وصف الكاتب والمفكر فهمى هويدى الصحافة المصرية فى عهد الانقلاب الدموى بأنها "صحافة تعبوية" تخدم النظام أكثر مما تخدم القارئ، وتخاطب الانفعالات بأكثر مما تخاطب العقول، حتى باتت تحث على التهليل بأكثر مما تحث على النقد والتفكير.
وقال هويدى فى مقال بعنوان "موت صحافة الخبر" نشرته اليوم صحيفة الشرق القطرية إن موت صحافة الخبر من أصداء موت السياسة وتراجع سقف الحريات العامة. مشيرا إلى أن ذلك واضح في الأخبار والتقارير الصحفية التي باتت تنسب إما إلى مصادر سيادية أو مصادر أمنية، وكشف أن المؤسسة الأمنية المصرية هي التي تقف وراء الصحافة التعبوية، من خلال تزويدها بنوعية معينة من الأخبار والتقارير الجاهزة لديها والتسجيلات التلفزيونية التي تقوم بها، موضحا أنها المصدر الذي دأب على أن يوصل إلى الرأي العام ما يخدم سياساته وليس ما يريد أن يعرفه القارئ، ولذلك فإن مجال حركة الصحفيين بدا محكوما بحدود البث الذي ترغب فيه المؤسسة الأمنية.
وأشار هويدى إلى أن كفاءة الصحفي أصبحت لا تقاس بمقدار حصوله على الأخبار التي تهم القارئ أو تثير فضوله- وهذه أبوابها مغلقة في الغالب ــ لكنها أصبحت تقاس بمدى قربه أو بعده من تلك المؤسسة، مؤكدا أن ما صارت تتباهى به بعض المنابر الإعلامية مدعية أنه «انفرادات» لا يعبر في حقيقة الأمر عن أي جهد يبذله الصحفيون، ولكنه يعكس مدى قوة ارتباطهم بالمؤسسة الأمنية.
وأعرب عن أسفه لأن الموهبة الصحفية في هذه الحالة لم تعد مطلوبة، وأصبحت الملكة المرغوبة تتمثل في درجة الولاء الشخصي وكفاءة نسج العلاقات العامة، وهو وضع يتعذر تصحيحه ما لم تستعد السياسة عافيتها وحيويتها، وذلك أمل تحول الغيوم المتراكمة في الأفق الآن دون التفاؤل بإمكانية تحقيقه في الأجل المنظور، ما لم تحدث مفاجأة تأتينا من حيث لا نحتسب. وما ذلك على الله بعزيز.
Facebook Comments