هويدي يطالب بفتح ملف “عسكرة الاقتصاد”

- ‎فيأخبار

كتب: حسين علام

طالب الكاتب الصحفي فهمي هويدي بفتح ملف "عسكرة الاقتصاد" الذي وصفه بالمسكوت عليه فى مصر، قائلا: "ليتنا نفتحه قبل فوات الأوان، لنزيل ما أصابه من غموض والتباس ومحاذير".

وأشار هويدي -خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم الثلاثاء- إلى بيان متحدث العسكر خلال أزمة التدخل لصرف ألبان الأطفال بسعر يزيد على المدعم، مشيرا إلى تقرير موقع «مدى مصر» فى الثالث من سبتمبر الحالى عن القطاعات الاقتصادية التى دخلتها القوات المسلحة خلال الاثنى عشر شهرا الأخيرة فقط، وكيف دخلت القوات المسلحة من خلال أذرعها المختلفة فى مجالات التموين والأوقاف وتصنيع عدادات المياه وميكنة بطاقات الحيازة وإنشاء المحال التجارية وتصنيع أدوية الأورام وتوريد صمامات ودعامات القلب وشق الطرق وإدارتها والإعلان فيها. إضافة إلى الدخول فى مجالات إنتاج الطاقة الشمسية والاستزراع السمكى على مساحات قدرت بألوف الأفدنة. وأخيرا إنتاج أجهزة تكييف الهواء وترميم معهد القلب، وصولا إلى تطوير قصر الثقافة فى كل من المحلة الكبرى وطنطا إلى جانب إنشاء المدراس الدولية التى تطبق النموذجين البريطانى والأمريكى.

وقال إنه بجانب الانتشار فى مجالات الإنتاج والخدمات فإن أنشطة القوات المسلحة تمتعت بوضع خاص تمثل فى الإعفاء من الضرائب العقارية. ذلك أن الحكومة اعفت بعض مؤسسات القوات المسلحة من تلك الضرائب، وحسب القرار الذى نشرته الوقائع المصرية فى ٣ يونيو عام ٢٠١٥. فإن قائمة الإعفاء شملت ٩ قرى سياحية و٥٢ ناديا إضافة إلى ٢٩ فندقا فى القاهرة والإسكندرية.. كما ضمت ٨ دور للسينما والمسرح، إضافة لمجموعة شركة «دهب» للسياحة و٤ معاهد للغات ومجمعات خدمية وعشرات المصايف والعقارات والفيللات والمحال الكبرى (سوبر ماركت) والحدائق.

وأشار هويدي إلى تساؤلات نور فرحات أحد مؤيدي معسكر الانقلاب عن حكاية قيام الجيش بأنشطة خارج مهمته فى حماية أمن البلاد (نص المادة ٢٠٠ من الدستور) وتدخله فى أنشطة اقتصادية آخرها توفير لبن الأطفال الذى هو من مهمة إحدى شركات القطاع العام؟ وما حكاية إقامته لمدارس مدنية بمصروفات؟ وهل التعليم المدنى وتطويره من مهام الجيش؟ وهل تخضع هذه المدارس ماليا وإداريا لرقابة وزارة التعليم، أم أن هذه الوزارة الأخيرة بلا لزوم؟ وما حكاية قيام الجيش بمشروعات الطرق وإدارته لها وتقريره لرسوم المرور فيها وملكيته للأراضى المحيطة بها؟.

وقال إنه ليس ما ذكره الرجل رأيا شاذا أو استثنائيا، ولكنه غيض من فيض يشهر علامات الاستفهام والتعجب إزاء ما يجرى، مشيرا لتسجيل للدكتور حازم حسنى الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عبر فيه عن القلق من المسار ذاته، ومما قاله أنه يقطع الطريق أمام الاستثمار لأن المستثمر لن يجذبه شىء فى بلد تسيطر فيه القوات المسلحة على الاقتصاد، ثم إن هذا التوجه يقطع الطريق أمام القطاع الخاص ويؤدى إلى ضموره.

وقال هويدي: "فى النظم الديمقراطية، الجيش يحمى الدولة،بمعنى حماية حدودها وكيانها. أما فى النظم غير الديمقراطية فإن الجيش الذى يسخر لخدمة النظام وليس المجتمع. والحاصل فى سوريا الآن يشهد بذلك، إذ يفتك الجيش وزبانيته بالمجتمع حماية لنظام الأسد. وفى مجال العلوم السياسية يستشهد بالنموذجين التركى والجزائرى. إذا اعتبر الجيش التركى نفسه منقذ الدولة الذى حال دون سقوطها إبان الحرب العالمية الأولى. وبسبب دوره فإنه أصبح مسئولا عن الدفاع عن الجمهورية والنظام الكمالى، وانطلاقا من ذلك فإنه قام بثلاثة انقلابات ونصف بدعوى حماية النظام الجمهورى. وهو ما فعله جيش التحرير الجزائرى الذى خلص البلاد من الاحتلال الفرنسى حتى اعتبر نفسه صانع الدولة وحارسها. ومنذ التحرير فى الستينيات فإن دارسى العلوم السياسية يتداولون فيما بينهم أن لكل دولة جيشا لكن الجيش له دولة فى الجزائر. كان ولا يزال حتى الآن، بدرجة أو بأخرى".

وتساءل: "فهل يعنى ذلك أن القوات المسلحة صارت بديلا عن القطاع العام. وكيف يمكن أن توفق بين مسئولياتها العارضة فى الداخل ومسئولياتها الأصيلة والكبيرة فى الدفاع عن الوطن والأمة والتصدى لأعدائها المتربصين، وإن ارتدوا ثياب «الحملان» الآن.