“وراء الشمس”.. فيلم متعثر يفضح جريمة الإخفاء القسري

- ‎فيتقارير

الشريط السينمائي رغم قصره، الذي لا يتجاوز الساعتين إلا أنه يحتوي في تلك المدة الزمنية القصيرة على قصص إما تحلق بنا بعيدًا عن مشاكل وهموم الواقع، وتعطينا جرعة من الأمل حتى وإن كانت للحظات، وإما أن يكون العمل بمثابة عين ثالثة لنا، ربما ترينا الحقيقة من زوايا أخرى لم يصل إليها إدراكنا وقت حدوثها على أرض الواقع، وهذه هي وظيفة الفن السابع، توثيق الأحداث التي تمر بها الأمة، كي تكون بمثابة مرجعية للأجيال القادمة.

والسينما المصرية تعتبر أحد ميادين الصراع الحضاري، قليل هم أبناء التيارات الإسلامية الذين يخوضون غمار تلك المعارك بسبب ضعف الإمكانيات المادية لديهم، المخرج الشاب “عز الدين دويدار”، عمل مؤخرًا في مجال الإخراج السينمائي الثوري، وكانت تجربته الأخيرة فيلم “365 يوم والعكس”، والذي عرض بعد 3 سنوات من إنتاجه في مصر، على شاشة قناة “الشرق” الفضائية، بينما يواجه فيلمه الجديد “وراء الشمس” أزمة تمويل تكاد تقضي على أنفاسه.

تقول الكاتبة والصحفية آيات عرابي:” وراء الشمس فيلم قصير للمخرج عز الدين دويدار بيسلط الضوء على جريمة الإخفاء القسري، أرجو من الجميع المساهمة في دعم استكمال الفيلم بتغطية نفقات باقي مراحل الإنتاج، ودعت للمساهمة في إنتاج الفيلم وللمشاهدة وضعت عرابي برومو الفيلم على صفحتها بالفيس بوك.

ويقول عز الدين دويدار:” في الأساس لا يوجد أي تجربة سابقة للإسلاميين في السينما والدراما، غير عدد قليل جدا من التجارب المسرحية قبل ثورة يناير والتي شاركت في بعضها بشكل ما”، ويضيف:”طريقة فهم وتعامل الإسلاميين مع ملف الفن والسينما، وهو أمر يشاركني فيه الجميع، فلا أحد يستطيع أن يبرئ الحركة الإسلامية في مصر وقياداتها لعقود من التقصير والإهمال في ملف صناعة الفن والسينما”.

وعن ضعف التمويل للأفلام التي توثق ثورة يناير وجرائم الانقلاب، يضيف دويدار :” مفيش في مصر كيانات ثورية بالأساس، فيه جماعة الإخوان اللي بتدير عملية احتجاج ممتدة ووضعها صعب وإمكانياتها ضعيفة، والباقي أفراد وكيانات ومبادرات صورية أو شكلية بشكل ما” .

ورا الشمس

هناك أحداث لا يمكن أن يتجاوزها الشريط السينمائي، خاصة و إن كانت هذه الأحداث بمثابة نقطة فاصلة في حياة شعب بأكمله، وبما أننا سنتحدث عن السينما المصرية، فلابد أن يكون لثورة 25 يناير 2011 نصيب كبير من التأثير على مجريات الأمور من أحداث العمل السينمائي.

فيلم “ورا الشمس” هو فيلم درامي قصير مدته ٣٠ دقيقة من إخراج عز الدين دويدار هذا الفيلم هو إنتاج ذاتي تم الإنفاق عليه حتى الآن بتمويل شخصي ، وبمبادرة خاصة من (راديو ميدان) وتم تصويره في اسطنبول ٢٠١٧ ، ويستهدف عرضه بعدد من المهرجانات السينمائية الدولية للأفلام القصيرة وأفلام حقوق الإنسان.

وأطلقت كتيبة العمل حملة دعوة للمشاركة بالمساهمة في دعم استكمال الفيلم، بتغطية نفقات باقي مراحل الإنتاج (التلوين – الميكساج – إنتاج الموسيقى التصويرية – كامبين الإعلانات – وتغطية تكاليف التقدم للمهرجانات السينمائية)، معتبرة أن نجاح هذه التجربة في الإنتاج الجماعي التعاوني للأفلام، سيفتح فرصة للاستمرار في إنتاج أفلام تفضح الانقلاب العسكري.

الشتا اللي فات

ومن الأفلام الثورية التي وجدت من يمولها فيلم “الشتا اللي فات”، فهو لم يلق مصير “ورا الشمس” الذي تتعثر حتى الآن خطواته، وهو أيضًا يحكي عن الثورة المصرية ولكن من منظور آخر تبناه المخرج الشاب “إبراهيم البطوط”، وأيضًا في ثالث تجربة سينمائية له، ومن كتابته كذلك.

يتناول الفيلم قصة الناشط السياسي “عمرو”، الذي تم اعتقاله بواسطة أمن الدولة أثناء مظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2009، وتأثير ذلك عليه بعد خروجه، فلقد أصبح شخصية مهزوزة خائفة، يخشى الاشتراك في أي عمل ثوري نتيجة لما تعرض له من تعذيب، ومعاملة غير آدمية، وشخصية “عمرو” من خلالها نتعرف على شخصية رجل أمن الدولة “عادل”، الذي يرى أن حماية الوطن هي في تكميم الأفواه وعدم معارضة النظام.

ثم يتعرض الفيلم لنقد أجهزة الإعلام من خلال شخصية المذيعة “فرح”، التي ترفض التعتيم الإعلامي وتضليل الناس عن الحقيقة، فتذهب بتسجيل صوتي لها إلى “عمرو” الذي كانت تجمعهما صداقة قبل الاعتقال، وعندما ينشر لها هذا التسجيل، يتم القبض عليه مرة أخرى.

أيضًا هذا الفيلم لم يعتمد على الحوار بصورة كبيرة، كانت نظرات البطل معبرة جدًا عن الخوف والتردد، الذي أتقن أداءه “عمرو واكد” تماماً فعمرو واكد له تاريخ في النضال السياسي المصري ويجوز أن يكون هو نفسه ضيفًا على أمن الدولة من قبل، أمّا شخصية ضابط أمن الدولة والتي جسدها “صلاح الحنفي”، فقد كان أداؤه متقنًا ومقنعًا في ذات الوقت، وجه بلا أي تعبير، يعرض لنا المخرج شكل حياته الاجتماعية والتي تدل على ارتياح مادي يجعله ينفذ التعليمات بحذافيرها، وتجعله يتعامل مع المعتقلين من منظور أنهم خونة باعوا الوطن.

نهاية الفيلم تأتي بعد بيان التنحي الذي أذاعه عمر سليمان، فيخرج بطلنا إلى ميدان التحرير دون أي خوف ليشارك فرحة انتصار الثورة، عرض الفيلم في العديد من المهرجانات الدولية “كان، مالمو، فينيسيا، دبي” ، كما تم بيع نسخة من الفيلم لشركة كندية لشراء حقوق توزيع الفيلم حول العالم.