لماذا يتكتم الانقلاب على تورط 7 قيادات أمنية في قتل ريجيني؟

- ‎فيأخبار

 كتب: يونس حمزاوي
تطورات جديدة تشهدها أزمة قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، والتي تحل ذكراها السنوية هذه الأيام، حيث تم اختطافه يوم 25 يناير 2016، وتم العثور على جثته يوم 3 فبراير عارية، وعليها آثار تعذيب وحشي.

ومنذ أن عرض التلفزيون الرسمي لسلطات الانقلاب مقطع فيديو للباحث الإيطالي مع نقيب الباعة الجائلين، يوم الإثنين الماضي، وعلى غير ما كانت ترغب سلطات الانقلاب، تعقّد المشهد وبات الجانب الإيطالي أكثر تشددا في معرفة الحقيقة.

من جانبها، كتبت أسرة الباحث الإيطالي رسالة إلى الرئيس الإيطالي والحكومة الإيطالية، طالبتهم فيها بعدم عودة السفير الإيطالي للقاهرة إلا بعد تسليم المتهمين في القضية والمتورطين الحقيقيين في مقتل ريجيني.

تورط 7 قيادات أمنية

وصعّد الإعلام الإيطالي من لهجته ضد سلطات الانقلاب المصرية، حيث أكدت وكالة "أنسا" الإيطالية، في تقريرها بشأن القضية، أن الشك يحوم حول 7 عناصر من الشرطة وأجهزة أمنية مصرية، استخدموا نقيب "الباعة الجائلين" محمد عبد الله كمخبر، وكانوا مسئولين لاحقا عن تصفية "عصابة الاختطاف" المزعومة، مع ادعاءات العثور على أوراق الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الشخصية في منزل شقيقة أحد أفرادها.

وكتب رئيس وزراء إيطاليا باولو جينتيلوني، عبر حسابه على تويتر، "مر عام منذ الوفاة المروعة لجوليو ريجيني، ملتزمون مع الأجهزة القضائية من أجل الوصول إلى حقيقة مقتله".

هذا وتعهد وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، باستمرار السعي من أجل الوصول إلى الحقيقة في ملابسات تعذيب ومقتل الطالب الإيطالي. ونشر "ألفانو" رسالة على موقع الخارجية الإيطالية بمناسبة الذكرى الأولى لاختفاء باحث جامعة كامبريدج، قال فيها: "مر عام على اختفائه في القاهرة، في نفس يوم ذكرى الثورة المصرية. الوفاة المأساوية لريجيني ما زالت تمثل جرحا مفتوحا ليس فقط بالنسبة لعائلته الذين ما زالوا في أفكارنا، ولكن بالنسبة لوطننا بأكمله".

"ألفانو" اعتبر أن البحث عن الحقيقة ليس "قضية خاصة"، لكنه التزام جماعي طلبته إيطاليا بقوة منذ اليوم الأول، ولن يتم التوقف عن هذا السعي"، على حد قوله.

وأردفت الوكالة الإيطالية: "انتشر مقطع فيديو التقطه سرا نقيب الباعة الجائلين لريجيني باستخدم مايكرو كاميرا تابعة للأمن، يسأله فيه الطالب الإيطالي بعض الأسئلة عن النقابة".

إيطاليا تدحض رواية الانقلاب

من جهتها، بثّت وسائل الإعلام الإيطالية مقطع الفيديو من بدايته للدلالة على أن نقيب الباعة الجائلين، بإيعاز من الأمن، كان يستنطق ريجيني لإيقاعه في الخطأ أو إلباسه تهمة تلقي تمويل خارجي، وذلك من خلال الإلحاح عليه في تلقي المال لعلاج زوجته وابنته وليس لأغراض بحثية أو نقابية. لكن ريجيني كان فطنا، إذ أكد أكثر من مرة أنه لا يملك سلطة التصرف في المال إلا للغرض العلمي باعتباره طالبا أكاديميا.

بث هذا الفيديو في الإعلام المصري بعد عام من مقتل ريجيني يثير، وفق صفوت العالم، أستاذ الإعلام المصري، تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات، فـ"التدخل الانتقائي في مادة الفيديو يثير شكوكا ستعجل أكثر بمعرفة الحقيقة".

"العالم"، أستاذ الإعلام السياسي والرأي العام بجامعة القاهرة، تساءل في حديث للأناضول: "لماذا ظهر هذا الفيديو في هذا التوقيت؟ وهل بث الفيديو في الإعلام يسبق الإعلان عن دليل دامغ في القضية أم أن له دلالات أخرى؟".

محاولات لغلق القضية

من جانبه، قال مصدر قضائي مطلع في النيابة العامة، إن إذاعة مقطع الفيديو يؤكد فقط أن الأمن كان يتابع ريجيني من خلال نقيب الباعة الجائلين، والذي سهّل للأمن مهمة مراقبة ريجيني بالصوت والصورة قبل أن ينسحب هو من المهمة. لكن الفيديو الذي تتجاوز مدته 20 دقيقة لا يثبت شيئا عن قتل ريجيني أو يكشف عن هوية قاتليه.

ولفت المصدر إلى أن "الجانب الإيطالي يركّز على إمكانية إيجاد أي ثغرة يثبت بها وجود احتكاك مباشر بين أشخاص تابعين لأي جهاز أمني، وبصفة خاصة أمن الدولة أو المخابرات، وبين ريجيني. وفي هذه الحالة ستكون هناك مساءلة للحكومة المصرية بصفتها الاعتبارية، من دون الحاجة للتوصل إلى أشخاص بعينهم قاموا باستدراج ريجيني ثم تعذيبه وقتله".

وأكد المصدر القضائي أن "خطة الدفاع التي تتبعها الشرطة" ترمي إلى هدف واحد فقط يتمثل في "قيد القضية ضد مجهول".

وتراهن الشرطة على عدم وجود أدلة تثبت وجود ريجيني في مقار احتجاز خلال تلك الفترة.
وأوضح المصدر القضائي أن "هناك رغبة لدى المحققين الإيطاليين في التحقيق المباشر مع نقيب الباعة الجائلين محمد عبد الله، لكن النائب العام نبيل صادق يرفض ذلك، باعتبار أن النيابة المصرية تطلع نظيرتها الإيطالية فقط على مجريات التحقيق، ولا تشركها فيه".

ولفت المصدر إلى أن "نقيب الباعة الجائلين قال في التحقيقات التي أجريت معه لأكثر من 15 جلسة، إن ريجيني كان جاسوسا يعمل لحساب جهة أجنبية، وأنه يرجح أن تكون هذه الجهة هي المسئولة عن قتله". وهو نفسه الاحتمال الذي روجت له أجهزة أمنية مصرية بعد مصرع ريجيني بفترة وجيزة.