يزعم أن قطر تحاول إشعال فتنة.. السيسي يتعامل مع أهالي النوبة بـ”بيادة العسكر”

- ‎فيتقارير

رغم أن المادة (236) من الدستور الحالي تنص على أنه “تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال 10 سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون”، إلا أن نظام السيسي فاقم ظلم أهالي النوبة الممتد منذ ستينيات القرن الماضي، حينما تم تهجيرهم لبناء السد العالي وبحيرة ناصر، حينما تم تحويل مجرى النهر إلى أراضيهم.

وأصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي القرار رقم 444 لسنة 2014، الذي اعتبر مساحة 110 كيلومترات من أراضي شرق بحيرة ناصر منطقة عسكرية. واعتبر أهالي النوبة هذا القرار يقطع أراضيهم التاريخية، ويحرمهم من “حق العودة”، وهو ما يخالف نص المادة 236 من الدستور الذي يعطيهم الحق في العودة لأراضيهم، خلال فترة انتقالية مدتها 10 سنوات، ويلزم الحكومة بتنميتها.

بل لجأت حكومة السيسي إلى طرح أراضي أهالي النوبة في مزاد علني، ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان، ما فاقم غضب أهالي النوبة الذين يستندون في موقفهم للمادة 236 من الدستور الصادر عام 2014، والتي نصت على حق النوبيين في العودة إلى أراضيهم خلال 10 سنوات، وعدم التصرف بأراضي بحيرة ناصر قبل إنهاء الاستحقاقات النوبية؛ ومنها إقرار قانون إنشاء الهيئة العليا لإعمار وتنمية “النوبة القديمة”.

وهي الأراضي التي كانوا قد هجروا منها خلال حكم جمال عبد الناصر، فى فترة إنشاء السد العالي وبحيرة ناصر، حيث يرى أهل النوبة أن عرض هذه الأراضي في المزاد، يعني ضياع حقوق أصحاب الأرض الأصليين.

النوبة ليست للبيع

تأتى هذه الأزمة بعد مشروع المليون ونصف المليون فدان، الذي طرحه السيسي وتم عرض أراضٍ في مناطق النوبة لبيعها بالمزاد العلني، وفور وصول الخبر إلى أبناء النوبة، هرع العشرات من المواطنين إلى قطع طريق “أبو سمبل -أسوان” يوم 19/11/2016، احتجاجا على اعتراض قوات الأمن قافلتهم، التي نظموها للمرة الثانية، متوجهين إلى منطقتي توشكى وخورقند، رافضين طرح أراضيهم للبيع، ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان؛ وأكدوا مجددا أحقيتهم بتلك الأراضي “المميزة”، التي تقع على بحيرة ناصر.

وخلال تظاهراتهم، رفع المشاركون شعارات ولافتات، نددوا فيها بالاتجاه الحكومي لبيع “أرضهم التاريخية” بالمزاد العلني، ودونوا على اللافتات شعارات “توشكى نوبية – النوبة ليست للبيع– على الدولة احترام المادة 236 من الدستور”.

وأصدرت القافلة بيانا، طالبت فيه برفع طرح أراضي خورقند من كراسات الشروط المطروحة للمزاد العلني، وإعطاء الأولوية لتمليك باقي أراضي مشروع توشكي لشباب الخريجين من أبناء محافظة أسوان، كما طالب البيان بسرعة ترسيم حدود القرى النوبية.

وعند تجمع المئات من أبناء النوبة في أسوان، رافعين مطالبهم إلى الجهات الحكومية، وبعد مرورهم من “كمين” مطار أسوان، وعند الكيلو 40 بطريق “أسوان – أبو سمبل” السياحية، تصدى كمين أمني مسلح بالمصفحات وسيارات الشرطة والأمن المركزي للمسيرة “النوبية”، مانعا مرور القافلة؛ ما دفع المشاركين إلى النزول من سياراتهم، في مسعى من جانبهم لإقناع قوات الأمن بإفساح الطريق لهم للمرور، غير أن تعليمات عليا صدرت بعدم السماح للقافلة بإكمال سيرها، تحت أي ظرف من الظروف، وهنا، بدأ الموقف في التأزم، حيث جاء الرد على الرفض الأمني بقطع الطريق في الاتجاهين، وافترش المئات الطريق.

مطالب المعتصمين

كما تصاعدت الأزمة وازدادت توترًا مع اعتداء قوات من الجيش والشرطة على المعتصمين، الذين رفعوا حزمة جديدة من المطالب، تتمثل في الآتي:

ـ تمليك بيوت النوبيين في جزر وقري شمال السد دون شروط (قري الشلال).

ـ عودة مهجري السد والخزان لقراهم ونجوعهم الأصلية طبقًا لخرائط النجوع التفصيلية قبل الخزان وتعلياته وطبقًا لمستندات المساحة وتوفير البنية الأساسية وكل الخدمات.

– توشكي وكل المدن الجديدة حق لسكان المنطقة الأصليين فقط، وعلى الحكومة وقف كل أشكال وصور البيع والمزادات وحق الانتفاع ونقل كل الوافدين الذين تم توطينهم في أراضي النوبيين، في إطار خطة وبرنامج التغيير الديموغرافي.

– الأولوية للنوبيين في التوظيف والإسكان القومي (في مدينة أسوان ومركز ناصر ومنطقة جنوب السد)، وفي كل أقاليم مصر تعطي الأولوية لأبناء المنطقة الأصليين إلا أسوان.

– الترخيص لأبناء المنطقة فقط في التنقيب على الذهب وأعمال المناجم والتعدين والرخام الجرانيت وخلافه، بدلاً من إسنادها للوافدين والمستثمرين، وتسخير عائدها وعائد المعابد في تعمير المنطقة.

– وقف كل أشكال التهميش والتطهير الثفافي والتغيير الديموغرافي الذي تقوم به الدولة ضد النوبيين، ووقف كل عمليات الاستيلاء المدنية والعسكرية على أراضي النوبيين.

– الاعتراف بالنوبيين أنهم شعب أصيل لهم حقوق، وأن تكون لهم “كوتة” في التمثيل النيابي في مجلس النواب بالانتخاب بعدد لا يقل عن عشرة نواب، وأن يكون المحافظ نوبيًا منتخبًا.

وفشلت مساعي نواب وشخصيات عامة في إنهاء الأزمة، لا سيما في ظل إصرار أهالي النوبة على تنفيذ مطالبهم وإصدار قرارات جمهورية بما تضمنته.

حكم البيادة

وحتى اللحظة تبقى أزمة النوبيين متواصلة بلا حل، في ظل حكم البيادة العسكرية التي تبتلع كل أراضي مصر ومقدراتها الاستثمارية والتاريخية والحضارية على حساب الجميع.

وحاول نظام السيسي وأتباعه تصوير الأزمة على أنها مؤامرة خارجية، حيث قال الأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر، طارق محمود، إن هناك “بعض الدول والمنظمات المشبوهة تعبث بملف النوبة وتحاول الوقيعة بين الأهالي والدولة المصرية”، مطالبا “الجميع بالحرص على مقدرات الوطن وعدم الانسياق وراء فتنة يتم التخطيط لها خارج حدود الدولة المصرية”.

بل زاد في استخدام سلاح “العبط والهبل” الذي أدمنه السيسي، وقال: إنه “تم رصد العديد من عناصر تلك المنظمات أثناء تواجدهم في قطر لتنظيم بعض الفعاليات لإحداث فتنة في جنوب مصر، زاعما أن هناك أشخاصًا تلقوا تمويلات مالية ضخمة من قطر لإشعال ذلك الملف”.

ثم أعقب ذلك المنحى، محاولة الإيقاع بين أهالي النوبة وأهالي أسوان، حيث صدَّر النظام رواية أن “أهل النوبة لا يمثلون سوى 10% فقط من سكان أسوان، وباقي الأهالي أعربوا عن ضيقهم من هذه الممارسات”، وهو ما رد عليه اتحاد القبائل العربية بتأكيد الوحدة بين النوبيين والأسوانيين والقبائل العربية، رافضين المساس بالوحدة والأمن القومي في جنوب مصر، وهو ما لا يفهمه العسكر.