كتب سيد توكل:
أثار تفجير الكاتدرائية البطرسية بالعباسية الأحد الماضي، رغم الاستحكامات الأمنية المشددة في قلب القاهرة، تساؤل صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حول مستقبل دعم الكنيسة الأرثوذكسية المسيحية للانقلاب، التي تعتبر من أشد الداعمين للسيسي في عهد تواضروس، بحكم أن قائد الانقلاب عسكري من الجيش، قادر على حمايتهم من فزاعة "المتشددين الإسلاميين"، إلا أن التفجير أثبت أن حاميها من قام بالتفجير.
وأضافت الصحيفة -في تقرير لها في 13 ديسمبر- أنه على عكس المتوقع فإن تأييد انقلاب السيسي لم يحمِ المسيحيين، ولم يمنع وقوع أكثر الهجمات دموية ضد أعرق كنيسة لهم، وهو تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية.
في غضون ذلك سارع المحامي والنائب المسيحي بالتعيين، في مجلس الشورى المصري السابق، ممدوح رمزي، إلى نفي ما يتردد في مصر بأن شهر العسل بين الكنيسة والسيسي قد انتهى.
وقال رمزي إن العلاقة بين الكنيسة في مصر، ورئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي "زواج كاثوليكي لا انفصال فيه ولا ينتهي إلا بالموت"!
مسيحيون فقدوا الثقة بالانقلاب
وتابعت "رغم مسارعة السلطات المصرية للإعلان عن اسم الجاني واعتقالها عددًا من المشتبه في تورطهم بالتفجير، إلا أن هذا الأمر أثار ريبة بعض المصريين، وبينهم مسيحيون"، حسب زعمها.
واستطردت الصحيفة "الأمر الذي أثار الريبة، أن التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية في نهاية 2010 عشية احتفالات قدوم رأس السنة الجديدة، اتهمت جماعات متشددة أيضا بتدبيره، قبل أن تكشف تقارير صحفية بعد ثورة يناير 2011 ضلوع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وزير داخليته حبيب العادلي في التفجير".
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ألمحت أن التفجير قصد به إشعال حرب طائفية بين المسيحيين والمسلمين، يمكن أن يلعب السيسي على نتائجها ويوظفها لصالحه في النهاية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 12 ديسمبر، أن تداعيات هذا التفجير قد تكون أيضا أشد خطورة من مكافحة الإرهاب، في حال أدى إلى وقوع اشتباكات جديدة بين المسلمين والمسيحيين.
صحيفة بريطانية: الأكثر دموية منذ الانقلاب
وكانت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، قالت أيضا إن التفجير، الذي وقع في الكنيسة البطرسية، يعتبر الأسوأ الذي يستهدف المسيحيين في مصر منذ تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية نهاية 2010.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها في 11 ديسمبر، أن عشرات الضحايا، ومعظمهم نساء وأطفال، سقطوا في هذا التفجير، وتابعت " المشهد كان مأساويا، حيث تحولت الجثث إلى أشلاء بعد الانفجار، وكانت الكنيسة ملطخة بالدماء، وقطع الزجاج المتناثرة في المكان".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التفجير أسفر في حصيلة أولية عن مقتل 24 شخصا، وإصابة حوالي 49 آخرين، معظمهم نساء وأطفال، مما جعله الأكثر دموية الذي يستهدف المسيحيين، حيث كان تفجير كنيسة القديسين، الذي وقع في نهاية 2010 ، عشية رأس السنة الجديدة، أسفر عن مقتل 21 شخصا.
وكان المصريون فوجئوا صباح الأحد الموافق 11 ديسمبر بانفجار مروع في الكنيسة البطرسية بالقرب من الجدار الخارجي لكاتدرائية القديس مرقس، مقر الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية في مصر، ومقر زعيمها الروحي، البابا تواضروس الثاني المؤيد للانقلاب العسكري.
وقال تليفزيون نظام السيسي إن أغلب الضحايا من النساء والأطفال، ورجحت وزارة الصحة المصرية ارتفاع عدد الضحايا نظرا لوجود جرحى في حالة حرجة.
وقد تم تكليف نيابة أمن الدولة بالتحقيق في الهجوم، في حين أخذت أجهزة الأمن المصرية كاميرات المراقبة الأمنية داخل الكنيسة لمراجعة التسجيلات.
وجاء انفجار الكنيسة المرقسية بعد يومين من هجوم بعبوة ناسفة في شارع الهرم بالجيزة، قتل فيه ستة من أفراد شرطة الانقلاب.
الأزهر يمارس دور إخفاء القاتل!
وبدوره، وصف شيخ الأزهر المؤيد للانقلاب أحمد الطيب الانفجار بالعمل الإرهابي الجبان، وقال إنه جريمة كبرى في حق المصريين جميعا، كما عبر مفتي مصر شوقي علام عن موقف مماثل، قائلا إن مثل هذه الأعمال تحرمها الشريعة الإسلامية.
وبينما قالت الكنيسة القبطية إن الهجوم لن يؤثر على الوحدة الوطنية، ذكرت مصادر بالكنيسة أن البابا تواضروس قرر قطع زيارته لليونان والعودة إلى مصر.
ودائماً ما يخرج الأزهر ودار الإفتاء منذ انقلاب 1954 ببيانات شجب وإدانة بإيعاز من سلطات العسكر، يتم فيها التلميح أو التصريح بأن مرتكب الحادث "مسلم" أو "مدني"، لإبعاد الشبهات عن أصابع الأمن والمخابرات والجيش والشرطة، كما حدث في تفجير كنيسة القديسين في 2010، والتي أثبتت التحقيقات بعد ذلك تورط وزير داخلية المخلوع مبارك في التدبير.