحلى. هذا وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السعودية باتت تلجأ إلى تخزين الكثير من إنتاجها النفطي فى البحر؛ وذلك لنضوب الطلب جراء إغراق السعودية بالنفط الخام خلال حربها النفطية ضد روسيا.

إلى أي حد تؤثر حرب الأسعار التي شنتها السعودية على روسيا أوائل مارس الماضي فى الاضطراب الراهن فى أسوق النفط العالمية؟ وكيف سيؤثر التراجع الراهن فى أسعار النفط  على السعودية داخليا وعلى علاقاتها الدولية؟

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان: إنه يتوقع نموًا سلبيًا للقطاع الخاص غير النفطي هذا العام للمرة الأولى في بلاده، وأضاف أن خفض صادرات النفط سيكون له تأثير على الناتج المحلى الإجمالي للملكة.

كما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن السعودية لم يعد أمامها سبيل سوى اللجوء إلى تخزين الكثير من نفطها فى البحر، بعد أن تسببت حرب أسعار النفط التى تشنها ضد روسيا فى إغراق السوق بالنفط الخام، بالإضافة إلى النقص الحاد فى الطلب وصعوبة الحصول على مشترين فى ظل انتشار فيروس كورونا.

ونقلت الصحيفة عن مسئولين سعوديين قولهم: إن ناقلة واحدة من أصل عشر ناقلات نفط فى العالم تُستخدم كمرفق عائم لتخزين النفط، وقالت الصحيفة إن البيانات الواردة من موقع تتبع الشحن "فليت مون" أظهرت وجود أربع ناقلات سعودية عملاقة على الأقل محملة بالنفط الخام غادرت المملكة أواخر مارس إزار الماضي، ولا تزال عالقة فى البحر منذ أوائل أبريل على سواحل مصر وسنغافورا وماليزيا دون وجهة نهائية.

في السياق نفسه، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسئول بارز فى شركة أرمكو، أن السعودية ستضطر إلى إغلاق بعض خطوط النفط فى حقل الغوار وغيره من الحقول لعدم وجود مشترين للنفط .

وأضافت الصحيفة أن السعودية ومنتجين آخرين فى منظمة أوبك يدرسون مقترحا لخفض إنتاج النفط فورا، وعدم الانتظار إلى مايو المقبل، إلى حين يبدأ العمل بالاتفاق الذي أجمعت عليه دول أوبك بلس.

ونقلت الصحيفة عن مسئول سعودي، أن المملكة يجب أن تقوم بأى إجراء من شأنه وقف نزيف الأسعار، لكن المسئول السعودي عبّر عن خشيته أن الوقت ربما أصبح متأخرا.

وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت، في وقت سابق، أنها تراقب أوضاع سوق النفط، وأنها على استعداد لاتخاذ تدابير إضافية بالتعاون مع دول منظمة أوبك وغيرها من الدول المنتجة لوقف انهيار الأسعار.

تخبط وسلطة استبدادية 

بدوره رأى الدكتور محمد المختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية في جامعة حمد بن خليفة، أن السعودية خسرت حرب النفط مع روسيا، بل وتسببت في خسارة الكثير من منتجي النفط، مضيفا أن الدول المنتجة للنفط دفعت ثمن تخبط السعودية التي تدفع بدورها ثمن تخبط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وقال الشنقيطي، في مداخلة لبرنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة: إن السعودية حولت الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كورونا إلى كارثة، خاصة في ظل توقعات الخبراء الاقتصاديين بانخفاض الطلب على النفط بسبب كورونا.

من جانبه رأى يحيى عسيري، الناشط الحقوقي السعودي، أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السعودية ناتجة عن حكم الفرد الواحد وليس دولة المؤسسات، مضيفا أن تصريحات وزير المالية السعودية تؤكد دخول البلاد في أزمة حقيقية يمكن أن يطول أمدها.

وأضاف أن السلطة الاستبدادية تتخذ قراراتها منفردة دون الاستعانة برأى المؤسسات المتخصصة، ما يوقعها في أخطاء كبيرة، مضيفا أنه في السعودية لا يستطيع المواطنون أن يعبروا عن رأيهم عبر صناديق الاقتراع ولا البرلمانات المنتخبة، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني.

ابن سلمان في مأزق

وقال موقع "أرابيان بيزنس" الاقتصادي، في تقرير له، إن الانهيار في أسواق النفط سيعيد عقارب الساعة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية إلى الوراء، مما يعرضها لأكبر تراجع منذ عقدين من الزمن.

وتستعد أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم لتأثير ثان من جراء النفط وتخفيضات الإنتاج غير المسبوقة التي تفاوضت عليها أوبك وحلفاؤها. وكلاهما سوف يخفض الإيرادات الحكومية، وبالتالي يعرقل الانتعاش الاقتصادي الهش، بعد أن تم تداول خام برنت عند أقل من 19 دولارًا للبرميل يوم الثلاثاء- ربع المستوى الذي تحتاجه المملكة العربية السعودية لتحقيق التوازن في ميزانيتها- مما يترك للمسئولين خيارات محدودة لتعويض التأثير الاقتصادي دون إلحاق الضرر بالمالية العامة.

وقالت مونيكا مالك، كبير الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري: "لقد غير هذا كل شيء.. استند الكثير من الانتعاش الأخير إلى حقيقة أن سعر النفط كان أعلى من 50-60 دولارا، مما يوفر الدعم للنشاط الاقتصادي، وهذا قد تم القضاء عليه للتو".

ويضع انهيار أسعار النفط ولي العهد محمد بن سلمان في موقف حرج، بعد أن أعلن عن خطة رئيسية للتحول الاقتصادي، واتخذ إجراءات لتطوير قطاعات جديدة مثل الترفيه ورفع الإيرادات غير النفطية بالضرائب والرسوم، إلا أن الاقتصاد لا يزال يعتمد على النفط الخام، وتهدد صدمة الأسعار العديد من مكاسب الحكومة، مما يجعل من الصعب تمويل المشاريع والاستثمارات، في حين كان من المفترض أن يأتي أكثر من 60% من الإيرادات هذا العام من النفط.