كتب سيد توكل:
"الديكتاتور" هكذا تصف الصحف الدولية والعالمية، عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر، فمنذ استيلائه على الحكم ولا يتم وصفه سوى بالديكتاتور الذي دمر مصر، لكنهم في الوقت ذاته يؤكدون أن ديكتاتوريته متهالكة وآيلة للسقوط.
و"ديكتاتورية مصر آيلة للسقوط"، هو عنوان مقال للكاتب البريطاني جاك شينكر لتسليط الضوء على اﻷوضاع التي تعيشها مصر، ومحاولة نظام السيسي تثبيت أركان حكمه بشتى الطرق، في صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية:" إن مشروع العاصمة الجديدة الذي أطلقه عبدالفتاح السيسي من بعض الزوايا يظهر قوته وتناسقه، إلا أنه يبدو وكأنه مجموعة أشياء متهالكة، يمكن أن تنهار جراء أي عاصفة غير متوقعة من الرياح.
دعاية عسكرية للفشل!
وقال جاك شينكر في مقاله، أن مستقبل مصر الكاذب أصبح علامة مكتوبة في اﻷقواس على طريق الصحراء الشرقية، إنه مشروع كبير ملفوف في بضع قطع من القماش المشمع في وسط صحراء هائلة، المشهد جزء من الخيال العلمي للواقع المرير، وكأنه جزءا من الغرب المتوحش.
وأضاف، أن الجنرال العسكري الذي تحول لديكتاتور، قال "هدفنا بناء مصر جديدة"، ولكن حتى الآن ليس هناك الكثير الظاهر في المدينة الجديدة، ولكن الخطوط العريضة لمجمع المطاعم، وأساسات المركز تجاري، والفندق المملوك للجيش قائمة، ويعمل على إنشاء هذه الوحدات مجموعة مختلفة من الشركات.
وأشار إلى أن أساسات المشروع صلبة وتظهر قوتها وتناسقها مع ما حولها، ومع ذلك يبدو وكأنها مجموعة أشياء متهالكة، يمكن أن تنهار جراء أي عاصفة غير متوقعة من الرياح، مشيرا إلى أن مظاهر استبداد المدرسة القديمة ظاهرة حاليا أكثر من أي وقت مضى؛ من 60 ألف سجين سياسي يعتقد أنهم وراء القضبان، مرورا بموجة من حالات الاختفاء القسري، والحملة التي تشنها الحكومة على الكتاب والصحفيين ورسامي الكاريكاتير، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وليس انتهاء بقانون التظاهر، وقانون مكافحة الإرهاب وغيرها الكثير.
مستنقع المؤامرة
وأشار الكاتب في مقاله، مشروع الانقلاب يبدو مستقر، إلا أنه غير ذلك، ويترنح من أزمة إلى أخرى، وكل المشاكل الجديدة تكشف بنية السلطة السياسية، والتي يرافقه مستويات جديدة من العنف الرسمي كجزء من محاولة غير مجدية للتغلب على اﻷوضاع الصعبة.
وأضاف أن النظام يزرع القومية الشوفينية بهدف زيادة شرعيته، ولكن في نفس الوقت يعتمد على الدعم المالي من الحلفاء الإقليميين، إلا أن واحد من هؤلاء الحلفاء، السعودية، تطالب بتسوية نزاع على الأرض من خلال نقل جزر في البحر الأحمر لسيادتها، واذعنت للحكومة – مما دفع الآلاف من المصريين إلى النزول للشوارع في حالة غضب.
واشار جاك شنيكر، أن نظام السيسي يحاول أن يثبت للمجتمع الدولي أن مصر مفتوحة لرجال الأعمال، ولكن بعد ذلك يتخبط في مستنقع من نظريات المؤامرة، وخير شاهد ما حدث لجوليو ريجيني الطالب الإيطالي الذي وجد في حفرة وجثته عليها علامات تعذيب واضحة، لكن لا أحد يعرف ما التقلبات والمنعطفات والاضطرابات القادمة في مصر ، ولكن من الواضح أن الركود ليس خيارا على المدى الطويل، لهؤلاء الأطفال، كانت الثورة الأم الجديدة، الأمر الذي جاء بهم إلى عالم الكبار.
وحشية وغباء اقتصادي
فيم رأى كينيث روث، المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية هيومن رايتس ووتش، أن المقارنة بين عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، والديكتاتور التشيلي بيونشيه، ليست قياسية، معتبرًا أن السيسي أكثر وحشية حتى من بيونشيه.
وقال كان بيونشيه ديكتاتورا وحشيا، لكنه أصلح الاقتصاد للدولة خلال فترة حكمه، فرغم أن التشيلي بدأ عهده بقتل الرئيس المنتخب وتعليق الدستور وإعلان تشيلي دولة عسكرية خاضعة لحكم المجلس العسكري، والتي استمرت 17 عامًا، وعرفت فترة حكمه بتكميم أي أصوات معارضة له مع حرمان النشاط السياسي للأحزاب والمعارضين وقتل أكثر من 3 آلاف، وسجن وتعذيب أكثر من 27 ألفًا، فإن فترة حكمه شهدت ازدهارًا اقتصادية، حيث أجرى إصلاحات لعمل سوق حرة قادت بلاده إلى الديمقراطية.
أما السيسي في أقل من عام على حكمه وعامين على الانقلاب تفوق عليه في الأرقام، حيث قتل أكثر من 2500 شخص، سواء في التظاهرات الرافضة له أو في السجون تحت وطأة التعذيب والإهمال الطبي، أو أثناء مطاردة معارضيه، بينما يقبع في عهده نحو 40 ألف معتقل سياسي في السجون المصري، ولم يلح في الأفق أي مظاهر لتطور اقتصادي قادم، بل تدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل مزرٍ وتكبدت البورصة خسائر فادحة.