هل تنجح المحاولات العربية في “ترميم تمثال بشار”؟

- ‎فيتقارير

أثارت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى العاصمة السورية دمشق، العديد من التساؤلات حول مغزى تلك الزيارة؟ وما إذا كانت تمثل بداية لتعامل عربي رسمي بشكل طبيعي مع بشار الأسد رغم جرائمة بحق السوريين؟ وهل سيقبل السوريون باستمرار بشار في الحكم؟

البداية كانت بإجراء الرئيس السوداني عمر حسن البشير زيارة خاطفة إلى العاصمة السورية دمشق، التقى خلالها بشار الأسد في المطار وفي قصر الشعب، وذكر الحساب الرسمي للرئاسة السورية على فيسبوك، أن “الاسد والبشير أكدا أن ما يحصل في المنطقة وخاصة في الدول العربية يؤكد ضرورة الوقوف في وجه ما يتم رسمه من مخططات تتعارض مع مصالح دول المنطقة”.

زيارة البشير تزامنت مع تصريحات وزير الخارجية التركي مولود أوغلو، أنه في حال جرت انتخابات ديمقراطية ونزيهة في سوريا وفاز بها بشار الأسد، فإنه قد يكون على الجميع النظر في العمل معه، وقال أوغلو، خلال كلمة على هامش “منتدى الدوحة” الـ18: “ينبغي أولا إجراء انتخابات في سوريا، وإذا كانت الانتخابات ديمقراطية وإذا كانت ذات مصداقية، وفاز بها، فإن على الجميع دراسة العمل معه”، مؤكدا ضرورة إجراء انتخابات في سوريا، تحت مظلة الأمم المتحدة، تتسم بالشفافية والديمقراطية.

دور دميستورا المشبوه

ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة تأتي بالتزامن مع جهود دولية للقضاء نهائيًا على طموحات السوريين في وطن خال من “عائلة الأسد” التي أرتكبت أبشع الجرائم بحق المواطنين طوال العقود الماضية، مشيرين إلى قيام الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا، جهودا كبيرة في هذا الشأن، مشيرين إلى دوره المنحاز النظام بشار، وإلى مساعيه لحصر مطالب الثوار في لجنة لتعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية، رغم استحالة إجراء استفتاء او انتخابات رئاسية نزيهه تحت حكم بشار.

هذه الرؤية كشف عن دميستورا خلال زيارته الاخيرة الي الاردن ، والتي أعلن فيها أن “صفحة ستطوى بسبب تغير الوضع على الارض وعلى الصعيد السياسي”، وأضاف :”من أجل تحقيق ما نطمح اليه جميعا، وهو الاستقرار في سوريا، هناك حاجة إلى بداية موثوقة لعملية سياسية ذات صدقية، فما زلنا نعمل كل يوم للتأكد من امكان إعلان شيء يتعلق بلجنة الدستور”.

روسيا والجامعة العربية

ولاتقتصر محاولة إجهاض الثورة السورية وإعادة الأسد إلى المشهد العربي والدولي – كرئيس لسوريا – علي دميستورا، بل شمل أيضا روسيا، التي لم تكتف بدورها في الدعم العسكري والدبلوماسي بالأمم المتحدة ومجلس الأمن لنظام الأسد، بل شمل أيضًا إعطاء توجيهات للدول العربية بضرورة إعادة سوريا الأسد إلى الجامعة العربية، حيث دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، نهاية الشهر الماضي، إلى إعادة سوريا عضوًا في جامعة الدول العربية، معتبرًا أن سحب مقعدها من المنظمة “خطأ فادح”.

وقال لافروف: إن “الدول العربية يمكن أن تلعب دورا مهما جدا في دعم جهود التسوية لسوريا، وأعتقد أن سحب تلك المنظمة لعضوية سوريا كان خطأ كبيرا، ويبدو أن العالم العربي بات يعي الآن أهمية إعادة سوريا إلى أسرة الدول العربية”، مضيفا: “العمل على تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري الجديد، التي أطلقتها الدول الضامنة لمسار أستانا حول تسوية سوريا، أوشك على النهاية”.

وتأتي التطورات الاخيرة عقب تمكن بشار بدعم من روسيا وميليشيات إيران وحزب الله في إعادة فتح المعابر السورية مع الجوار، واستعادة العديد من المناطق التي فقدها خلال السنوات الماضية من خلال تكثيف قصفها ومحاصرتها وارتكاب ابشع المجازر بحق سكانها؛ حيث استطاعت روسيا منذ تدخلها المباشر في سوريا بالعام 2015 في قلب موازين القوى لصالح بشار، بعد أن كان على شفى الانهيار رغم الدعم الإيراني الكبير الذي كان يتلقاه حينها.

السيسي وبن سلمان

واتضح مؤخرًا أن هناك قبولاً سعوديًا ضمنيًا ببقاء الأسد في الحكم، وهو ما ظهر من لقاء وفد روسي بولي العهد السعوي محمد بن سلمان؛ حيث يعتقد أن الوفد الروسي طرح على المسئولين في المملكة العربية السعودية مسألة عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة الذي تم تجميده في العام 2012 على وقع اتهام النظام بارتكاب انتهاكات وتجاوزات بحق المتظاهرين ضد حكمه، وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن المحادثات بين الوفد الروسي محمد بن سلمان شملت قضايا الشرق الأوسط بوجه عام وشمال إفريقيا لكنها ركزت بشكل خاص على سوريا.

أما بالنسبة لموقف نظام الانقلاب في مصر، فهو لم يتغير منذ اللحظات الاولي للانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013؛ حيث أعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي العداء للثورة السورية وساند بشار سياسيا وعسكريا وإعلاميا؛ خوفًا من نجاح الثورة السورية وما قد يكون لذلك من انعكاسات سلبية علي انقلابه.