هل سينتهي الإرهاب من مصر بعد القبض على “هشام عشماوي”

- ‎فيتقارير

“القبض على أخطر إرهابي يهدد مصر.. نعم يهدد مصر التي تمتلك حاملات طائرات وصواريخ أرض جو وأسطول بحري وجوي وأسراب من المقاتلات”! كان ذلك أهم ما تناولته وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب منذ إعلان القبض على الضابط السابق بالجيش المصري هشام عشماوي.

وأظهرت صور لهشام عشماوي، الذي ألقي القبض عليه بمدينة درنة الليبية اليوم، وتوضح قيام اللواء أحمد سالم أحد القيادات البارزة بالجيش الليبي للإرهابي وهو يستجوب هشام عشماوي، كما أظهرت الصور كارنيه الجيش الخاص بعشماوي الذي يحمله منذ أن كان يخدم بالجيش المصري، كما يظهر عشماوي وهو يجلس على الأرض أمام القيادات الليبية إضافة إلى تلقيه العلاج خلال الاستجواب.

انتصار السيسي

ونصب العسكر خيام النصر، وقال خالد الزعفراني، الذي يسبق اسمه مصطلح “خبير الحركات الإسلامية” إن القبض على هشام عشماوي يمثل ضربة قاضية للإرهاب، مضيفا: “انتصار كبير جدا لرجال الأمن في مصر وليبيا؛ لأن هشام أخطر إرهابي على أمن مصر موجود الآن وكان يمثل مشكلة كبيرة”.

 

 

في حين قال العقيد مصطفى أحمد، الخبير العسكري، ضربة القبض على عشماوي نموذج للقضاء على بؤر الإرهاب في مصر وخارجها.

وتابع: تجفيف المنابع كان من خلال إلقاء القبض على “عشماوي” ورفاقه الذين سيسقطون تباعا على يد الحلفاء وجيش مصر” وفق رأيه.

الحرب على الإرهاب

ومنذ وصول المنقلب عبد الفتاح السيسى، لم تكن على شفتيه سوى تعبير الحرب على الإرهاب، حيث خصص لهذه الحرب مليارات الجنيهات والعتاد والقوات لحرب مجموعات مسلحة، سقط خلال تلك الحرب العشرات من جنود مصر الأبرياء، والمئات من أهالى سيناء الأبرياء كذلك، فضلا عن تهجير آلاف الأسر وتدمير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.

هلل الإعلام للحملة وسخرت لها إمكانات الدولة، وكان على رأسها الجيش بكل أسلحته والإعلام بكل أذرعه وخرج على الناس من يبشر أهل سيناء بالفرج القريب ويطالبهم بالصبر لمدة ثلاثة أشهر، على أن يأتي بعدها الفرج، وأطلقت يد القيادة العسكرية في سيناء ونٌحِي القانون جانبا وإلى جوار القانون نٌحِي المنطق والعقل أحيانا، والإنسانية أحياننا كثيرة وتم تعطيل الحياة بشكل كامل وألغي العام الدراسي وتم منع الدخول والخروج من المحافظة إلا بتنسيق أمني ولأعداد بسيطة جدا وفرض حصار على دخول البضائع مما جعل المجاعة في مرمى البصر، وأصبحت أزمة الاحتياجات اليومية حديث البيوت.

إطالة الوقت

وفي محاولة لإطالة أمد الحرب؛ قال اللواء جمال أبو ذكري مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن عملية القضاء على العناصر الإرهابية بشمال ووسط سيناء ومناطق أخرى بدلتا مصر التي تقوم بها الشرطة والقوات المسلحة ستستمر لتنفيذًا إستراتيجية القضاء على الإرهاب. لافتا إلى أن قرار رفع حالة التأهب في هذا التوقيت ليس مرتبطا بأي أحداث لأن مصر في السنوات الأخيرة تحارب موجات عارمة من الإرهاب وحققت معدلات ناجحة في التصدي له والقضاء عليه.

كارثة سيناء

في نوفمبر 2017، أمر السفاح عبد الفتاح السيسي، باستعادة الأمن في سيناء خلال ثلاثة أشهر، وبدلًا من الالتزام بالموعد أطلق الجيش المصري حملة “سيناء 2018″ التي وصفها بالأشمل والأكبر، والمفتوحة الأمد حتى تحقق أهدافها. تسببت الحملة العسكرية الأخيرة في أزمة غير مسبوقة طالت كل أهالي شمال سيناء وعرضتهم لخسائر باهظة وشلل تام لحياتهم اليومية، وبالرغم من حجم المعاناة، لم تحقق الحملة ما يمكن به تبرير السياسات القمعية المستمرة لليوم بعد سبعة أشهر من المدة الزمنية التي حددها السيسي.

كما تسببت قرارات الدولة المفاجئة في حالة من الذعر بين مئات الألوف من مواطني شمال سيناء، وكان رد الفعل الطبيعي أن سعى أهالي سيناء لتخزين مستلزمات الحياة بعد قرارات إغلاق الطرق ومنع التنقل. وفي أقل من يومين، ضربت حالة من الفوضى أسواق المدن التي كانت تعاني بالفعل من تبعيات أربع سنين من العمليات العسكرية والسياسات الأمنية المشددة.

وشهدت شهور الحملة إفشاء أمور حاول النظام المصري إخفاءها على مرِّ سنوات واعتبرها الكثيرون فضائح مدوية تطال سمعة المؤسسة العسكرية المصرية، كان أكبرها الكشف عن سماح السيسي للقوات الجوية الإسرائيلية بتنفيذ ضربات في سيناء، والسماح للقوات الإماراتية بتنفيذ عمليات على الأرض، وبين هذا وذاك، تتواتر أنباء شبه مؤكدة عن اقتراب بداية تنفيذ ما يسمى بـ”صفقة القرن” على الأراضي التي أصر الجيش المصري على إخلائها من البشر والشجر بحجة الحرب على الإرهاب.

إنجاز ضئيل وفضائح مدوية

قبل أن تنتهي مهلة الثلاثة أشهر التي حددها السيسي وقبل بداية عملية “سيناء 2018” بأيام قليلة، فجرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية فضيحة عن تعاون عسكري مصري-إسرائيلي مستمر منذ قرابة العامين، سمح خلالهما النظام المصري لسلاح الطيران الإسرائيلي بتنفيذ أكثر من مئة ضربة جوية في شبه جزيرة سيناء.

ولأكثر من عامين، قامت طائرات إسرائيلية بدون طيار، ومروحيات ومقاتلات لا تحمل شارات بتنفيذ أكثر من مئة ضربة جوية داخل مصر، وفي أحيان كثيرة كانت تقوم بأكثر من ضربة في الأسبوع الواحد، كل هذا بموافقة من السيسي.

صفقة القرن

بينما يسارع الجيش المصري في تهجير المدنيين وتدمير كل معالم الحياة في مدينة رفح الحدودية وبعمق خمسة كيلومترات داخل الأراضي المصرية، ويقوم ببناء سياج عازل بطول عشرات الكيلومترات ليقتطع به مئات من الأفدنة المطلة على قطاع غزة، خرجت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتقرير تفصيلي عن أمل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في أن تستثمر دول الخليج -وعلى رأسها السعودية والإمارات- مبلغ مليار دولار لدعم اقتصاد غزة عبر مشاريع بنية تحتية كبرى من بينها ميناء بحري ومحطة كهرباء وأخرى لتحلية المياه. لكن هذه المشاريع، حسب التقرير، لن تكون في قطاع غزة ولكنها ستقام وتعمل بكامل طاقتها في شمال سيناء، وتحديدًا في المنطقة التي هجَّر الجيش المصري سكانها ودمرها عن بكرة أبيها بحجة الحرب على الإرهاب.

هل ينتهي الإرهاب؟

وبالتوازي مع هذه الإجراءات استمرت عمليات “ولاية سيناء” باستهداف معسكرات للجيش وكمائن الشرطة وبزرع العبوات الناسفة والقنص وانتقلت العمليات من رفح إلى قلب مدينة العريش إلى وسط سيناء وبمعدلات ليست أقل بكثير عنها قبل العملية الغاشمة ولتكون الحملة برمتها في موضع تساؤلات ماذا أضافت، ومتى تنتهي.

واليوم، وبعد القبض على هشام عشماوى، وبعد سنوات من العمل العسكري، وبرغم بيانات المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية التى لا تترك مجالًا للاختلاف أو النقاش، كونها البيانات الرسمية أصبحت المصدر الأكبر للشكوك التي تحوط الرواية الرسمية لنظام السيسي،هل تقف أذرع الإرهاب الأسود من على رقاب المصريين فى سيناء، أم سينسج العسكر روايات أخرى جديدة إستكمالا لما بدأه السيسى فى أولى خطوات انقلابه وهو” تفويض للحرب على الإرهاب المحتمل”.