تنكّروا للفقراء وعانقوا إسرائيل.. هل تعرض الناصريون للإخصاء؟

- ‎فيأخبار

كتب- سيد توكل:

 

"حسبهم الناس صقورًا، فكشفت ثورة يناير أنهم دجاجات تبيض كذبًا ونفاقًا في عشش الانقلاب"، هؤلاء هم الناصريون الذين يقدسون زعيم نكسة 67، بعدما قاموا بدعم وتأييد الانقلاب العسكري في 30 يونيو 2013، وبرأيهم أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي وريث عبد الناصر، وجاء مثله بمشروع وطني غير مسبوق في التاريخ، رغم ثلاثي الفشل والظلم والفساد الذي خيم على مصر وحجب عنها شمس الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. 


وثمة علاقات خاصة ووثيقة، تربط بين الناصريين المصريين والانقلابات، فجمال عبد الناصر وصل إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري أطلق عليه بعد ذلك اسم "ثورة 23 يوليو 1952"، وهو انقلاب عده العديد من الباحثين سببا في تشجيع وإلهام ضباط، في دول عربية عدة للاقتداء به، فجاء معمر القذافي وصدام حسين وحافظ الأسد بانقلابات عسكرية، أدت إلى تدمير هذه الدول.

 

بعد أن قام عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو عام 2013، بالانقلاب على نظام الرئيس المنتخب محمد مرسي، عاد الناصريون إلى سيرة التأييد المتحمس للانقلابات، إذ روج العديد منهم أن السيسي، يمثل امتدادا لجمال عبد الناصر.

 

لكن المثير للدهشة هو أن تأييد انقلاب السيسي، دمر المبادئ الرئيسية للتيار الناصري التي يقدم بها نفسه للجماهير والتي تتلخص في مساندة القضية الفلسطينية وحركات المقاومة، ومعاداة إسرائيل أو التطبيع معها، بعد أن وضع نظام السيسي الناصريين المصريين، في مواجهة واضحة مع تلك المبادئ، نتيجة سياساته المغايرة لسياسات عبد الناصر ظاهريا، فماذا فعلوا تجاه هذا الإخصاء؟ 


انتفاضة الخبز

 

وفيما يقوم المشروع الناصري على دعامتين، الأولى: الانحياز للفقراء، والثانية: مناهضة كيان الاحتلال الصهيوني، المفارقة أنه رغم غلاء الأسعار وانهيار الاقتصاد وخروج مئات المصريين في انتفاضة الخبز الأسبوع الماضي، لم ينبرِ قلم ناصري واحد أو يخرج أحد أتباع زعيم النكسة في أي فضائية ولو بإدانة وشجب لسياسات القمع الاقتصادي التي يطبقها عبد الفتاح السيسي ضد الفقراء.

 

وعندما فاحت فضائح نظام السيسي في غرفة نوم كيان الاحتلال الصهيوني، واللقاءات السرية في الأردن والعلنية في القاهرة، التي انبثق عنها اتفاقات بتوطين الفلسطينيين في سيناء وردم القضية الفلسطينية التي كان يفخر بها دوماً الإله الأكبر للناصرية جنرال نكسة 67، لم ينفر الناصريون بالغضب خفافاً وثقالا، ويغدون بالتنديد والوعيد خماصاً وبطاناً، وهو ما كشف تخاذلهم أو تعرضهم للإخصاء طوعاً أو كرهًا.


وبرأي خبراء عندما انحاز الناصريون للانقلاب، لم تكن مفاجأة، فعبد الناصر هو أحد ضباط الجيش، وتنظيمه سمي بـ”الضباط الأحرار” ولم يكن قائداً لحركة شعبية، ولهذا فالبيان الأول لم يطلب من الجماهير الخروج والالتحام بـ”الحركة المباركة”، وإنما طالبهم الالتزام بالهدوء، هذا فضلاً عن أن المشروع الناصري قام على العداء مع الديمقراطية، وفي التطبيق لم يعد من الادعاء أن الحكم الناصري كان نموذجًا في انتهاك أدمية الناس.

 

وعندما انحاز الناصريون للانقلاب العسكري، في 3 يوليو 2013، والذي تجلى استبداده من أول لحظة بالقبض على الإعلاميين، وإغلاق القنوات الفضائية، لم تكن مفاجأة، حتى عندما نجد من بين المنحازين له من هتفوا معنا قبل الثورة وبعدها بسقوط حكم العسكر، فهذا هتاف هو شيء لزوم الشيء، وهو يشبه رفع صور عبد الناصر في انتفاضة القضاة، مع أن المرفوعة صوره هو صاحب المذبحة الشهيرة، التي أطاحت بمائتي قاض، دفعة واحدة!


السيسي هو عبد الناصر!

 

وبعد الانقلاب العسكري، روّج الناصريون في دعايتهم بأن السيسي هو عبد الناصر، من حيث سعيه للاستقلال الوطني، وكانوا يدعون أنه “خليفة” زعيم النكسة، وأنه وريثه الشرعي على النحو الذي ذكره نجل الزعيم الراحل، “عبد الحكيم عبد الناصر”، من أن السيسي هو خليفة والده الوحيد!.

 

وكان الناصريون يؤلفون القصص، ويفبركون الأخبار، ليؤكدوا أن روح عبد الناصر حلت في جسد السيسي، وكيف أن الأخير أغلق الهاتف في وجه “أوباما”، وكيف أنه جاء على غير الإرادة الأمريكية التي كانت منحازة لحكم الإخوان، وكيف أن كيان الاحتلال الصهيوني شعر بالهلع عندما رأى قائد الانقلاب ببزته العسكرية، وهي التي كانت في حلف مع الرئيس محمد مرسي، والدليل على وجود هذا الحلف هو رسالة “عزيزي بيريز”، المنسوبة للرئيس المنتخب.


يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي سليم عزوز، في تغريدة له على فيس بوك: "عندي اقتراح نكتشف به هل السيسي هو جمال عبد الناصر أم محمد حسني مبارك؛ يتمثل في أن يعلن السيسي بنفسه وبدون ترويج أخبار مفبركة رفضه للمعونة الأمريكية “وش”.. وتمزيقه لاتفاقية كامب ديفيد “وش”. وطرده للخبراء الأمريكان من القاهرة وعددهم 30 ألف أمريكي “وش”.. وإبلاغ السفيرة الأمريكية أنها شخصية غير مرغوب فيها لتدخلها في شؤون البلاد “وش”.. بلا كلمة في التليفون.. بلا رفض طلبه في التليفون.. بلا برق له بعينه عبر التليفون".

المثير للسخرية والضحك أنه في الفترة التي كان يتم الترويج لدعاية مفادها أن الرئيس الأمريكي اتصل هاتفياً بالسيسي يناقشه في بعض الأمور الداخلية فاعتبر السيسي أن طلبه مرفوض، وتدخلاً في السيادة الوطنية، ومن ثم فقد أغلق الهاتف في وجهه، وبعد هذه الدعاية بأيام، كان السيسي يشكو في حوار مع صحيفة أمريكية من أن الرئيس الأمريكي لا يتصل به، في حين أن هناك اتصالاً يومياً بينه وبين وزير الدفاع الأمريكي!


الآن وبعد مرور أربع سنوات لم يعد خافياً على أحد، أن ما جرى في مصر من انقلاب على الشرعية، وعلى إرادة الشعب المصري كان بترتيب دولي وإقليمي، وباعتراف قادة الانقلاب أنفسهم، فالدكتور محمد البرادعي ذكر أنه ظل ستة أشهر حتى أقنع الاتحاد الأوروبي بالانقلاب على الرئيس المنتخب، وطوال هذه السنوات الأربع الناصريون بين مطبل للانقلاب الذي دهس الفقراء وتحالف مع الأعداء، ومتمرمغ في نعيم العسكر، والقلة القليلة جدا انحازت للحق فتم نفيها من فردوس الناصرية الذي يضم ثلاثي أضواء المسرح الناصري، الزعيم الموسمي حمدين صباحي، ورفيق دربه “عبد الحليم قنديل”، و“عبد الله السناوي”، والقطب الناصري التاريخي “كمال أحمد” الذي تمطع في برلمان الدم، وقال: “ندعم السلام الدائم مع إسرائيل”!