وباء الكوليرا وزلزال 92 أظهر وطنية الجماعة .. ماذا فقدت مصر بغياب “الإخوان”؟

- ‎فيتقارير

من رسائل الإنصاف التي سجلها التاريخ للإخوان المسلمين، تبرز من خلالها مواقف الجماعة في التعاضد مع الشعب في أزمتنا الحالية مع وباء كورونا وفرض حظر التجوال المترتب عليه، من خلال الأحداث المشابهة التي مرت على مصر، وتنكشف لمن لديه وعي كيف تم حرمان الشعب من طاقات أفرادها بالقتل والاعتقال والمطاردات.

فرغم الخلاف مع الانقلاب وحكومته، إلا أن الإخوان طالبوا بحظر التجوال منذ البداية على كل المستويات، ورفضوا التجمعات، وانصاعوا للضوابط الصحية وطالبوا بتعميمها.

وفرضت حكومة الانقلاب، أمس، فرض حظر التجوال في جميع أنحاء البلاد من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا لمدة أسبوعين، بما يتضمنه ذلك من وقف عمل وسائل النقل الجماعي والتحرك بين المحافظات خلال فترة الحظر، وإغلاق كافة المحال التجارية يوميا من خمسة مساء إلى السادسة صباحا، والإغلاق الكامل يومي الجمعة والسبت باستثناء المخابز والصيدليات والبقالة، وإغلاق جميع المقاهي والكافيهات لمدة أسبوعين باستثناء توصيل الطلبات للمنازل من المطاعم، وغلق النوادي الرياضية ومراكز الشباب بكافة أنحاء الجمهورية، وتعليق الدراسة ١٥ يوما أخرى، وتطبيق عقوبات قانون الطوارئ على المخالفين.

ولكن ذلك لا ينفي اتهامها لحكومة الانقلاب بالتقصير، وهو ما تناولته بوابة الحرية والعدالة من خلال معالجاتها الصحفية بالتقارير والملفات والصور والإنفوجرافات.

دور تطوعي

ودور الإخوان التطوعي كان ناصعا وبارزا ومنظما تفتقده مصر اليوم، وكثرت المنشورات التي تدعو إلى إعادة الإخوان وإخلاء سبيلهم والإفراج عنهم ليباشروا دورهم، وبحسب المراقبين فإن “الجماعة تعتبر دورها قربى إلى ربها، وفي المقابل فإن الحكومات المتتالية اعتبرت هذه الأدوار بركة من الله لها في التخفيف من حدة الاحتقان، وتأخير هبتها طالما حافظت هذه المؤسسات على منسوب الرضا الكافي لكفالتها له ولعشرات من الملايين”.

وأكد المراقبون أن “دور الوعي الذي يفتقده المواطن سيكون هو الدور الذي سيتكفل به الإخوان، لا سيما وأن البعض لاحظ أن المواطن المصري عديم الاهتمام اللائق بجائحة كورونا ناتج عن تحمله لأعباء نفسه منذ عقود، وليس من السهل أن يجلس في بيته إلا إذا كان ذلك من خلال القبضة الحديدية للدولة على مجريات الأمور”.

حقيقة الإخوان

وتحت عنوان “حقيقة الإخوان” كتب أحد محبي الإخوان: “انتو متخيلين لو الإخوان موجودين كانوا حيبقوا فين دلوقتي.. قسما بالله ما كان في شاب ولا راجل كبير حيقعد في بيته، كان زمانهم بيطهروا الشوارع والبيوت من مالهم الخاص وبدون أمر من حد.. والكل عارف يعني ايه إخوان.. الإخوان اللي كانوا بينزلو حملات التطعيم يلفوا على عمارة عمارة وشقة شقة يطعموا الأطفال.. الإخوان اللي كانوا في عز المطر بينظفوا الشوارع عشان يفرشلكم الأرض لصلاة العيد.. الإخوان اللي كانوا في عز الليل بينزلوا جري علشان يوفروا للناس أكياس الدم.. الإخوان اللى كانوا فى الشوارع مع الأسر المنكوبة فى أيام الزلزال.. الإخوان اللى كانوا بيوزعوا البطانيات أيام سقوط صخرة الدويقة وباتوا مع الأهالى.. اللهم بارك فى الإخوان وفى أبناء الإخوان وزوجات الإخوان، واكشف عنهم الغمة وأعدهم لبيوتهم سالمين غانمين يا رب”.

زلزال الساعة 3

وفي يوم الاثنين 12 أكتوبر 1992، ظهرت حقيقة الإخوان المسلمين، كما يقول منشور آخر: “بعدما دمر الزلزال أركان الدولة الفاسدة، قبل أن يهدم بيوت الفقراء ويزهق أرواح المئات، ساعتها لم يجد شعب مصر ملجأً غير الإخوان، كانت بيوتهم وقلوبهم وعياداتهم وسياراتهم، هي الغوث والمدد واليد الحانية التي مسحت الأسى، يومها زار عاطف صدقي رئيس الوزراء بعض المواقع، فخرج عليه الشعب الغاضب يهتف: “يا حزب الكوسة روح انحل.. دا الإسلام هو الحل”.

وأضاف أنه “يومها تحرك رئيس البرلمان سرور لزيارة دائرته وهرب حين قذفوه بالحجارة، وماتت إحدى النساء تحت سيارته الهاربة”.

وأشار إلى أن “مبارك كان في الصين وعاد مسرعا ليسمع إذاعة بي بي سي وهي تلمز الإخوان بتعليق ملغوم، قال فيه المذيع: (أثبت الزلزال أن مصر فيها حكومتان، واحدة برئاسة مبارك وتسكن في قصر الحكم، والأخرى حكومة الإخوان التي تملأ أرجاء مصر)”.

وتابع: “يومها فتح الإخوان أبواب التبرع أمام الشعب، فانهالت التبرعات بالملايين على نقابات الأطباء والمهندسين، وحين قرر أبناء الذوات في الجامعة الأمريكية أن يقدموا المساعدة تركوا الهلال الأحمر وسوزان ودفعوا أموالهم لنقابة الأطباء التي يديرها الإخوان”.

وأكمل “حين جاء زلزال 92 لم يجد في استقباله جيش ولا شرطة ولا كنيسة ولا أحزاب، لكنه وجد شبابا ونساء يعشقون مصر ويخدمون الناس”.

البنا والكوليرا

وفي جائحة الكوليرا التي أصابت مصر في 1947، كانت جوالة الإخوان في عون المصريين، وأرسل الإمام حسن البنا خطابا إلى وزير الصحة المصري عن وباء الكوليرا عام 1947.

وانتقل إلى مصر من خلال الجنود الإنجليز العائدين من الهند، وهو ما أدى حينها إلى أن انعزلت مصر عن العالم خوفا من انتقال المرض؛ فتم منع السفر من وإلى مصر، فضلاً عن توقف التصدير والاستيراد.

وقال الأستاذ حسن البنا رحمه الله في رسالته “في غمرة هذه المحنة التي تهدد الصحة العامة للبلاد بوباء الكوليرا، والتي تُنادي كلّ وطنيٍّ صادق أن يسهم بكلّ ما يَسعه من جهد وطاقة، تتقدّم إدارة الجوالة العامة للإخوان المسلمين إلى معاليكم، ليحملوا نصيبهم من هذا الكفاح الوطني المقدّس، معلنين أنهم يضعون تحت تصرف وزارة الصحة أربعين ألف جوال (40000) من خيرة شباب الأمة، وزهرة أبنائها الأطهار، منبثين في جميع أنحاء الوادي من كبريات المدن والحواضر إلى صغريات القرى والكُفُور والدساكر. كلهم على أتم الاستعداد للقيام بما عُهد إليهم من أعمال لمكافحة هذا الوباء”.

وأضاف “ومما يزيد في الاطمئنان إلى جلال الفائدة المرجوة من هذا التجنيد- إن شاء الله- أن تعلموا- معاليكم- أن هؤلاء الألوف من شباب الإخوان الذين وهبوا لهذا الوطن العزيز أنفسهم وأرواحهم إنما يكونون مجموعات كاملة الأجزاء محكمة النظام بوحداتها ورؤسائها ومراقبيها ومشرفيها في انتظار الأمر بالعمل في أي مكان”.

وأكمل “ولمّا كنّا حريصين على العمل الجدى؛ لذلك نتقدم إلى معاليكم بنماذج من الأعمال التي يمكن لهذه المجموعات القيام بها علاوة على ما يراه المسئولون من تكليفهم لما يتراءى لهم، وهي:

1- نشر الدعوة الصحية في محيط القطر كله وسرعة إذاعة النشرات والتعليمات الصادرة عن الوزارة مع التكفل بإفهامها للجمهور ومعاونته على التنفيذ.

2- التبليغ عن المصابين والإصابات كل في محيط منطقته مع بعض الجمهور، على اعتبار ذلك واجبا وطنيا لا يعذر المتخلف عنه.

3- تكوين فرق مختلفة للقيام بأعمال التمريض.

4- مساعدة رجال الجيش في كافة أعمالهم؛ من حصار المناطق الموبوءة، ونقل الإشارات اللاسلكية، وقيادة السيارات.

وأكمل “يا صاحب المعالي، قد جندنا هذا الشباب الطاهر في خدمة الوطن لمحاربة هذا العدو المفاجئ، ولاشك أن هؤلاء الجنود لا ينقصهم إلا أن يتحصنوا ضد المرض بالمصل الواقي، وأن تتفق وزارة الصحة مع الوزارات والشركات والمصانع التي يعمل بها هؤلاء الإخوان على انتدابهم لهذه المهمة إذا كلفوا بأعمال نهارية تتعارض مع أوقات أعمالهم الرسمية، مع الاحتفاظ لهم بمراكزهم وأعمالهم عند زوال خطر الوباء عن البلاد قريبا إن شاء الله”.

وأضاف: “ويسرنا إلى جانب ذلك أن نضع تحت تصرف وزارة الصحة ألفا وخمسمائة شعبة (1500) من دُور الإخوان المسلمين تكون مركزا للأغراض الوقائية والعلاجية ضد هذا الوباء، ولاسيما في المناطق التي ليس للصحة بها مراكز ثابتة”.