“وسعوا من وش العقلاء”.. تعطيل المدارس هل يمنع قتل المصريين صعقًا بالكهرباء؟

- ‎فيتقارير

لا تأتي الأمطار في مصر بنفس الحال التي جسدتها الأغاني التي تتحدث عن دفء الشتاء وأجوائه الماطرة، فلم تعد الأمطار تتسبب في الشلل المروري الذي اعتدنا عليه في أغلب المناطق والمحافظات والإغلاق التام لها فحسب، بل إن عشرات المصريين يفقدون حياتهم، وكأنها حرب تفرض على الشعب كل شتاء تحت مظلة الانقلاب.

وكم من ربة منزل تترقب مصرعها صعقًا، بينما تنتظر طفلها أمام المدرسة، وكم من سائق يترقب موته غرقًا في السيول هو وسيارته، وكم من أطفال عليهم توديع ذويهم في نهاية شتاء 2020 قبل أن يصعدوا للسماوات بشحنة كهربائية من عمود إنارة بائس بلا غطاء.

وعندها ستظل جثامينهم ملقاة على قارعة الطريق في البرد وزخات المطر ولن يجرؤ أحد على إنقاذهم، وستظل أجسادهم تنتظر جرارًا لينتشلها كالخردة أو “الروبابكيا”، بينما تأتي بعدها سيارة شرطة لتضيف في دفاتر الإهمال شهيداً تحت قائمة طويلة من الشهداء.

حكومة المجاملات!

قرر مصطفى مدبولي، سكرتير العسكر ورئيس حكومتهم، تعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات اليوم الثلاثاء، على مستوى الجمهورية، نظرًا لسوء الأحوال الجوية، وحتى تتمكن الأجهزة المعنية من التعامل مع كمية الأمطار المتوقع سقوطها.

وأكدت الهيئة العامة للأرصاد الجوية عودة كوارث السيول والصعق بالكهرباء، موضحة أن سقوط الأمطار سيكون بكثافة على عدد كبير من المحافظات.

ومن باب المجاملة أمام الشعب لا أكثر، كلف “مدبولي” بتفعيل غرفة مواجهة الأزمات بمجلس الوزراء والتي لا يعرف أحد ما دورها وأدواتها وانجازاتها، والتواصل على مدار اليوم مع سلطات الانقلاب المشلولة للتعامل مع الظروف الجوية المتوقعة والتي عادة ما يغرق فيها العسكر في شبر ماء.

وقال سياسيون وخبراء اقتصاد: إن الأمطار التي شهدتها مصر خلال الساعات الماضية، فضحت مشروعات البنية التحتية والطرق التي أنشأها جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، وشهدت الكثير من عمليات الفساد، والرشوة.

وبحسب خبراء ومختصين، فإن مصر غرقت بالفعل في “شبر ميه”، رغم المليارات التي أنفقها السفيه السيسي في مشروعات الطرق والأنفاق التي نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي كان أبرزها الطريق الدائري الاقليمي، الذي يربط محافظات شرق الدلتا بالقاهرة والصعيد، والذي تم إغلاقه العام الماضي بعد الهبوط الأرضي الذي جرى في كثير من أجزائه نتيجة الأمطار.

وكانت مدن مصر الجديدة ومدينة نصر، والمعادي والسيدة زينب، وشبرا الخيمة والوراق ووسط القاهرة، والعاشر من رمضان، تعرضت لهطول أمطار كثيفة طوال يوم أمس؛ ما أدى لغرق الأنفاق والشوارع والطرق الرئيسية والفرعية، نتيجة فشل شبكة الصرف الصحي.

سخرية وغضب

“مصر غرقت في شبر ميه”، هكذا علق مغردون بعد هطول الأمطار الغزيرة التي أغرقت شوارع وطرق القاهرة والمحافظات، أمس الإثنين، وتسببت في مشاكل كبيرة وتكدس مروري وصل إلى تعطيل الدراسة في كل أنحاء البلاد.

وعاد المغردون للتدوين عبر هاشتاج #مصر_غرقت، مذكرين بتصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي عن شبكة الطرق والبنية التحتية وتكلفتها، ومعايرة المواطنين بما أنفقته الحكومة عليها.

وكتب جون عياد: “‏مصر غرقت في شبر ميه.. وميه رايحة وميه جاية.. ما يلا لموا وهاتوا لها جلدة .. اقفلوا بيها الحنفية.. بس المطرة مش أي مطرة.. أصل التلامذة أخدوا إجازة.. ورُب ضارة تنفع لبكرا.. وعلى إيه مدارس مالهمش عازة.. خبر سعيد لكل أم.. ولا هتكوي وتصحي نايم.. يوم ترتاحيه وكفاية غم.. دول ناس جبلة مافهومش راحم”.

وغردت إيناس الشافعي: “‏الأمطار ما خلصت خلاص ولكن مكسوفين يقولوا بسبب ان ‎#مصر_غرقت في شبر ميه”. وعلق وائل سمير: “‏الأمطار غرقت مصر والمحليات في الطراوة واحنا بنتكلم على الأهلي والزمالك.. دولة ناصحة”.

بينما طالب إيهاب: “‏قولوا للسيسي القاهرة غرقت في شبر ميه.. وطريق المطار واقف من ٤ ساعات. #قاطعوا_محمد_رمضان ‎#السيسي”. وتساءلت نيرمين: “‏-كيف واجهت مصر الجديدة المحدثة بكباريها ومحاورها وشوارعها الغير معدة للمشاة، اليوم الممطر؟؟ – غرقت بردو”.

ووفق رأي الخبير الاقتصادي عبد الحفيظ الصاوي، فإن وجود الجيش في الاقتصاد المدني يعد أكبر المشاكل الرئيسية في التنمية الاقتصادية، لما يحصل عليه الجيش من مميزات لا يتمتع بها القطاع المدني، والأهم من ذلك عدم خضوعه للرقابة أو الحساب والمساءلة من الأجهزة الرقابية المعنية، باعتبار أن كل ما يخص الجيش يعد من الأسرار الحربية التي لا يجب الإطلاع عليها.

ويؤكد الصاوي أن تدخل الجيش في الاقتصاد المدني، يساعد على الفساد بشكل كبير، خاصة بعد التعديلات التي جرت على قانون المزايدات، وأعطت الحق لرئيس الحكومة في إسناد المشروعات بالأمر المباشر، وأن تكون الأولوية للمؤسسات العسكرية، وهو ما كان واضحا في استحواذ وزارة الإنتاج الحربي، بالاشتراك مع الهيئة الهندسية، على الجزء الأكبر من مشروعات حكومة الانقلاب والقطاع العام، وخاصة المشروعات التي تخضع لإشراف المحليات ووزارة الإسكان.

ويشير الصاوي إلى أن الهيئة الهندسية وحدها حصلت على مشروعات بالإسناد المباشر بقيمة 195 مليار جنيه حوالي 12 مليار دولار، حسب تصريحات المتحدث باسم القوات المسلحة، من بينها إنشاء 9 طرق رئيسية من إجمالي 15 طريقا حددتها خطة وزارة النقل، ما يعني أن الهيئة الهندسية ابتلعت مشروعات الطرق والأنفاق داخل المدن وخارجها.