هل تنفذ أمريكا تهديدها وتمنع المعونات عن السيسي بعد تسلمه طائرات سوخوي الروسية؟

- ‎فيتقارير

من المتوقع أن تستقبل القوات المسلحة المصرية 5 مقاتلات جوية روسية من أحدث طراز سوخوي 35، في أول عملية مصرية لشراء طائرات من هذا النوع، بحسب ما نقله موقع روسيا اليوم عن مصادر عسكرية لم يذكر أسماءها.
حيث أكدت المصادر الروسية ظهور صور للطائرات المقاتلة في طريقها إلى مصر عبر الجزء الأوروبي من روسيا.

وكانت مصر قد وقّعت في مارس 2019 اتفاقية لشراء 20 مقاتلة من طراز سوخوي 35 بقيمة ملياري دولار، وهو ما قد يترتب عليه توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، إذ سبق أن هدد مسئولون أمريكيون في نوفمبر الماضي بفرض عقوبات على مصر لو استمرت في عملية الشراء.
ولم يصدر رد فعل أمريكي حتى الآن على تحدي السيسي لهم وشرائه الطائرات الروسية رغم التهديد بقطع المعونات، فهل السبب هو العلاقات الحميمية بين ترامب والسيسي حيث يعتبره ترامب "ديكتاتوره المفضل" لأنه يلبي مصالح الكيان الصهيوني وأمريكا؟ أم أن التحدي التركي لأمريكا بشراء صواريخ روسية متقدمة وربما أيضا طائرات سوخوي 35 شجع السيسي على تحدي أمريكا باعتبار أنها لن تعاقبه كحليف لها ولأنها ستضطر لفعل الشيء نفسه مع تركيا.
وكانت "بوابة الدفاع المصرية"، القريبة من الجيش المصري، قالت إنه "من المستبعد أن تفرض واشنطن على القاهرة أية عقوبات، نظراً للمصالح الاستراتيجية التي تربطهما معاً، التي يأتي على رأسها الدور المصري في استقرار الإقليم وحفظ السلام والأمن ومكافحة الإرهاب ومعالجة النزاعات وتامين حركة الملاحة في البحر الأحمر وشرق وجنوب البحر المتوسط .. إلخ".

قصة "سوخوي 35"
وبدأ الحديث عن شراء مصر طائرات حديثة بدل طائراتها التي تنتمي للجيل الثالث والرابع من الأسلحة، حين وقّع عبد الفتاح السيسي، إبان توليه مسئولية وزارة الدفاع في عهد الرئيس محمد مرسي، اتفاقية لاستيراد أسلحة روسية أثناء زيارته موسكو، في فبراير 2014، بقيمة 3.5 مليار دولار، استكملها خلال زيارته إلى موسكو في أغسطس 2015، وكان الحديث يدور عن شراء 12 مقاتلة من طراز مقاتلات سوخوي، وهي من (الجيل الرابع) الشهيرة باسم مقاتلة السيادة الجوية الحديثة، "سو 30 كا".
ويوم 18 مارس 2019، كشفت صحيفة "إنترفاكس" الروسية، وخبراء عسكريين مصريين أن القوات الجوية المصرية تعاقدت على 24 مقاتلة جوية روسية الصنع من طراز Su-35 بصفقة تقدر قيمتها بحوالي 2 مليار دولار شاملة المقاتلات وباقي التجهيزات الخاصة بها.

وتعد روسيا إحدى أكبر موردي الأسلحة لمصر، التي احتلت المركز الثالث عالميا في استيراد الأسلحة، وفقا لإحصائية معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ونقلت الصحيفة الروسية عن صحيفة "كوميرسانت Kommersant"  قول اثنين من كبار مديري شركات الصناعات الدفاعية الروسية بأن القوات الجوية المصرية تعاقدت بالفعل على 24 مقاتلة "سوخوي Sukhoi"  من الطراز "Su 35"، وأن الصفقة دخلت حيز التنفيذ في نهاية عام 2018، ومن الممكن أن يتم البدء في تسليم المقاتلات خلال الفترة " 2020-2021".
وبذلك تنضم تلك المقاتلة لغيرها من الأسلحة روسية الصنع بترسانة القوات المسلحة المصرية من مقاتلات MiG-29M الاعتراضية متعددة المهام، ومروحيات Ka-52 Alligator الهجومية، ومنظومات الدفاع الجوي S-300VM بعيدة المدى وBuk-M2E متوسطة المدى وTor-M2E قصيرة المدى، ورادارات الإنذار المبكر ثلاثية الأبعاد Protivnik-GE بعيدة المدى، وغيرها.

وقد أثار إعلان القاهرة وموسكو عزم مصر شراء المقاتلة الروسية سو-35، وهي من الجيل الرابع (الجيل 4 ++ فائقة الحداثة)، أزمة بين القاهرة وواشنطن المزود الرئيسي لمصر بالسلاح والمعونة العسكرية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على مصر حال شرائها مقاتلات روسية من "طراز سوخوي سو-35" وذلك على هامش جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي المختصة بميزانية العام 2020.

بيد أن خبراء روس، بينهم المصمم السابق لشركة "سوخوي" الروسية فاديم لوكاشيفيتش، قللوا في تصريحات لصحيفة "كومسومولسكايا برافدا" من التهديدات الأمريكية لمصر بشأن العقوبات عليها، ورجحوا استمرار الصفقة، وأن "مصر ستقاتل من أجل هذه الصفقة" وتحدث خبراء عسكريون عن أن الأمر نتاج صراع ومنافسة روسية أمريكية علا بيع السلاح، وانخفاض سعر سو-35 مقارنة بغيرها الأمريكية إف 35، التي لا تبيعها أمريكا للقاهرة أيضا وباعتها للكيان الصهيوني لضمان تفوقها العسكري.
وعزز هذا تأكيد موقع "ديفنس وان" أن المقاتلة إف-35 "أغلى طائرة في التاريخ" فسعرها في أول لوت كان 340 مليون دولار، وزعمت روسيا أن مقاتلة صهيونية إف-35 أصيبت في غارة على سوريا، وأن الهدف هو ترويج روسيا لمنافستها، سوخوي سو-57، بسعر 100 مليون دولار، ولهذا انخفض سعر الإف-35 من 340 إلى 95 مليون دولار.

ومع هذا حذر معهد "ستراتفور" الأمريكي للدراسات الأمنية والسياسية من أن اتفاق صفقة "سوخوي 35" قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، إذ هددت الأخيرة بفرض عقوبات على الدول المتعاملة مع شركات الأسلحة الروسية.
ولم يمض شهر واحد على تحذير معهد "ستراتفور"، حتى انقلب الاحتفاء بالسيسي في واشنطن خلال زيارته الأخيرة، إبريل 2019، إلى تهديدات وتحذيرات وانتقادات ووجد نفسه إزاء أزمة جديدة في ملفات خارجية حساسة، لأن الصفقة اعادت طرح تساؤلات حول أفق العلاقات المصرية الأمريكية ودور صفقات السلاح المصرية في هندسة طبيعة العلاقات العسكرية المصرية مع روسيا وأمريكا.

فالهدف الرئيسي من وراء المعونة العسكرية الأمريكية التي تقررت لمصر عقب اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني عام 1979، كان ربط العسكرية المصرية بالأهداف الأمريكية، بينما صفقات السلاح المصرية الأخيرة مع روسيا تطرح تساؤلات حول تعارض هذه الصفقات مع "العقيدة العسكرية" التي تسعى واشنطن لدفع الجيش المصري لاتباعها، إضافة لأسباب تتعلق بسعي واشنطن للتفوق الكمي والنوعي للكيان على مصر ودول المنطقة.
وقد أعرب أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم إزاء التقارب المصري الروسي وصفقة شراء مصر 24 طائرة سوخوي 35، وحثوا في رسالتهم "بومبيو" على الطلب من السيسي إعادة النظر بقراراته ذات الصلة.

أهداف الصفقة الروسية
أثار خبر تعاقد مصر على الطائرات الروسية الجديدة التي تنافس طائرة الشبح الأمريكية إف-35 التي حصلت عليها تل أبيب تساؤلات حول الهدف من هذه الصفقة المهمة منها:
1- هل جاءت الصفقة الروسية لتعويض فشل صفقة "الرفال" الفرنسية في حماية الأجواء المصرية خاصة أن "الرافال" من الجيل الرابع القديم، والصفقة الفرنسية ظهرت بها مشكلات تتعلق بعدم تزويدها بصواريخ تُصنع أجزاء منها في أمريكا (جرى حل المشكلة مؤخرا وتسلمت القاهرة الصواريخ كروز ستورم شادو SCALP-EG)، ومن يتحمل تكاليف هذه الصفقة الفرنسية لو ثبت أنها بلا جدوى عسكرية؟
2- هل الصفقة الروسية تستهدف معادلة التوازن العسكري مع الكيان الصهيوني الذي تسلم بالفعل طائرات الشبح الأمريكية المتطورة إف 35 من الجيل الخامس الأحداث ودخلت الخدمة ما يعني تفوقها على القوات الجوية المصرية، برغم أن طائرات سو 35 من الجيل الرابع المحُسن؟
3- هل الصفقة الجديدة جزء من محاولات القاهرة تحسين العلاقات العسكرية مع موسكو (ولاستئناف السياحة الروسية المتوقفة)، والضغط على واشنطن التي بدأت تطالب مصر بتوجيه المعونة العسكرية الأمريكية السنوية (1.1 مليار دولار) لشراء أسلحة تكتيكية غير ثقيلة، ضمن عملية تغيير "عقيدة الجيش المصري" من "الحروب الكبيرة" إلى "حروب صغيرة لمواجهة الإرهاب"؟
4- هل ترغب القوات الجوية المصرية في ذراع طولي إضافية تزيد من قدراتها الهجومية بعيدة المدى؟ علما أن هذا مستوى يُثير قلق جهات دولية عدة، ويطرح تساؤلات حول الجهة أو الأهداف بعيدة المدى التي تستهدفها مصر؟!.

لماذا يشتري السيسي أسلحة الجيل الرابع لا الخامس؟
وجهت انتقادات داخلية وخارجية لصفقات السلاح الفرنسية والروسية التي أبرمها عبد الفتاح السيسي لأنها تضمنت أسلحة من الجيل الرابع، في حين تشتري الكيان الصهيوني طائرات الجيل الخامس إف 35، وتساءلوا لماذا لا يشتري سوخوي 57 وهي من الجيل الخامس؟!
وقيل في أسباب النقد إن طائرة رافال الفرنسية التي اشترتها مصر تنتمي للجيل الرابع من الطائرات، بينما تعتبر "إف-35" الأمريكية ثاني طائرات الجيل الخامس الأمريكية، ويبلغ سعر طائرة رافال 90 مليون دولار أمريكي، بينما سعر إف 35 كان يبلغ 110 مليون دولار أمريكي حينئذ وانخفض حاليا إلى 95 مليون فقط.

واشترت وزارة الدفاع الصهيونية 50 طائرة من طراز إف 35 "أدير" من نوع ‏A، من الجيل الخامس والمتقدم، هبطت 12 طائرات منها حتى الآن في الكيان الصهيوني، وحتى عام 2021 سيحصل سلاح الجو الصهيوني على 33 طائرة بموجب الاتفاقيتين السابقتين، بحيث يستكمل وصولها في 2024.
ووصفت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، 25 يناير 2018، حصول الكيان الصهيوني على مقاتلات الجيل الخامس "إف 35" بأن "من شأنه تغيير قواعد التوازن العسكري في منطقة الشرق الأوسط"، مضيفة أن "إسرائيل ستظل تمتلك أكثر الطائرات المقاتلة تقدمًا في المنطقة لسنوات عديدة مقبلة".

وأهمية طائرات "إف-35" وفق المجلة الأمريكية أنها تتفوق على أحدث الطائرات الروسية "ميج وسوخوي"، وأنها قادرة على تفادي رادارات المنطقة، ما يعني قدرة الكيان الصهيوني على توجيه ضربات ضد مصر وأي دولة عربية أو حتى إيران دون قدرة رادارات هذه الدول على اكتشافها أو الاشتباك معها بسبب تفوق هذه الطائرة على الطائرات المصرية والعربية.

وتسعى روسيا لمنافسة إف 35 الأمريكية، عبر طائرتها "ميج 35" التي تزود الطيار بإحداثيات لتدمير مدى كبير، ولديها القدرة على قصف 8 أهداف في توقيت واحد، بيد أنها لم تبِع لمصر الطرازات الأحداث منها وإنما سوخوي 35 الأقل كفاءة منها.
وتنتمي طائرة رافال الفرنسية للجيل الرابع من الطائرات، وطائرات سو 35 إلى الجيل الوسط بين الرابع والخامس، بينما تعتبر "إف-35" الأمريكية ثاني طائرات الجيل الخامس الأمريكية.